أجمعت التقديرات الصّهيونية على اعتبار قبول محكمة العدل الدولية الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا بخصوص الحرب على غزة، ورفض طلب الكيان برد الدعوى بمثابة بطاقة حمراء دولية فيوجه دولة الاحتلال، وسيكون له تداعيات سلبية عليها في مختلف المحافل الدولية. تتّفق قراءات المحللين والمختصين الصهاينة على أنه رغم عدم إصدار المحكمة قرارا يلزم الاحتلال بوقف الحرب على غزة، فإن الإجراءات والتعليمات الصادرة عنها تشكّل ضغطا على الكيان الصهيوني وتقيّده، كما تضع الجيش الصهيوني وعملياته العسكرية تحت عين الرقيب والقانون الدولي. وتناغمت التحليلات فيما بينها بشأن قرارات المحكمة التي تلزم الاحتلال بالقيام بإجراءات لمنع الإبادة الجماعية، ومنع التحريض عليها وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، واعتبرت القرار انتكاسة للسردية الصهيونية وإسنادا لقطاع غزة والرواية الفلسطينية، وهو ما يشكّل مقدّمة لممارسة مزيد من الضغوط على الكيان لوقف إطلاق النار. مرحلة جديدة رغم عدم إصدارها قرارا يلزم الاحتلال بوقف الحرب، قال قاضي متقاعد في المحكمة العليا الصهيونية، إنّ "قرار محكمة لاهاي بمثابة بطاقة حمراء في وجه الكيان، وهو القرار الذي سيرافقه لسنوات طويلة، وسيكون له كثير من التداعيات على دولة الاحتلال وقياداتها السياسية والعسكرية". وأوضح أنّ القرار يعني أنّ على الكيان الصهيوني توخي الحذر مستقبلا في كل ما يتعلق بالتعامل مع الفلسطينيين، لافتا إلى أن جوهره يعني أن دولة الاحتلال لا يمكنها أن تفعل ما يحلو لها في قطاع غزة والضفة الغربية أو الاستمرار في الحرب والقتال بشكل عنيف. تحت عين الرّقيب يعتقد أنّ القرار رغم عدم كونه ملزما للاحتلال بوقف الحرب، فإنه يضع الجيش الصهيوني أمام اختبار ومجهر القانون الدولي، ويؤسّس لمرحلة جدية وجديدة في التعامل الدولي مع الكيان بكل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين. ويرى هذا القاضي أنّ اقتباس هيئة المحكمة الدولية تصريحات قيادات صهيونية خلال سير الحرب على غزة، تدعو إلى الإبادة الجماعية والدمار ومنع المساعدات الإنسانية، ووصف السكان بغزة بالحيوانات البشرية، سيصعب على الكيان الصهيوني في المداولات القضائية المستقبلية. وبموجب قرار وملاحظات محكمة العدل الدولية، يقول الخبير "ستكون دولة الاحتلال مطالبة بحال استمر القتال بتقديم تقرير شهري للمحكمة بشأن الإجراءات التي قامت بها لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وتجنب استهداف المدنيين، وكذلك السماح بإدخال كافة شحنات الإغاثة الإنسانية، وبحال لم تلتزم ليس مستبعدا استصدار قرارات احترازية ضدها". الاحتلال خسر المحافل الدولية أكّد الخبير أنّ دولة الاحتلال خسرت المحافل الدولية القانونية والقضائية، بحيث بات عليها أن تثبت أنها لا تقوم بأي جرائم حرب، وأن إجراءاتها العسكرية في القطاع لا تنتهك القانون الدولي، كما أن وصم الكيان بشبهة الإبادة الجماعية، سيرافقها طويلا، ويضعها أمام اختبارات في ظل استمرار الحرب والقتال. وأشار الخبير الدولي إلى أنّه منذ البداية كان واضحا بأنّ المحكمة العليا الدولية لن تصدر قرارا يلزم دولة الاحتلال بوقف الحرب، لكن قبول دعوى جنوب أفريقيا ورفض الطلب الصهيوني برد الدعوى، يؤسّس لمرحلة جديدة بكل ما يتعلق بالتعامل القانوني والقضائي المستقبلي على المستوى الدولي مع الصهاينة وقيادتهم السياسية والعسكرية. مؤشّر خطير في محاولة لعدم استفزاز محكمة العدل الدولية وعدم توريط الكيان بمزيد من الملفات والقضايا والدعاوى، أصدر مكتب رئيس الوزراء الصهيوني، تعليمات إلى الوزراء بعدم الرد أو التعليق على قرار محكمة لاهاي. وتأتي تعليمات نتنياهو خشية توظيف هذه التصريحات في أي مداولات أو إجراءات مستقبلية قد تعلن عنها المحكمة بكل ما يتعلق بالعدوان حرب على الفلسطينيين.