قطاع الطاقة.. محرك فعلي للانتقال الاقتصادي يرى الخبير الإقتصادي، عبد الرحمن هادف، أنّ الجزائر تشهد اليوم ديناميكية حقيقية في مجال إنتاج النفط والغاز، في ضوء الإصلاحات التي قامت بها الدولة بهذا المجال، والمخطط التنموي الذي وضعته سوناطراك، حيث خصّصت أكثر من 50 مليار دولار لنشاطاتها والحصة الأكبر وجهت لنشاطات الاستكشاف والإنتاج. اعتبر الخبير عبد الرحمن هادف، أنّ هذه المعطيات تؤكّد أنّ قطاع المحروقات يشهد حركية كبيرة، وسجّل اكتشافات جديدة تخطو خطواتها نحو مرحلة الإنتاج، ممّا سمح بمضاعفة وتعزيز القدرات الإنتاجية. وكشف الخبير الاقتصادي هادف أنّ المخطط التنموي لمجمع سوناطراك إلى غاية آفاق 2028، خصّص أكثر من 36 مليار دولار للإنتاج والاستكشاف من إجمالي الغلاف المالي المقدر ب 50 مليار دولار، وقال إنّها رسالة واضحة تؤكّد عزم سوناطراك على العمل بأقصى قدراتها من أجل تعزيز القدرات الإنتاجية الطاقوية لبلادنا. سباق في مضمار الاستثمار أشار محدّثنا إلى أنّ التطور الذي يشهده قطاع المحروقات في الجزائر، جعل كبريات الشركات العالمية، بالإضافة إلى الشركات العالمية المعروفة الموجودة بالجزائر كشركة إيني وتوتال وشركة أكسيدونتال، تبدي اهتماما أكبر للاستثمار بالجزائر، موضّحا أنّ هناك شركات عديدة أصبحت تنتقل إلى الجزائر خاصة مع القانون الجديد للمحروقات، وتسعى هذه الشركات لتكون لها حصة من الامتيازات التي توفرها الجزائر في هذا المجال. وأكد الخبير أنّ كل المؤشرات تفيد بأنّ قطاع النفط سيستمر في لعب دور محرك التنمية الاقتصادية، خاصة أنّه لا يخفى أن الجزائر باشرت في مخطط تحول اقتصادي كبير يحتاج دعما من قطاع المحروقات. وأضاف قائلا: "نرى أنّ هناك توازن تعمل عليه السلطات العمومية، حيث تستخدم هذه الرافعة التي تعتبر مهمة في تنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى، كما أنّ هناك مجالات تشهد حركية كبيرة حتى في نسبة نموها كالقطاع الفلاحي وقطاع الصناعة". وبالحديث أكثر عن الاكتشافات الجديدة في مجال النفط بالجزائر، قال هادف إنّ الجزائر من خلال هذه الاكتشافات في مجال المحروقات، ستعزّز مكانتها كفاعل وكبلد مصدّر للمواد النفطية له مكانته وثقله في سوق النفط الدولية، مشيرا إلى أنّنا عندما نتابع فعاليات الاجتماع الذي نظم في إطار منتدى الدول المصدرة للغاز، نلاحظ أن هناك نقلة نوعية في تموقع الجزائر والدور الذي تلعبه على مستوى "أوبك +" يعد مهما في التوازنات الأسواق. هذا كله - يواصل هادف - يسمح للجزائر كدولة مهمة على مستوى الخارطة الطاقوية في العالم، بأن تستعيد وتباشر في حتى مخططاتها للانتقال الطاقوي، لأن هناك مصادر طاقة كبيرة ستعمل عليها الجزائر في السنوات مقبلة. الدّبلوماسية الطاقوية واستقرار الأسواق قال هادف: "أعتقد أنّ الآفاق إيجابية جدا بالنسبة لقطاع المحروقات وقطاع الغاز، الجزائر ستكون لها اكتشافات بالنظر للجهد الكبير المبذول في هذا الشق من ناحية الجانب التقني والمالي، وسوناطراك تعمل على تطوير حقول جديدة وبعث شراكات في العديد من المناطق". وأضاف: "الجنوب الغربي أيضا يعرف اهتماما لتطوير أحواض جديدة محل استكشاف به، وكلّها ستعزّز من قدرات الجزائر في الإنتاج، كما ستعزز أيضا من مخزون الجزائر في المستقبل، وهذا سيعود بالفائدة على القطاع والاقتصاد الوطني بصفة عامة"، وأشار المتحدث إلى أنّ القدرات التي تزخر بها الجزائر اليوم تعزز من موقعها كدولة فاعلة على مستوى الخارطة الطاقوية، فكلمة الجزائر مسموعة في كل المنتديات، خاصة على مستوى منظمة "أوبك+"، وكذا منتدى الدول المصدرة للغاز. وقال الخبير هادف إنّ المكانة التي تحظى بها الجزائر فرضتها الدبلوماسية الطاقوية التي تساهم في استقرار الأسواق، وهذا شيء مهم جدا على مستوى الأسواق العالمية، فالمكانة التي تحظى بها بلادنا، تسمح لها بتقريب وجهات النظر بين الفاعلين والمتنافسين في الوقت نفسه، من أجل الحفاظ على استقرار الأسواق، وأضاف أنّ "الجزائر لديها آفاق مهمة في هذا الجانب، وتعمل اليوم على تقريب وجهات النظر بين الدول المنتجة والمصدرة وكذا الدول المستهلكة، خاصة أنّ الدول المنتجة والمصدرة للنفط ليست هي المستهلكة بشكل كبير، بينما الدول المستهلكة للمواد النفطية ليس لديها قدرات كبيرة، عدا الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالتالي فإنّ الجزائر تسعى دائما إلى تقليص هذه الفجوة، لأنّ وجود اختلالات في السوق الدولية للنفط ليس في صالح أي طرف". واعتبر الخبير أنّ الدبلوماسية الطاقوية للجزائر، سيكون لها دور مهم وفعال في السنوات القادمة، خاصة مع تطور النشاط على المستوى الوطني والقدرات التي ستكون في المستقبل ستسهم إسهاما كبيرا، وهذا أمر لاشك فيه، يؤكّد هادف. وأشار هادف - في السياق - إلى أنّ الجزائر تعمل على مساعدة الدول التي تحاول الانطلاق في هذا المجال، على غرار السنغال وموريتانيا والنيجر، هذه الدول التي أصبحت اليوم من بين الدول المنتجة، ونفس الأمر تقوم به مع دول مثل ليبيا، فهذه النشاطات كلها - يواصل هادف - تصب في مجال العمل على تعزيز نشاط الدبلوماسية الطاقوية التي سيكون لها دورها الفاعل في تقوية مكانة الجزائر على مستوى الأسواق الدولية وعلى المستوى الجيوسياسي، لأنّ الحديث عن الطاقة هو حديث عن أحد المحاور الهامة في إدارة وتسيير العلاقات بين الدول والتجاذبات الجيوسياسية والجزائر اليوم، مساهمتها ستكون جد إيجابية في هذا المجال، كما أضاف عبد الرحمن هادف.