تعتبر العدالة من الدعائم الأساسية والركيزة التي تقف عليها أركان الحكم الراشد وبغيابها أو عدم إعطائها الأهمية القانونية في تنظيم صيرورة المجتمع ومواكبتها لمختلف التطورات الاجتماعية والسياسية الجارية قد تنجر عنه اختلالات في البنى واضمحلال أو تراجع ذلك الرابط المتين بين الحاكم والمحكوم ألا وهي المصداقية والثقة المتبادلة.. ومن هذا المنطلق أولت الجزائر قطاع العدالة أهمية قصوى في سبيل الوصول إلى تحقيق عدالة ذات نوعية في ظل احترام مبادئ العدل والمساواة، وهي من أهم الأهداف المسطرة في مسيرة إصلاح القطاع بفضل توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي جعله من ضمن أولوية الأولويات في سياسته الرشيدة الرامية إلى إقامة دولة الحق والقانون منذ انتخابه على رأس الدولة سنة .1999 وبالتأكيد لم يكن بالإمكان أبدا أن يحقق قطاع العدالة هذه الطفرة والنقلة النوعية لولا المجهودات والإمكانيات الكبيرة التي سخرتها الدولة لتحقيق هذه القفزة وهذا بتوفير كل الوسائل الضرورية اعتمادا أولا على التكوين القاعدي والمستمر للقضاة إلى جانب طبعا التكوين التخصصي، وفي هذا الإطار كشف تقرير وزارة العدل عن استفادة 113 قاضي من تكوين متخصص في الخارج لمدة سنة كاملة، كما استفاد أيضا 528 قاضيا آخرمن دورات تكوين قصيرة المدة في مواضيع مختلفة، بالإضافة إلى التكوين الذي يتم على مستوى المعاهد العليا بالجزائر تطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية الهادف إلى زيادة عدد القضاة بنسبة 50 بالمائة مع نهاية سنة 2009 ليرتفع العدد إلى 3582 قاضيا بعدما كان لا يتجاوز2500 قاضيا سنة 1999 مع وجود 900 طالب قاضيا في طور التكوين وبالتالي استكمال برنامج الرئيس بتوظيف 1500 قاضيا، كما عمدت الوزارة إلى إعادة النظر في المنظومة التشريعية والقانونية لتكريس أهم المبادئ التي تقوم عليها دولة الحق والقانون ألا وهي تقريب العدالة من المواطن وهذا بصدور قانون التنظيم القضائي وقانون الإجراءات المدنية والإدارية مع العمل على تحيين التشريعات وتكييفها مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي وذلك بمراجعة وإصدار قوانين عديدة منها قانون الأسرة، قانون الجنسية وإعداد مشروع خاص لحماية الطفولة، ودائما في مجال إصلاح العدالة الذي باشرته وزارة العدل فقد تمت مراجعة القوانين التي لها علاقة بالحياة الاقتصادية والتجارية ضمانا لتحقيق تنمية وطنية شاملة ومنها القانون المدني الذي كرس مبدأ الحرية في المعاملات الدولية، وأقر مبدأ الكتابة الالكترونية كوسيلة إثبات والاعتداد بالإمضاء الالكتروني والقانون التجاري الذي أدخلت عليه تعديلات فيما يتعلق بالإيجار التجاري تطبيقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، كما تم إصدار تدابير وقائية للحد من إصدار شيكات بدون رصيد وتشجيع التعامل بالأوراق التجارية، أما في مجال حماية المجتمع من ظواهر الإجرام المتزايدة، فقد صدرت عدة قوانين منظمة وتتعلق بالقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومحاربته، الأمر المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج حماية للاقتصاد الوطني، إصدار القانون المتعلق بالتهريب، قانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع استعمال والاتجار غير المشروعين بهما، وقانون آخر يتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما. كما عرف قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية بدورهما تعديلات كثيرة اعتمد فيهما حسب نفس البيان ضمان احترام أهم مبادئ حقوق الإنسان ومحاربة جميع أشكال اللصوصية التي تهدد امن وسلامة المجتمع، مع سن قوانين ضامنة لقرينة البراءة والحد من الحبس التعسفي والتعويض عن الخطأ القضائي وبذلك فإن المنظومة التشريعية تعززت بصدور ما مجموعه 132 نص تشريعي وتنظيمي مست مختلف الجوانب ذات الصلة بأعمال السلطة القضائية، أما فيما يتعلق بعصرنة العدالة فقد تم إدخال وتعميم استعمال التكنولوجيات الحديثة في الإعلام والاتصال وإعطاء الأولوية لتحسين أداء الخدمة العمومية والتوجه نحو نظام إعلامي موحد، وفي قطاع السجون فإن الإصلاحات المقدمة تهدف إلى إقامة نظام عقابي متطور يتماشى مع المبادئ التي التزمت بها الدولة الناجم عن الاتفاقيات الدولية الموقعة بما يحقق منظومة عقابية توافق المعايير المعمول بها من خلال إصدار قانون تنظيم السجون الذي رسم سياسة عقابية جديدة متطورة وخاصة في مجالات حقوق المحبوسين وإضفاء مزيد من الشفافية في تسيير السجون واعتماد أحسن الأنظمة في مجال إعادة الإدماج الاجتماعي وإشراك المجتمع المدني. ------------------------------------------------------------------------