حلّ المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، أمس الأول، بالعيون المحتلة، في زيارة إلى الصحراء الغربية تتبعها زيارات إلى المنطقة، يعقد خلالها اجتماعات ومشاورات مع جميع الأطراف المعنية حول آفاق إحراز تقدم بناء للمسار السياسي بالصحراء الغربية، قبل نشر تقرير الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) بمجلس الأمن الدولي في شهر أكتوبر. زيارة دي ميستورا هي الثالثة منذ تعيينه في أكتوبر 2021، بعد تلك التي قام بها في جانفي وجويلية 2022 إلى المغرب ومخيمات اللاجئين الصحراويين، حيث التقى بعديد المسؤولين في جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي، وإلى موريتانيا والجزائر البلدين الجارين والملاحظين. ولم يتمكن المبعوث الأممي خلال الزيارتين السابقتين من دخول الأراضي المحتلة، بسبب العراقيل التي وضعها المغرب، والذي لجأ هذه المرّة أيضا إلى القمع والعنف لمنع الصحراويين من لقاء دي ميستورا وإبلاغه معاناتهم وقهرهم في ظلّ تسلّط الاحتلال. ومن المقرّر أن يصوّت مجلس الأمن الدولي، في أكتوبر المقبل، على قرار بشأن قضية الصحراء الغربية. حدث طبيعي في السياق، أكدت وزارة الإعلام الصحراوية أن زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، للمناطق الصحراوية المحتلة، «يجب أن تكون حدثا طبيعيا لكونه ينسجم مع مسؤولية الأممالمتحدة تجاه الإقليم وشعبه وكذلك مهام ودور المبعوث الشخصي للأمين العام». وأكدت الوزارة، في بيان لها، على أن هذه الزيارة «لا ينبغي أن تكون غاية في حد ذاتها، وإنما يجب أن تشكل فرصة حقيقية له للاطلاع المباشر وغير المقيد على سجل القمع والحصار، وخاصة المفروض على مدينتي العيون والداخلة المحتلتين». وفي ظل قيام دولة الاحتلال بتشديد حصارها العسكري المفروض على المناطق الصحراوية المحتلة ونشر المزيد من قواتها الأمنية والبوليسية في عدة مدن صحراوية، بالتزامن مع زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، حمّلت الوزارة، المغرب كامل المسؤولية عما قد يقدم عليه من حملات قمع وتصعيد جديدة خلال تواجد دي ميستورا، داعية مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتهما في حماية المواطنين الصحراويين العزل. عنف أمام أعين المسؤولين الأمميين وبالفعل لم يتردّد الاحتلال المغربي في الاعتداء على وقفة احتجاجية سلمية نظمتها الجماهير الصحراوية بشارع السمارة بالعيون المحتلة، تزامنا مع زيارة دي ميستورا. ووفقا لمصادر صحراوية، فإن سلطات الاحتلال المغربي استعملت القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين ومنعهم من حقهم في التعبير والتظاهر السلمي للمطالبة برحيل الاحتلال المغربي وضرورة ممارسة الشعب الصحراوي لحقه المشروع في الحرية وتقرير المصير والاستقلال. وقد أدى هذا التدخل إلى إصابة مواطنين صحراويين بجروح متفاوتة الخطورة وإلى مطاردة المتظاهرين في مختلف شوارع وأزقة المدينة والاعتداء عليهم لفظيا باستعمال عبارات عنصرية تنم عن الحقد والكراهية. في السياق ذاته، اعتدت قوات القمع المغربية على الناشطة والمعتقلة السياسية الصحراوية محفوظة بمبا لفقير بشارع السمارة بمدينة العيون المحتلة أثناء مشاركتها في المظاهرة، حيث قامت بتوزيع