أجمع خبراء اقتصاديون في تصريح ل«الشعب"، أن قانون المالية أثبت أن الدولة تجعل المواطن أولوية قصوى، في خضم ما يشهده العالم من أزمات اقتصادية بفعل تداعيات الأزمة الصحية والجيوسياسية. يرى العديد من المتابعين، أن قانون المالية لسنة 2024 حدّد بعض الأولويات، كالحفاظ على القدرة الشرائية والدفع أكثر بموضوع استقطاب الاستثمار، بالإضافة إلى مكافحة الغشّ والتهرب الضريبي وتعبئة الموارد والتسهيلات الجبائية وتبسيط الإجراءات، وتعزيز ملف رقمنة القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالاقتصاد الوطني. ويرى الخبير الاقتصادي وعضو لجنة المالية السابق بالمجلس الشعبي الوطني الدكتور هواري تيغرسي، أن قانون المالية للعام المقبل هو قانون اقتصادي بأبعاد اجتماعية بامتياز، الهدف منه هو الحفاظ على القدرة الشرائية. ويتجلّى ذلك من خلال التحفيز والحفاظ على القدرة الشرائية عبر عدة آليات، أبرزها الزيادات المباشرة في الأجور وتخفيض الرسومات وإلغاء بعضها، والتي من الممكن أن تؤثر على أسعار السلع بشكل إيجابي بالنسبة للجميع. وأضاف تيغرسي، أنه بالإضافة إلى هذا، حمل مشروع القانون تفعيلا لمناخ الاستثمار بفضل قوانين مهمّة جدّا محفزة للاستثمار، مستشهدا بقانون المقاول الذاتي الذي تراجع الرسم فيه من 5٪ إلى 0,5٪ في مشروع هذا القانون، وهي مؤشرات توحي - بحسب محدثنا - بتفعيل وتحسين مناخ الاستثمار بصفة عامّة، وهو ما يصب - في نهاية المطاف - في صالح المواطن. من جانب آخر، يرى المتخصص في الاقتصاد أنه ينبغي الحرص على شرح تفاصيل ما جاء به قانون المالية لعام 2024، فهو يحمل ضمانات وكفل حق الحكومة في مرافقة المؤسسات الأجنبية الناشطة بالجزائر للحصول على كل المعلومات المتعلقة بنشاطها، بالخصوص التصاريح السنوية حول أسعار الصرف المطبّقة، مشيرا إلى أن مثل هذه الإجراءات تدخل في إطار ما يعرف بالمحاسبة العمومية بطريقة عقلانية، مذكرا بأن المؤسسات الأجنبية تعي جيّدا أن النظم الضريبية في بلدانها، أكثر شدّة من النظام الضريبي في الجزائر. وأوضح تيغرسي - في السياق - أن أبرز النقاط بالقانون، هي تلك التي جاءت في صالح المواطن بالدرجة الأولى، والتي ستعزز قيمة الأجر الحقيقي وتسهم في تخفيض الأسعار في المراحل القادمة. من جهته، يرى الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي، أن مشروع قانون المالية لسنة 2024 يوازن بين الجانب الاجتماعي المتمثل في الضروريات التي تمكن من المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن، على ضوء محيط عالمي متغير ومليء بالضغوط، والجانب الاقتصادي خاصة فيما يتعلق بنسبة التضخم على المستوى العالمي، أو أسعار العديد من المواد. لذلك، فإن هدف المحافظة على القدرة الشرائية كان بارزا بامتياز في مضمون مشروع قانون المالية للعام الداخل. وأضاف كاوبي، أن أنظمة الدعم بقيت على حالها، إذ حافظت الدولة على مستوى عال من الدعم، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من الإجراءات التي تم وضعها من أجل التقليل من أثر التضخم على الاقتصاد الوطني، خاصة الإعفاءات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة أو الإعفاء الكلي من هذه الضريبة في بعض الحالات، بالإضافة إلى تخفيض الرسوم الجمركية بشكل ملحوظ على العديد من المواد مثل اللحوم البيضاء واللحوم الحمراء. في السياق ذاته، أوضح محدثنا أن الجانب الاجتماعي برز بشكل لافت في مشروع هذا القانون، من خلال الزيادة في أجور الموظفين والعمال للسنة الثانية على التوالي، كما سيتم مراجعة التعويضات بالنسبة لمنح المتقاعدين. من جانب آخر، قال كاوبي إن الجانب الاقتصادي أخذ حيزا هاما من مضمون القانون، حيث حاولت الدولة أن تعطي دفعا أكثر للاقتصاد الوطني عن طريق زيادات هامّة في ميزانية التجهيز، وخصصت لها أكثر من ألف مليار دينار جزائري، والهدف من هذا هو إعطاء دفع للعديد من القطاعات الاقتصادية، خاصة قطاع المنشآت القاعدية والبناء والخدمات المرتبطة بها. ويرى الخبير الاقتصادي كاوبي، أن مشروع قانون المالية لعام 2024 جاء في سياق صعب للغاية، لكن الحكومة تمكنت من إحداث التوازن، من خلال إعطاء أو سن العديد من الإجراءات التي الهدف منها المحافظة على القدرة الشرائية وإعطاء الأولوية للجانب الاجتماعي، بعده تم اتخاذ مجموعة من القرارات الهامّة اتخذت على الجانب الاقتصادي وسيكون لها حتما تبعات إيجابية على المستوى الاقتصادي.