أبرز وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، تضحيات الجزائريين لأزيد من 132 سنة من أجل استرجاع السيادة الوطنية المغتصبة في 1830، وقال إنّ تضحيات أبناء الجزائر لا تضاهيها تضحيات، فقد افتكّ أبناء هذا الوطن حريتهم واستقلالهم بالدم والدموع، وجابهوا كل المظالم التي سلّطت عليهم أكثر من قرن وثلاثين سنة، كلها استبداد، ظلم، قهر، تجهيل، تفقير ، تنكيل وبطش". حرص ربيقة في كلمة ألقاها الخميس، لدى اختتام الملتقى الدولي في طبعته 17 حول مجازر الثامن ماي 1945، المنظم بجامعة قالمة، على التذكير بأنّ "المآسي التي تكبّدها الشعب الجزائري والمخاطر لمواجهة تلك المظالم بإصرار وعزيمة، جعلت من ثورته التحريرية المجيدة ثورة إنسانية وعالمية في جوهرها، فامتدّ شعاعها في الأفق لتنير العالم أجمع بقيمها الإنسانية السامية، وتأخذ بأيدي المستضعفين لتشق طريقها نحو الحرية والكرامة، وظلت تلك القيم تشع بأنوارها، وجعلت من الجزائر قبلة الثوار وأرض الأحرار". وأشاد الوزير بجهود الأساتذة والباحثين في تنظيم الفعاليات العلمية التاريخية في منظورها القانوني، لتسليط الضوء على جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر، وقال: "ليس من الصدفة عقد هذا الملتقى، ونحن نحيي اليوم الوطني للذاكرة، الذي أقرّه رئيس الجمهورية، يوماً وطنياً لتخليد ذكرى مجازر 08 ماي 1945، وتضحيات الشهداء الذين ارتقوا إلى عليين خلال هذه المجازر الأليمة". وأوضح وزير المجاهدين "أنّ أشغال هذا الملتقى الدولي كانت فرصة لاستجلاء جانب هام له ارتباط وثيق بالجوانب التاريخية بمجازر الثامن ماي 1945، من خلال المحاضرات والنقاشات التي أقامت الحجة والبرهان على أنّ تلك الجريمة الاستعمارية جريمة مع سبق الإصرار، والتي لا يمكنها أن تتقادم أو تُطوى صفحاتها". وقال ربيقة إنّ "الأجيال لا يمكن نسيان هذه المجازر، وشدّد على ضرورة استحضار وقائعها ليس فقط في إحياء ذكراها، ولكن في كل مناسبة وفي كل وقت وفي كل حين"، وأكد أنّ "العناية بالذاكرة التاريخية أمر لا جدال فيه بالنظر لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للأمم والشعوب، وستظل من أبرز الرهانات التي تحتاج على الدوام بابا مفتوحا من الجد والاجتهاد". في السياق، أفاد ربيقة قائلا: "أنا على يقين بأن المؤرخين والباحثين عموما والغيورين على تراثنا الزاخر، سيجدون أنفسهم أكثر من غيرهم معنيين بالاهتمام بتدوين مآثر وبطولات الشعب الجزائري، والبحث في مكامنها من كل الجوانب التاريخية والسياسية والعسكرية والقانونية والاجتماعية، وتلك مسؤولية مشتركة، وأوضح أن الذاكرة والتاريخ هما مصدر اعتزاز الأمة وعامل تجنيدها حول كافة القضايا النبيلة والمشاريع الوطنية بما فيها القضايا المرتبطة بالتنمية الوطني، التي تشهد تجسيدها الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي أعطى ببرنامجه والتزاماته الأربعة والخمسين التي تجسّدت، نفساً جديداً في بناء الجزائر المتمكنة الثابتة جذورها في ماضيها التليد، والمشرئبة بعزم وطموح بناتها وأبنائها الأوفياء المخلصين إلى غد أفضل في شتى الميادين والمجالات". في هذا الصدد، نوّه وزير المجاهدين بالمبادرات والمجهودات التي تقوم بها المؤسسات الجامعية لمرافقة قطاع المجاهدين من أجل تدوين وتوثيق ذاكرتنا الوطنية، بما من شأنه تعميق الشعور بالاعتزاز الوطني، وضمان تغذية أفئدة الأجيال بالقيم والمثل التي يجب أن تترعرع في أحضانها بما يحفظ للجزائر وحدته،ا والارتقاء بها إلى المستويات التي تشرّف تضحيات أجيالها وتمجّد نضالاتها عبر التاريخ". حفظ الذّاكرة التّاريخية..واجب مقدّس أكّدت والي قالمة حورية العقون "أنّ نقل الذاكرة التاريخية واجب مقدّس، ومن صميم انشغالاتنا، وأن ملف الذاكرة يبقى قائما، ولا يطوى ولا يقبل التنازل والمساومة مثلما قال رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون". من جهته، أبرز الدكتور صالح العقون، رئيس جامعة 8 ماي 1945، بقالمة، دور الجامعة في فتح قضايا في التاريخ للحفاظ على الذاكرة الوطنية وترسيخها لدى الطلبة. وتطرّق الدكتور محمد شرقي، في الجلسة العلمية الختامية إلى الجرائم البشعة التي ارتكبها جنرالات فرنسا السفاحين، ووصفهم بالمجرمين القتلة، قادوا حرب الإبادة ضد الجزائريين، وقال إنّ تاريخ الجزائر وجه مشرق ودامي فيه الكثير من المظالم. وأكّد الباحث، أنّه استنادا للوثائق الأرشيفية دامت المجازر كل شهور ماي، جوان، جويلية وأوت، وأن التقارير تثبت أن الجيش الفرنسي في 26 جويلية 1945، كان ما يزال يقوم بعمليات التقتيل في قالمة، ابتداء من الكشافة الإسلامية وأعضاء حزب الشعب، وأعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأضاف أن سبب هذا الحقد الاستعماري هو لما أعطى حزب الشعب أوامر للجزائريين والمناضلين بعدم المشاركة في الاحتفال بالانتصار على النازية أو مثلما سمي يوم السلم العالمي، لأنه لا يعني الجزائريين. وأوضح المحاضر أنّ 8 ماي هو فكرة سياسية لحزب الشعب الجزائري، في حين تنظيم المسيرة قامت بها الكشافة الإسلامية الجزائرية. الكشّافة الإسلامية دفعت ثمنا باهظا من جهته، أبرز الدكتور شرقي دور الكشافة الإسلامية التي كانت تابعة لحزب الشعب وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ودفعت الثمن غاليا. وأشار المحاضر إلى أن مجموعة 22 كان عندهم 19 فوجا كشفيا. وبالمناسبة، عرض فيلم وثائقي يصور بشاعة مجازر الثامن ماي 1945 بمدن قالمة، وكرّم الأساتذة المتدخلون على مدار ثلاثة أيام من الجلسات العلمية لهذا الملتقى الدولي، وقدمت نتائج المسابقة الوطنية "أحسن أطروحة دكتوراه"، وسيسفر الملتقى عن توصيات عديدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ وزير المجاهدين وذوي الحقوق زار المعرض الذي نظم بساحة جامعة 8 ماي 1945 بقالمة، رفقة والي الولاية وممثل مديرية المجاهدين بالولاية، وباحثين وممثلي الأسرة الثورية والسلطات الأمنية والعسكرية.