المناشير المؤيدة للجبهة الشعبية وقامت برفع الأعلام الوطنية. وخلال التظاهرة، قامت قوات القمع المغربية بتدخل عنيف ضد المتظاهرين الصحراويين، حيث قاموا بضرب وسحل النساء وأصيب عدد من المتظاهرين بإصابات مختلفة، أما محفوظة فتم ضربها ضربا مبرحا حتى أغميَ عليها وتم نقلها للمستشفى. إنجاز بفضل الكفاح والصمود ورغم صعوبة وتعقّد مهمّة دي ميستورا، بسبب المماطلات والمناورات المغربية لمنعه من إيجاد حل لآخر مستعمرة في إفريقيا، يرى الصحراويون بأن بلوغ المبعوث الأممي للأراضي الصحراوية الواقعة تحت الاحتلال المغربي العسكري غير الشرعي، هو إنجاز كبير ما كان ليحصل لولا كفاح وصمود وإصرار الصحراويين. وقد أصدرت وزارة الإعلام الصحراوية بيانا صحفيا قالت فيه، إنه بعدما قامت دولة الاحتلال المغربي أكثر من مرة، وفي ظل إفلات تام من العقاب، بعرقلة زيارات المبعوث الشخصي للإقليم، بما فيها الزيارة التي كان ينوي القيام بها في شهر جويلية 2022 من خلال جملة من «الشروط المسبقة» التي رفضها المبعوث الأممي، مما أدى إلى تأجيل الزيارة، ترضخ اليوم صاغرةً لشروط الأممالمتحدة وتمسكها بضرورة أن تتم الزيارة طبقا لنفس المعايير التي حكمت زيارات قام بها المبعوثون الأمميون السابقون للإقليم. وجدّدت جبهة البوليساريو استنكارها الشديد لهذا الوضع «الشاذ» الذي أصبح فيه مبعوثو الأممالمتحدة بحاجة إلى «موافقة» دولة الاحتلال المغربي لزيارة الإقليم الخاضع لعملية تصفية استعمار تحت رعاية الأممالمتحدة. وأكّدت أن زيارة المبعوث الشخصي للمناطق الصحراوية المحتلة، لم تحصل «كهبة» من أي كان وإنما هي نتيجة لكفاح وصمود الشعب الصحراوي، وبخاصة في المناطق المحتلة، وإصرار الطرف الصحراوي على أن أي زيارة للمنطقة لا تشمل المناطق الصحراوية المحتلة هي زيارة لا معنى ولا حاجة لها. ولكون الصحراء الغربية إقليماً خاضعاً لعملية تصفية استعمار تحت رعاية الأممالمتحدة وحيث توجد به بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) منذ 1991، فإن زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للمناطق الصحراوية المحتلة يجب أن تكون حدثاً طبيعياً، لكونه ينسجم مع مسؤولية الأممالمتحدة تجاه الإقليم وشعبه وكذلك مهام ودور المبعوث الشخصي للأمين العام. في هذا السياق، تؤكد جبهة البوليساريو على أن زيارة المبعوث الشخصي للمناطق الصحراوية المحتلة، لا ينبغي أن تكون غاية في حد ذاتها، وإنما يجب أن تشكل فرصة حقيقية للمبعوث الشخصي للأمين العام للاطلاع المباشر وغير المقيد على سجل القمع والحصار، وخاصة المفروض على مدينتي العيون والداخلة المحتلتين، فضلا عن النهب الممنهج والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والممارسات الهمجية وغير الإنسانية التي يندى لها الجبين التي يتعرض لها المدنيون الصحراويون عموماً والمدافعون عن حقوق الإنسان بشكل خاص يومياً في المناطق الصحراوية المحتلة بسبب نشاطهم السلمي ودفاعهم العلني عن حق شعبهم في تقرير المصير والاستقلال. كما يتعين على المبعوث الشخصي أن يشهد بشكل مباشر وضعية المعتقلين والسجناء السياسيين الصحراويين داخل سجون دولة الاحتلال المغربي وما يتعرضون له من تعذيب وممارسات مهينة وانتقامية وحرمان من أبسط الحقوق.