أكّد وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد أنّ القوات المسلّحة وقوات الأمن هما صمّام أمان الوطن والشعب، وحامية السيادة والأمن والاستقرار والضامنة الأساسية لنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والذي سيترتّب عنه عهدا جديدا لبناء الدولة المدينة الحديثة. وقال الوزير في كلمته التوجيهية أمام ضباط وأفراد كلية الطيران والدفاع، أنّ الحكمة اليمنية تجسّدت بكل إيجابية وفاعلية من أبناء الشعب لنداء العقل والمنطق. جاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بالوصول إلى مؤتمر للحوار الوطني، ينتظر منه الخروج بنتائج تخدم اليمن واستقرار المنطقة. أمّا عضو اللجنة الفنية للمؤتمر صالح باصرة فقد قال: “المبادرة الخليجية كانت بمثابة قارب نجاة للوطن ولأبناء الشعب أوصلنا إلى شاطئ الأمان، وأنّ قضايا الوطن ستحل من خلال هذا المؤتمر وسينطلق منه اليمنيون نحو بناء الدولة المدينة الحديثة". ويأتي المؤتمر تطبيقا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية الموقعتين في 23 نوفمبر 2011 لحل الأزمة السياسية، وارتكزت على تخلي الرئيس علي عبد اللّه صالح عن منصبه لنائبه عبد ربه منصور هادي مقابل الحصانة له ولعائلته ولأعضاء النظام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لها الحق في تشكيل لجان مختصة لتسيير الأمور سياسيا واقتصاديا وأمنيا، ووضع دستور جديد. وقد قبل الرئيس السابق بالمبادرة الخليجية أثناء تواجده بالسعودية للعلاج بعد أن تعرّض لمحاولة اغتيال في 23 جوان 2011. أزمة الجنوب في الصدارة لقد شهدت اليمن في المدة الأخيرة أزمة أمنية حادة على خلفية العصيان المدني الذي دعت إليه قوى “الحراك الجنوبي" وتنظيمها مظاهرات تطورت إلى مواجهات راح ضحيتها عدد من القتلى ورفضها المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، ومع بروز المطالب الجنوبية التابعة للرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض المتمثلة بالانفصال والعودة إلى دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى عام 1990، وهو العام الذي شهد توقيع اتفاقية الوحدة بين الشمال والجنوب قبل أن يلجأ الجنوب إلى محاولة انفصالية انتهت بحرب 1994 تمكّن من خلالها الشمال من إجهاض تلك المحاولة. ومع تنامي مخاوف فشل مؤتمر الحوار لدى الحراك الجنوبي أجّلته اللجنة التحضيرية إلى غاية موافقة قيادات في الحراك الجنوبي الذي بدأ سنة 2004، تبنى مطالب تقول أنّ عبد اللّه صالح تجاهلها والمتمثلة في إعادة حوالي 60 ألف موظف في القطاع العام والجيش والقوى الأمنية تمّ فصلهم تعسّفا أو أحيلوا على التقاعد مبكرا، فضلا عن إعادة أراض يقول الجنوبيون أن شماليين سيطروا عليها بعد حرب صيف 1994، ولذلك أصدر الرئيس عبد ربه الشهر الماضي قرارا بتشكيل لجنة للبحث في قضايا الأرض واستعادتها وإدماج المسرّحين من العمال. مشكلة الجنوب لا تحل إلاّ في إطار سلمي لا يمكن للقضية الجنوبية أن تحل إلاّ في إطار سلمي، وهذا ما احتكمت إليه قيادات جنوبية وقد التزمت بنبذ العنف، غير أنّ موجة العصيان المدني في تصاعد مستمر بمحافظات الجنوب، ومنها عدن تلبية لدعوة الحراك الجنوبي الانفصالي الرافض للحوار الوطني، حيث أغلقت المحلات والمؤسسات العمومية ومنع الموظفون من الذهاب إلى عملهم في عدة مدن جنوبية، والتي شهدت منذ 21 فيفري الأخير مواجهات بين القوات الحكومية وعناصر الحراك أدّت إلى سقوط 12 قتيلا، وقد استغلت عناصر تنظيم القاعدة غياب حكومة مركزية والافتقار إلى خدمات لتنفيذ هجومات مسلّحة زادت من تفاقم الأزمة الأمنية، وتبقى آمال اليمنيين معلّقة على نتائج المؤتمر في إخراج البلاد من أزمتها السياسية والأمنية واستعادة الوحدة الوطنية. ولذلك دعا رئيس مجلس الشورى اليمني إلى المشاركة الفعّالة في الحوار لإخراج البلاد من عنق الأزمة، معتبرا إيّاه فرصة للوقوف بمسؤولية وحزم معالجة مختلف القضايا، معتبرا المجتمع اليمني من شماله الى جنوبه ومن شرقه إلى غربه وحدته المعاناة، وينتظر توحيد حلوله مستقبلا من تلك الآثار والمشكلات التاريخية لكي يعيد بناء الدولة اليمنية الحديثة الموحدة. ارتياح عربي ودولي بمؤتمر الحوار اليمني اعتبر العربي مؤتمر الحوار اليمني الذي انطلقت أشغاله أول أمس الاثنين بالخطوة الهامة جدا في إطار التسوية السياسية التي تمكّن البلاد من الانتقال إلى مرحلة جديدة خاصة الاتفاق على الدستور اليمني الجديد وبناء الدولة الجديدة، والالتزام بالديمقراطية والحكم الراشد وسيادة القانون تحقيقا لتطلعات الشعب اليمني، وقال العربي أنّ الجامعة العربية لن تتأخر في أي شيء تستطيع أن تقدّمه من أجل استقرار اليمن. ومن المقرر أن يناقش المؤتمرون ال 565 من خلال جلساتهم العامة وفرق العمل تسع قضايا، أهمها قضية الجنوب وصعدة والنازحين، واسترداد الأموال والأراضي والمصالحة الوطنية وغيرها. وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قد أصدر مساء الأحد قرارا بتشكيل هيئة رئاسة المؤتمر يرأسها هو شخصيا، مع تعيين 6 نواب له يمثلون الأحزاب السياسية الرئيسية وفصائل الحراك الجنوبي وجماعة الحوثي، إضافة إلى مقرّرين. أمّا جمال بن عمر المستشار الخاص للأمين العام الأممي ومبعوثه لليمن، فقد اعتبر عملية الحوار وحيدة من نوعها في المنطقة، معتبرا نجاحها ليس نجاح لليمن فقط بل للمنطقة كلها. أمّا أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج عبد اللّه الطيف فقد اعتبر الحوار فرصة للحفاظ على اليمن من التمزق وطيّ صفحة الماضي المليئة بالمآسي والصراع، كما أشادت خارجية كل من الصين وفرنسا بالحوارالوطني اليمني الشامل، وبذلك يكون اليمنيون قد التزموا بالقرار الأممي 2051 بنبذ العنف واللجوء إلى الحوار رغم أنّ اليمن بلد مسلّح.