النظام الدولي فاشل وتتحكم فيه القوة والمصلحة أكد عميد كلية الحقوق والعلوم القانونية بجامعة البليدة-2، عبد الصمد عقاب، أن الاعتداءات الوحشية على الفلسطينيين من قبل الكيان الصهيوني، أثبتت بأن المجتمع الدولي أصبح عاجزا عن توفير السلم والأمن وتحقيق العدالة الدولية، وهو الهدف التي تأسست من أجله هيئة الأممالمتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية. تطرق الأستاذ الجامعي، المتخصص في القانون الدولي الجنائي، إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تختص بمحاكمة كبار مجرمي الحرب الدوليين ومرتكبي جرائم الحرب والعدوان والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، حيث أوضح بأن واقع الحال يُثبت بأن ثمة ازدواجية في تطبيق القوانين، خاصة لما يتعلق الأمر بخرق هذه القواعد من قبل الكيان الصهيوني أو الولاياتالمتحدةالأمريكية. في هذا الصدد، أثار الباحث الأكاديمي في تصريح ل «الشعب» الأفضلية التي تتمتع بها الدول الكبرى بامتلاكها حق «الفتيو»، حيث استعمل هذا الحق 43 مرة لحماية الكيان الصهيوني من المساءلة الدولية وتجنب تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يؤكد بأن القانون الدولي تحكمه المصالح وبدرجة أولى مصالح الدول الكبرى، خاصة التي لها حق «الفيتو». وفيما يخص الأحداث الأخيرة التي جرت في قطاع غزة منذ بدء العملية العسكرية «طوفان الأقصى»، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية دفاعا عن أرضها والمقدسات الإسلامية، يرى الأستاذ عقاب بأن أرض فلسطين هي أرض محتلة في نظر القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة وبالتالي من حق مواطني غزة تقرير مصيرهم، بالنظر إلى أحكام هذه القرارات. وأضاف في هذا السياق، بأن خبراء حقوق الإنسان في العالم وفي هيئة الأممالمتحدة وصفوا العدوان الهمجي الصهيوني على فلسطين، بأنها جرائم إبادة وضد الإنسانية، خاصة مع الغارات التي استهدفت حتى المستشفيات والمدارس. وإذا ما أخذنا بفحوى القانون الدولي، يمكن تشكيل ملف ورفع دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولكن ازدواجية المعايير التي تخضع القوانين الدولية لحسابات مصالح الدول الكبرى، التي تمنع من تحقيق العدالة وتؤسس «لمنطق قانون القوة وليس لمبدإ قوة القانون». وفيما يخص اتفاقية جنيف، التي تصنف النزاع المسلح على أنه دولي أو مختلط، فإن معظم قواعد القانون الدولي الإنساني الخاصة بحماية المدنيين بالأخذ بمبدإ التناسب ومبدإ اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين، هي قواعد عرفية تُطبق، بغض النظر عن طبيعة النزاع المسلح التي تضمنته اتفاقية جنيف، بحسب ما أكده عميد كلية العلوم القانونية بالبليدة. وأكد العدوان الصهيوني خرقه لأحكام الاتفاقيات الدولية والأعراف الدولية، وحتى القواعد الدينية التي تمنع التعدي على المدنيين العزل. وتم توثيق جرائم الإبادة التي اقترفها الكيان الصهيوني من قبل كل العالم، لتكون دليلا قاطعا وتكفي لمساءلته ومحاكمته، وإلا ستفقد المواثيق الدولية شرعيتها، خاصة مع ضعف الرقابة التي تقوم بها الهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية. في هذا الإطار، أوضح البروفيسور عقاب، بأن المشكل لا يكمن في أحكام التشريعات الدولية فحسب، مشيرا إلى أن قواعد القانون الدولي الإنساني توفر الحماية اللازمة للمدنيين والأعيان المدنية، وإنما يتعلق الأمر بالآليات الرقابية التي تلزم الدول بهذه القواعد، ولعل أهم آلية –بحسبه- وهو مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية ومدى تحقيقهما للعدالة الدولية. وصرح الأكاديمي الجزائري في هذا الخصوص: «في الحقيقة المشكل أعمق من هذه الآليات (يقصد الرقابة على مدى تطبيق التشريعات الدولية)، بل يرجع إلى الأممالمتحدة كمنظمة دولية أصبحت شيئا فشيئا تقترب من عجز فادح في تحقيق أحد أهم أهدافها وهو حماية حقوق الإنسان، ولا مبالغة إذا قلنا، مرة أخرى، إن المشكلة أعمق من الأممالمتحدة كمنظمة عالمية تعبر عن الحلم العالمي بالسلام والأمن والحياة الكريمة، تلك الأحلام تبددت وتكسرت بسلاح أمريكي ويد صهيونية ودعم أوروبي وتخاذل عالمي، وعليه فإن الفشل لا يتوقف على الأممالمتحدة، بل يصل إلى فشل نظام دولي مازال يتحكم فيه عاملان مهمان القوة والمصلحة، وهذا ما يدعو جميع الدول إلى ضرورة المطالبة بنظام دولي أكثر عدالة وتمثيلا لمختلف دول العالم على أسس عادلة».