كما كان متوقعا تجمع شباب الجنوب في مسيرة أسالت الكثير من الحبر في الأيام القليلة التي سبقتها ، وبعيدا عن كل المزايدات والسيناريوهات التي توقعها المحللون والسياسيون سار الشباب في مسيرة كان شعارها الأول « جزائر نحبك، نحن معك وكلنا لك ولن نكون أبدا عليك أو يدا يضرب بها استقرارك أو أمنك. » وعلى غرار الثورات التحريرية التي قادها المجاهدون من أجل تحرير الوطن أكدوا حقيقة أن الجنوب جزء لا يتجزأ من الجزائر الكبيرة وأنه وجه لعملة واحدة هي الجزائر ، وكما صمد الشمال سيكون كذلك الجنوب لأنه لا بديل عن هذا التراب الطاهر بدلا. اثبت شباب الجنوب في المسيرة التي جمعت الشباب والنساء والأطفال أن ابتعادهم عن الشمال بكل ما يعرفه من تطور لا يعني انفصالهم عنه بل أكدوا أن الجزائر ليست شمال ولا جنوب بل هي كل متكامل . وحتى مطالبتهم بحقهم في العمل هو نابع من غيرتهم على هذا الوطن، فسواعدهم أيضا تستطيع أن تعطي الكثير وتساهم في عملية البناء والتشييد لهذا الوطن، وأكدوا من خلال الشعارات التي حملوها في مسيرتهم السلمية أن مطالبهم اجتماعية بحتة لا علاقة لها بتلك التي أشيعت هنا وهناك. ولعل المبادرة التي قامت بها الحكومة اثر إصدار الوزير الأول تعليمة لتنظم سوق العمل في الجنوب وضمان الشفافية والعدالة في تسييره أعطت ثقة اكبر لهؤلاء الشباب في أن مشاغلهم هي نفسها مشاغل السلطات العليا للبلد، وأنهم أولوية أولى بالنسبة لهم . هذه الخطوة التي أطفأت نار متأججة كادت تأتي على الأخضر واليابس ولكن الحنكة والحكمة وشعور الانتماء منع كل ما انتظره البعض في ربيع عربي تكون انطلاقته من الصحراء الجزائرية، والكل يتذكر كل تلك المحاولات والخطط التي حيكت في السنوات الماضية في الشمال الجزائري من اجل جر البلد إلى الدوامة التي تعيشها البلدان التي كانت مسرحا لهذا الربيع البارد. سيفكر الذين يريدون بهذا الوطن الشر ألف مرة قبل الاقتراب من أبنائه لأنهم وعبر التاريخ رفض أهل الجنوب أي انتماء إلى أرض غير الجزائر، لذلك كانت مسيرة يوم الخميس الفارط القنبلة الموقوتة التي انفجرت حُبا وانتماءً إلى الجزائر كما قالها ابن هذه الأرض الطيبة مفدي زكريا في النشيد الوطني وقد تعالت بها الحناجر في المسيرة :« وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.»