أكد محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن الفساد على رأس العوائق التي تحول دون تحقيق التنمية، وأنه يؤدي لسوء استخدام السلطة وانعدام الثقة وتفشي المحسوبية والامتيازات الغير المستحقة. أوضح الراشدي، خلال لقاء تواصلي حول "واقع الفساد بالمغرب ومقومات الانتقال إلى حقبة جديدة في مكافحته"، أن الفساد الذي يحتل المرتبة السادسة بين اهتمامات المواطنين القاطنين بالمغرب، يحد من القدرة على الإنتاج ويخرق مبدأ الاستحقاق ويقوض أسس دولة القانون، ويقتل المبادرة الفردية ويحد من الطاقات. الفساد الذي يشكل المرتبة الثانية في انشغالات المغاربة المقيمين في الخارج، والثامنة بالنسبة للمقاولات الوطنية، قال رئيس هيئة مكافحة الرشوة إنه يعزز الاقتصاد غير المهيكل والاختلالات المصاحبة له، ويوسع دائرة اقتصاد الريع، ويدمر أسس التماسك والاستقرار الاجتماعيين، ويغذي التفاوتات الاجتماعية، ويبدد الموارد ويعيق التنمية. واستنادا إلى معطيات نتائج المسح الوطني حول الفساد الذي أُجري بين نهاية عام 2022 وعام 2023، أكد البشير الراشدي أن 72 بالمائة من المواطنين القاطنين و65 بالمائة من المغاربة المقيمين بالخارج و68 بالمائة من المقاولات، يعتبرون أن الفساد شائع جدا أو واسع الانتشار في المغرب، مشيرا إلى أن طلبات الرشوة أو تقديمها، تتعلق بالاستفادة من خدمة للمواطن أو المقاولة الحق فيها أو بالرغبة في تسريع الإجراءات. وأوضح رئيس هيئة محاربة الرشوة، أنه بالنسبة للمواطنين القاطنين والمغاربة المقيمين في الخارج تأتي الصحة على رأس القطاعات الأكثر تضرراً بالفساد، وتليها الأحزاب السياسية والحكومة والبرلمان والنقابات، وبالنسبة للمقاولات المجالات الأكثر عرضة للفساد، فإنها تخص التراخيص والاعتمادات والتصاريح، والصفقات العمومية والتوظيف. وبخصوص تبِعات الفساد على جهود التنمية، أشار الراشدي إلى القيود والعوائق البيروقراطية والمالية التي تحدّ من المبادرة والفرص لأصحاب المشاريع المبتكرين وتعطل السلم الاجتماعي واتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية وضعف تواجد قوى التغيير بعكس قوى المقاومة. وكشف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الرشوة والوقاية منها، ضمن عرضه أمام طلبة الحقوق بالمحمدية، أن هناك "إحساسا سائدا بغياب الانصاف والعدالة الاقتصادية والاجتماعية"، لافتا إلى تأكيد للتقارير الدولية والوطنية على أثَر الفساد في تقويض أسس دولة القانون وتعميق الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية. ونبه الراشدي إلى تأثير الفساد على فقدان الثقة، وانتشار المحسوبية، وتكفيك مقومات التماسك الاجتماعي عبر تنامي التفاوتات الاجتماعية والمجالية، إضافة إلى إضعاف دينامية التنمية وإعاقة بنيات الإنتاج مما يعطل تطور الاستثمار وترسيخ الاقتصاد غير المهيكل وإشاعة مظاهر اقتصاد الريع وتبديد الموارد قمع حس المبادرة وتقييد الطاقات الفردية.