ثبات على نهج الشجعان رغم من كل الرهانات والتحديات الجزائر كانت سباقة لرفض الإبادة الجماعية الممنهجة للاحتلال ضد الأشقاء حافظت الجزائر منذ عشرات السّنين على دعمها لفلسطين وقضية شعبها العادلة دون شروط أو قيود، وظلّت ثابتة على هذا النهج بالرغم من كل الضغوطات والتحديات، لأنّها تعي جيدا وهي بلد الشهداء، ثمن انتزاع الحرية، لذلك لم ولن تتخلى عن دعم الشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع إلى غاية استرجاع حقوقه غير القابلة للتصرف أو المساومة، وإقامة دولته المستقلة، وهي اليوم تعمل على كل الجبهات ل «كسر الصمت الدولي» تجاه ما يحدث من انتهاكات ضد شعب فلسطين الأعزل، ودفع المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية سكان غزة، وإبطال أي مشروع لتهجيرهم من أرضهم قسرا. تظل الجزائر من أوفى الدول نصرة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وذلك لأسباب تاريخية وإنسانية، فالجزائر مثلما قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمام قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة شهر سبتمبر 2023، «تعي جيدا ثمن انتزاع الحرية، وهي لن تتخلى عن مساندة القضايا العادلة ودعم الشعوب المضطهدة التي تكافح من أجل التحرر، ومن هذا المنطلق سعت دائما إلى دعم القضية الفلسطينية لتمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من حقوقه غير القابلة للتصرف، على رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس الشريف وفق القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة». وأظهرت الجزائر، دعمها الفاعل للقضية الفلسطينية على عدة مستويات، سواء السياسي، الدبلوماسي، أو الاقتصادي، أو الإنساني، فعلى الصعيد السياسي، تتبنى الجزائر موقفا ثابتا ومبدئيا من القضية الفلسطينية، وترفض أي تطبيع مع الكيان الصهيوني، أو أي تنازل عن حقوق الفلسطينيين، أما على الصعيد الدبلوماسي فتقوم بالتنسيق والتشاور مع الفصائل الفلسطينية والدول العربية والإسلامية والهيئات والمنظمات الأممية للضغط على الكيان الصهيوني لوقف انتهاكاته، والقبول بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية. هذا الدعم الثابت والدائم ليس غريبا على دولة، كانت من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث افتتح أول مكتب للمنظمة في صيف 1965، وأول دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية بعدما أعلن على أرضها في 15 نوفمبر 1988 الرئيس الراحل ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية، حيث أقامت معها علاقات رسمية دبلوماسية كاملة معها في 18 ديسمبر 1988. واستمرّت الجزائر في دعمها للقضية الفلسطينية بشكل كبير، فأيّدت مبادرة السّلام العربية عام 2022، وانتهجت الجزائر سياسة التوازن والاعتدال في دعم القضية الفلسطينية، والعمل مع جميع الأطراف والقوى لإيجاد حل سلمي في الشرق الأوسط. وخلال الحرب على غزة 2008-2009، أو بعد مجزرة أسطول الحرية عام 2010، أو الحرب على غزة 2012، وقفت الجزائر بجانب الشعب الفلسطيني، وحثّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمجتمع الدولي على تحمل مسؤولياتهم لوضع حدّ لهذا التصعيد الأخير، وفي 29 نوفمبر 2012 صوتت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 19-67، الذي ينص على منح فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو في الأممالمتحدة. وخلال الحرب على غزة في 2014، طالبت المجتمع الدولي بكف الهجمات الصهيونية ضد الفلسطينيين، واحترام هدنة نوفمبر 2012، حفظا للسلم والأمن بالمنطقة، كما دعت الأممالمتحدة إلى اتخاذ اجراءات عاجلة للوصول إلى صيغة ترغم الكيان الصهيوني على وقف أعماله العدوانية على غزة. دعم الجزائرلفلسطين لم ينحصر في إسماع صوت فلسطين المكلومة في المحافل الدولية فقط أو في الجانب المادي والإنساني، بل انتقل إلى داخل البيت الفلسطيني، لجمع شمل الإخوة المتنافرين، حيث استضافت لقاءات متتالية بعد إعلانها مبادرة للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية في ديسمبر 2021، انتهت بالتوقيع على وثيقة إعلان الجزائر في 13 أكتوبر 2022 وحدت الجبهة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال الصهيوني وسياسته الوحشية تجاه الشعب الفلسطيني، لاسيما في ظل تقاعس المجموعة الدولية عن ايجاد تسوية جدية وعادلة للقضية الفلسطينية. وتواصل الجزائر اليوم جهودها الحثيثة التي كانت قد بدأت منذ نجاحها في إعادة القضية الفلسطينية إلى سلم أولويات المجموعة العربية في قمة الجامعة العربية التي انعقدت على أرضها في 1 نوفمبر 2022، لدفع المجتمع الدولي والهيئات الأممية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية، وايقاف المجازر والانتهاكات الجسيمة في حق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، الذي يتعرض إلى إبادة جماعية تحت مرأى ومسمع العالم، وبدعم مخزي من الغرب. وترفض الجزائر عمليات الإبادة الجماعية الممنهجة للشعب الفلسطيني، وقد أكّد على ذلك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، خلال اجتماع المجلس الأعلى للأمن المنعقد بتاريخ 16 أكتوبر 2023، الذي خصص لدراسة الأوضاع المأساوية الراهنة للشعب الفلسطيني الشقيق. وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية، أنّ الجزائر ترفض عمليات الإبادة الجماعية الممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ضد المدنيين العزل، مؤكدة تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق، مع قناعتها التامة بأن الحل الجذري لا يكمن في الإبادة ولا الترحيل الجماعي، ولكن بإقامة الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس الشريف على حدود جوان 1967، كما دعت المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، لاسيما مجلس الأمن لضمان الحماية للمدنيين الفلسطينيين العزل. وفي اجتماع مجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط المنعقد بتاريخ 25 أكتوبر 2023، أو في الدورة الطارئة للجمعية العامة الاستثنائية للأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية المنعقدة بتاريخ 27 أكتوبر 2023، ضاعفت الجزائر جهودها من أجل توحيد كل الأصوات لوضع حد للعدوان الصهيوني، ووقف قصفه العشوائي على قطاع غزة، وإنهاء الحصار المفروض عليها، ورفض تهجير السكان وإغاثتهم دون قيود أو شروط، وطالبت بمعالجة أسباب الصراع برمّته، عبر إحياء مسار السلام لضمان حل عادل ودائم يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، كما جدّدت دعوتها منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين بمنظمة الأممالمتحدة، كإجراء هام يكرّس الحق القانوني والسياسي والأخلاقي لدولة فلسطين، في أن تحظى بمكانة قارة بين الأمم لإسماع صوتها والدفاع عن أولوياتها. وتعمل الجزائر، منذ الفاتح جانفي 2024 تاريخ بداية عهدتها بمجلس الأمن كعضو غير دائم لمدة سنة، على «كسر الصمت الدولي» ازاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي، وهي تناضل من هذا المنبر ومن غيره لتبني مقترحاتها وتحقيق الإجماع حول تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وممارسة حقوقه الأساسية كاملة غير منقوصة، لاسيما الحق في الحياة والصحة والعيش في كنف الأمن والسلام، طبقا لما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية.