الطلبة الجزائريون تجنّدوا لنصرة قضيتهم وكافحوا من أجل الاستقلال يؤكد أستاذ التاريخ المعاصر وأستاذ التعليم العالي بجامعة سوسةبتونس، الدكتور عادل بن يوسف، أن الطلبة الجزائريينبتونس كانوا مجندين وراء قضيتهم الوطنية، هدفهم الأساسي كان تحقيق الاستقلال وبناء الدولة الوطنية، ويضيف في حوار أدلى به ل«الشعب" بمناسبة اليوم الوطني للطالب، أن عدد الطلبة الجزائريينبتونس كان حوالي 12 ألف طالب، أغلبهم كانوا يدرسون بجامع الزيتونة. - "الشعب": تحيي الجزائر ذكرى إضراب 19 ماي 1956، اليوم الوطني للطالب، كباحث تونسي في التاريخ المعاصر، ما قولك عن هذه المحطة المفصلية في تاريخ الجزائر؟. الدكتور عادل بن يوسف: فعلا إعلان إضراب الطلبة الجزائريين في 19 ماي 1956، كان يوما فارقا في التاريخ، لم يكن الطلبة يمثلون تنظيما نقابيا فقط، بل كان أيضا تنظيما سياسيا وثقافيا، عالج العديد من القضايا الثقافية المتصلة بالتجنيس، التعليم ودور الشباب، دور المرأة والطلاب في الحراك الوطني، خاصة بالنسبة للجزائر، واتضح دوره أكثر بعد تأسيس الأحزاب السياسية خاصة أنصار البيان والحرية في 1944، الذي أخذ منحى وبعدا جديد. اضطلع الطلبة عندنا بأدوار هامة منذ تأسيس ما يسمى الولاية السابعة، التي كانت تضمّ فرنسا بكل مدنها المختلفة وكانت لديهم نشاطات سرية يحملون معهم ما تسمى جذاذات المقاومين والمجاهدين ويوزعونها لأن رقابة الشرطة الفرنسية كانت رقابة مشدّدة. ألقي القبض على مجموعة من التونسيين فيها، الأستاذ الهادي بكوش، الوزير الأول السابق، بشير سالم بلخيري، رجل أعمال معروف، وكذلك الطبيب ورئيس جماعة سوسة الدكتور الشاذلي بوزكورة.. وكادوا يغتالونهم، في آخر مرة، جاءت تعليمات لإلقاء القبض على الشاذلي بوزكورة الذي أخذ إلى غابة في أطراف باريس، لأنه كان يساند القضية الجزائرية. بطبيعة الحال، النضال المشترك لم يكن في فرنسا فقط، بل حتى في تونس منذ استقلالها في 1956، انتظمت عديد المؤتمرات.. كانت بمعدل مؤتمر كل سنة تقريبا، وفي خاتمة كل مؤتمر، تصدر لائحة مساندة القضية الجزائرية، ولائحة مساندة تونس، والإتحاد العام للطلبة الجزائريين يقوم بنفس الشيء في قضايا أخرى.. الطلبة أخذوا مواقف مثلا من القضية الفلسطينية وقضايا التحرر في العالم في إفريقيا والفيتنام والكونغو، وعديد الأماكن، وكانت الحركة الطلابية هي النبراس الذي يقود ويؤثر حتى في النخب السياسية. - تونس احتضنت الطلبة الجزائريين للدراسة إبان الثورة، ما هي أهم الأدوار التي قام بها الطالب الجزائريبتونس، وهل لديك إحصائيات عن عددهم في تلك الفترة؟. عدد كبير جدا من الطلبة الجزائريين قدموا إلى تونس منذ القرن ال19، كان الطلبة من الجزائر يتنقلون ويدرسون في الزيتونة، وبعدها ينتقل البعض منهم إلى الأزهر بالقاهرة، مثل الرئيس الراحل هواري بومدين، محمد بوضياف، كلهم تقريبا مروا بتونس، حتى أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مثل الشيخ العربي التبسي، ومبارك الميلي وغيرهم كانوا يٌسيّرون الجمعيات الثقافية ويرسلون طلبة معهد ابن باديس للدراسة بجامع الزيتونة.آخر رقم اشتغل عليه أحد الزملاء يعطي تقريبا أكثر من 12 ألف طالب جزائري درسوا بجامع الزيتونة إلى غاية تحويله إلى كلية للشريعة وأصول الدين بصفة رسمية مع إصلاح برنامج التعليم لمحمد مسعدي في 1958، وبقي تقريبا إلى 1960، ثم تحوّل إلى جامعة عصرية. الطلبة الجزائريون قاموا بأدوار كبيرة، بحكم أن الثورة الجزائرية اتخذت قاعدة لجيش وجبهة التحرير الوطنيين في تونس العاصمة، وفي كامل المدن وعلى الشريط الحدودي مع الولايات الحدودية، حيث انضم إليها الطلبة وأوكلت إليهم مهام ثورية. وقامت المدن الساحلية التونسية الأخرى بإيواء عديد من عائلات المجاهدين المقاومين، وكان الطلبة الجزائريون مكلفين بالكتابة في جريدة المجاهد، وبتوزيع هذه الجريدة التي وضعت عند بعض الأطباء والأساتذة المحامين التقدميين، ثم يأتي دور المواطنين للتزود بها، ثم يتفرغون لعملية جمع الأخبار من الجزائر عن طريق الهاتف أو المراسلات، ويقدمونها إلى مقر قيادة جبهة التحرير، وكان محمد بوضياف وأحمد بن بلة وهواري بومدين، موجودين بتونس وحتى الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية كان مقرها في المسرح البلدي كوليزي، على بعد أمتار من السفارة الفرنسية بتونس. يوجد شريط فيديو فيه دقيقتين يصور تهنئة ومصافحة رئيس الحكومة التونسية آنذاك الحبيب بورقيبة، لأعضاء الحكومة المؤقتة الموجودة ببهو المسرح البلدي بتونس، وذلك في غرة نوفمبر 1956، وقدمت لهم كل الإمكانات، وينزلون بمطار العوينة دون صعوبة، وسلمت الحكومة التونسية لأعضاء الحكومة المؤقتة وقتها، جوازات السفر للتنقل إلى أوروبا للتفاوض مع السلطات الفرنسية أو مع بعض الشخصيات لجلب الأسلحة. الطلبة كلهم كانوا مجنّدين لقضيتهم الوطنية، وهذا ليس غريبا على الطلبة الجزائريين الحاملين لمشروع يرمي إلى استقلال بلادهم، ثم في بناء الدولة الوطنية الحديثة بدليل عودتهم إلى الجزائر بعد الاستقلال، وبقي التواصل قائما بين الطلبة الجزائريينوتونس.