لم تعد الحرفة اليدوية بالنسبة لصانعها، مجرد وسيلة للحصول على مصدر دخل، وإنما أضحت كذلك تسهل له الطريق للإبداع في عدة ميادين، تكون إما ذات صلة بنفس حرفته أو تجعل نفسه متفتحة على إتقان حرف يدوية أخرى، وهو الحال مع الحرفية فوزية عباش من بودواو، شرق العاصمة، والتي أتقنت الخياطة، الطرز والتزيين بالورود لسنوات، ثم اختارت التغيير نحو حرفة أخرى لا علاقة لها بالخيط والإبرة، إنما بالبحر ورماله .. ضمن فعاليات شهر التراث المنظم بدار الثقافة لبومرداس، عرضت الحرفية في التزيين برمال البحر، فوزية عباش، مختلف القطع الفنية التي كشفت أنها صنعتها بعناية كبيرة لإرضاء أذواق الناس، تتضمن حروفا لاتينية مزينة ببعض الأصداف ومصنوعة من رمال البحر. هذه المادة الأولية المتوفرة على مدار الأيام والسنين، وإلى جانبها الأصداف التي أضحى البعض يعتمدها لصناعة عديد التحف الفنية الجميلة، مثل الأباجورات، إطارات الصور وغيرها الكثير. وتكشف الحرفية فوزية في معرض حديثها ل''المساء''، أن فكرة الاعتماد على رمل البحر للتزيين قد راود فكرها، بفضل مشاركاتها المتكررة لعدة معارض وفعاليات ثقافية محلية أو وطنية، وهو ما سمح لها بتبادل الأفكار مع عديد الحرفيين، ''فكرت في تغيير مسار حرفتي اليدوية من الخياطة والطرز التي أتقنها منذ سنوات طويلة، إلى استعمال رمل البحر في صنع قطع ديكورية. كما أن ملاحظتي لحرفيين يعتمدون على الورود، وعلى الأصداف في التزيين، جعلني أفكر في شيء آخر يجمع الاثنين، ولكن بإضافة شيء ثالث، وهو رمل البحر. هذا الأخير فيه عدة أنواع، قد يبدو هذا غريبا للبعض، ولكنني أؤكد أن الرمل يختلف باختلاف الشواطئ، وحتى المواسم. فرمل البحر في موسم الشتاء يكون خشنا بعض الشيء، ولونه يميل للأسود، هو لا يمكث طويلا، بحيث يخرج مع موج البحر، وسريعا ما يعود معه مع المد والجزر، لذلك فأنا أتحين موسمه وألتقط منه ما أستطيع حمله معي في خرجاتي، في موسم الشتاء. كما أنني أعتمد كثيرا على الرمل الملتقط بأطراف الصخور البحرية، أما رمل الشاطئ، فهو ذلك الذي يتراءى للناس ويكون رقيقا وذهبي اللون، فأعتمده هو الآخر في صنع تحف أخرى، إضافة إلى الأصداف''. وتعتمد الحرفية على استعمال قاعدة كرتونية تطلى بغراء، ترش عليها حبات الرمل، ثم تلون بحسب الذوق. أما الأشكال والحروف، فإنها تشكلها مباشرة بالرمل، ثم تلون هي الأخرى، إضافة إلى الاعتماد على بعض الصدفات للتزيين. وتكشف الحرفية فوزية أنها لا تملك ورشة لممارسة حرفتها هذه، وهو ما جعلها تقابل بعض طلبات للتكوين بالرفض، ''لقد طلب مني البعض تعليمهم هذه الحرفة، ولكنني لا أملك مكانا لذلك، لأنني أصنعها في منزلي، وأتمنى من السلطات المحلية الإسراع في منحي محلا ثابتا، يكون بالنسبة لي، ورشة للصناعة ومكانا لتسويق بضاعتي''.