أعلن محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاصي في لقاء مع مسؤولي البنوك بحضور ممثلي وسائل الإعلام الوطنية أمس عن اعتماد إجراءات لتقليص نسبة التضخم من 8،8 بالمائة في السنة المنصرمة إلى 4 أو 5 بالمائة خلال السنة الحالية في ضوء تحديد مجلس النقد والقرض التحكم في التضخم والتقليل منه كهدف استراتيجي على المدى المتوسط واتخاذ البنك إجراءات في جانفي لإمتصاص فائض السيولة النقدية على مدى 6 أشهر. وأشار إلى أن وتيرة التضخم تراجعت في جانفي الماضي إلى 1،17 بالمائة مقارنة ب 2،3 بالمائة في جانفي 2011 ولعبت زيادة أسعار النقل العمومي دورا في هذا، ويقوم فريق متخصص بالبنك بمتابعة ظاهرة التضخم التي تكرست في السنوات الأخيرة بفعل استيرادها من أسواق خارجية لارتفاع أسعار المواد الأولية الاستهلاكية وأيضا للزيادات التي عرفتها أجور عالم الشغل. وفي قراءته لحصيلة سنة 2012 أوضح لكصاصي أن المؤشرات الكلية تبقى جيدة من حيث احتياطي الصرف بما يضع الجزائر ضمن البلدان الصاعدة مقارنة بالناتج الداخلي الخام مع ضرورة مواصلة تسيير حذر لهذه الثروة التي تقدر خارج معدن الذهب ب 190،66 مليار دولار إلى ناهية 2012 مقابل 182،28 مليار دولار سنة 2011 أي بزيادة 8،5 ملايير. وعلى صعيد التطورات النقدية عاد للتأكيد بالاستناد لما تقدمه مصالح الديوان الوطني للإحصائيات على أن التضخم ارتفع السنة الماضية من خلال مؤشرات السوق الاستهلاكية بفعل اتساع الكتلة النقدية بسبب زيادة نمو حجم القروض الاقتصادية مقابل المداخيل الخارجية الصافية وزيادة مداخيل العائلات بفعل زيادة الأجور ومخلفاتها. وفي النقاش العلني الذي تلا عرضه للمعطيات التقنية أكد أن أدوات نظام الدفع الالكتروني بالبنوك التجارية جاهز ومتطور إذ يعد الأول مغاربيا لكنه لم يواكب على صعيد الممارسة والسلوكات في ظل نشاط محموم للسوق الموازية للصرف التي تستقطب المعاملات لما فيها من مساحة للتهرب الضريبي وعدم القدرة على تعقب مسار الأموال المتداولة فيها، وأضاف أن نظام الدفع بالمقاصة وهو نظام الكتروني عصري دخل الخدمة في 2006 لا يستعمل بأكثر من 10 بالمائة من قدراته. وبخصوص توقع زيادة قيمة الصرف بالعملة الصعبة لفائدة المواطنين المقدرة حاليا ب 15 ألف دينار أفاد أن بنك الجزائر يعمل لتعميق إجراءات الصرف للمواطنين في مواجهة السوق الموازية مع السعي لتنشيط ملف مكاتب الصرف التي ينتظر أن تؤطر سوق العملة وتحيطها بالشفافية كون ما يجري عل الأرض حاليا لا يعكس الوجهة التي تسير عليها الجزائر نحو إرساء سوق مالية ونقدية أكثر شفافية مما يطمئن المتعاملين المحليين والأجانب في وقت تطرح فيه الدولة برنامجا استثماريا هائلا. وضمن هذا المناخ المريح ألح لكصاصي على دور البنوك التجارية في تجنيد الموارد لتمويل المنظومة الاقتصادية والاستثمار والنمو مع التزام الحذر الجيد تجاه المخاطر. وتوجد عدة آليات لضمان القروض لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث ذكر المحافظ بالأرقام أن حجم القروض الممنوحة للقطاع الخاص سنة 2012 بلغ 949،2 مليار دينار مقابل أكثر من 1683 مليار دينار سنة 2011 ، وتجاوز هذا ما خصص للقطاع العام بكثير. وخارج مشكلة التضخم التي يجري العمل لضغط عليها بإجراءات مالية ولكن أيضا بما تقوم به الدولة لإقامة منشآت قاعدية لتنظيم التجارة وكسر المضاربة والوساطة الموازية التي تلهب أسعار المواد الغذائية خاصة اللحوم الحمراء، فإن مؤشرات السنة الماضية وبالذات السداسي الثاني مطمئنة من حيث تعزيز ارتفاع احتياطي الصرف وتراجع قوي للمديونية الخارجية وفائض ميزان المدفوعات، وقد سجلت المحروقات مداخيل بلغت 70،53 مليار دولار منها نسبة 47 بالمائة في السداسي الثاني وحده. غير أن الجانب الهش للمنظومة الاقتصادية بقاء الصادرات خارج المحروقات في مستوى ضعيف إذ سجل السداسي الثاني تراجعا إلى 1،22 مليار دولار سنة 2012 مقابل 1،23 مليار دولار سنة من قبل، وحقق السداسي الثاني أفضل نسبة ب 0،74 مليار دولار ومع ذلك كما تأسف له لكصاصي لا يزال السقف أدنى بكثير مما هو مطلوب مذكرا بان سنة 2008 كانت أفضل سنة للتصدير خارج المحروقات ب1،4 مليار دولار معقبا أن هذا الوضع يعكس مدى ضعف المنظومة الاقتصادية التي ينبغي أن تنهض باقتحام قطاعات أخرى مثل الصناعة التي تقف على أفق جديد، وفي نفس الفترة حقق ميزان المدفوعات الخارجية فائضا ب 5،15 مليار دولار واعتبر هذا نجاعة رغم تراجع الفائض مقابل 19،8 مليار سنة 2011 وذلك بالنظر لميزان رؤوس الأموال، كما لاحظ انخفاضا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى اقل من 300 مليون دولار.