تتواصل بالمتحف العمومي الوطني البحري بالجزائر العاصمة فعّاليات معرض لحرفيي البحر، يتضمّن أعمالا وتحفا فنية وإبداعات يدوية مصنوعة من مواد بحرية، وذلك في إطار برنامج إحياء شهر التراث (18 أفريل 18 ماي)، الذي يأتي هذه السنة تحت شعار "التراث الثقافي وإدارة المخاطر في ظلّ الأزمات والكوارث الطبيعية". ويتضمّن هذا المعرض، الذي يحتضنه المتحف العمومي الوطني البحري الكائن بأقبية خير الدين بربروس بالقصبة السفلى، عدّة أجنحة تبرز جوانب متنوّعة من الصناعات التقليدية اليدوية لحرفيي البحر، وفنانين أبدعوا في صياغة تحف راقية تعكس ولعهم بعالم البحر. ومن بين الأعمال المعروضة تحف مصنوعة من الأصداف البحرية والرمال ذات ألوان متنوّعة، ومجسّمات لسفن ونافورات ومرايا وديكورات وساعات رملية وشموع مطعّمة بالأصداف، ذات أغراض تزيينية داخلية، تفنّنت في نحتها أنامل الحرفيين بدقّة، حيث تبدو بمختلف الأشكال والأحجام. ويقدّم في هذا الإطار الحرفي قادر عطلاوي عددا من الإبداعات، من بينها نماذج خشبية مختلفة ومجسّمات لأبرز السفن البحرية الجزائرية، التي عرف بها الأسطول الجزائري إبان الفترة العثمانية، على غرار سفينة "الشباك" الشهيرة، وهذا بهدف تعريف الجيل الجديد ببطولات وأمجاد البحرية الجزائرية عبر التاريخ والحفاظ على عناصر هذا الموروث والتراث البحري، باعتباره عنوانا لهويتنا وثقافتنا. كما يعرض هذا الحرفي نماذج مصغّرة وبمواد مختلفة لأهم أحياء ومعالم مدينة القصبة العريقة بنمطها الهندسي المميز، وعناصرها التراثية من حيث البناء المعماري، كالأسطح والدويرات والمساجد والقصور التاريخية والأضرحة المصنوعة بدقّة بتفاصيلها البديعة، تعكس العلاقة القوية بين حي القصبة العريق وزرقة البحر. ومن جهته، يعرض الحرفي أحمان إبراهيم مجموعة ثرية من مجسّمات لعيون ونافورات القصبة، صمّمها بدقّة فنية وتفاصيل جميلة، حيث أنّها تتزيّن بأجمل أنواع الزخرفات والخزف، وكذا أعمدة الرخام، وهذا بمهارات يدوية عالية. ويقول هذا الحرفي أنّ هذه النافورات والعيون قد قاومت عبر الزمن، ولا يزال بعضها يزوّد الناس بالماء الشروب ومنها عين سيدي رمضان وعين مزوقة وعين بئر جباح وعين سيدي امحمد شريف وعين سيدي بنالي وعين بئر شبانة، كما أنّها معالم تاريخية تذكّر بالتراث والأصالة في حي القصبة العريق. ويشمل المعرض أيضا جناحا خاصّا بالحليّ والمجوهرات الفضية المطعّمة بالمرجان الطبيعي، إلى جانب نماذج من تحف فنية مصنوعة بمواد مختلفة مسترجعة مصدرها البحر كالأصداف أو ممزوجة بمواد أخرى، على غرار الخشب والزجاج والشمع والورق تتمحور مواضيعها حول علاقة هؤلاء الحرفيين بالبحر. وفي هذا الصدد، أشارت مديرة المتحف، مقراني بوكاري آمال، أنّ هذا المعرض، الذي يستمر إلى غاية 18 ماي الجاري، "يندرج ضمن برنامج الاحتفال بشهر التراث، حيث يهدف لإبراز وتثمين منتوجات حرفيي البحر وجمعيات مختلفة وتقديمها للجمهور لاكتشاف واقتناء هذه التحف المصنوعة من مواد مصدرها البحر، كالأصداف والمرجان والرمال، وهي تحف تعكس عناصر التراث الثقافي الجزائري". وأشارت المتحدّثة إلى أنّه تم تسطير برنامج ثريّ بمناسبة شهر التراث من طرف المتحف يتضمّن سلسلة من الورشات البيداغوجية والتكوينية، ضمنها الحقيبة المتحفية الموجّهة للأطفال عبر المؤسّسات التربوية، وكذا مداخلات على غرار "حصون مدينة وهران"، "رقمنة المتاحف"، بالإضافة لعرض فيلم "باكدي" للمخرج صلاح بوفلاح. وختمت بوكاري بالقول إنّ أبواب المتحف ستفتح أمام الزوار طيلة شهر التراث، ما عدا يوم الجمعة، وهذا لاكتشاف موقع المتحف بأقبية خير الدين بربروس بالقصبة السفلى وكذا المعارض والصور والمقتنيات من اللقى الأثرية المعروضة داخله.