الدولية التي تطالبها بوقف المجازر التي ترتكبها في حق الفلسطينيين الأبرياء، ولا بقرارات العدالة الدولية التي تأمرها بوقف سفك دماء المدنيين الأبرياء، تمضي قوات الاحتلال الصهيوني في تصعيد عدوانها الغاشم على قطاع غزة وتوسيع ّ اجتياحها البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث انتشرت دباباتها وآلياتها العسكرية على معظم الحدود الفلسطينية المصرية أو ما يعرف ب«محور فيلادلفيا"، وسط غطاء ناري كثيف وقصف مدفعي طال المناطق الغربية من رفح، وتحديدا تل السلطان. وسعّ جيش الاحتلال الصهيوني أمس الثلاثاء، اجتياحه البري في مدينة رفح، حيث قالت إذاعة جيش العدو، إن لواء عسكريا جديدا توجه إلى رفح ليصبح السادس هناك، وسط توسيع للتوغل على الأرض لا سيما في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر. وقال شهود عيان "إن عدة دبابات صهيونية وصلت إلى وسط مدينة رفح بعد ثلاثة أسابيع من بدء عملية برية في المدينة الواقعة بجنوب قطاع غزة. وذكر الشهود أنهم رأوا الدبابات بالقرب من مسجد العودة وهو أحد المعالم الرئيسية بوسط رفح، وقالوا إن القوات المتوغلة أطلقت النار بكثافة في محيط منطقة العودة وسط مدينة رفح. وأكدت مصادر ميدانية تمركز دبابات الاحتلال على "تل زعرب"، الذي يبعد مسافة ثلاثة كيلومترات عن شاطئ البحر غربا، مشيرة إلى أن هذه المنطقة مرتفعة وتكشف مناطق واسعة في رفح، وخاصة المناطق الغربية. وعودة دبابات الاحتلال والسيطرة الصهيونية على المحور الحدودي جنوب مدينة رفح، يعيد الزمن 19 عاما إلى الوراء، أي قبل الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة عام 2005. حيث كان الاحتلال يسيطر على "محور فيلادلفيا"، إلى جانب المستوطنات والمواقع العسكرية التي كانت موزعة على مناطق مختلفة في قطاع غزة. وتسمح هذه السيطرة بتوسيع الاجتياح البري في وسط مدينة رفح، حيث إنّ عمق المدينة لا يبعد عن المحور الحدودي سوى كيلومتر واحد أو اثنين على أقصى تقدير، ويمكن لآليات الاحتلال التوغل في المخيمات المتاخمة للحدود، إلى جانب الوصول بسرعة إلى المناطق الواقعة في وسط المدينة. قصف يستهدف النازحين بالتزامن مع توسيع توغلها البري غربي المدينة لتسيطر على ثلثي محور فيلادلفيا وتقترب من فصل حدود القطاع جغرافيا عن مصر، واصلت القوات الصهيونية أمس غاراتها على نازحي رفح مرتكبة مجازر جديدة ارتقى خلالها 16 فلسطينيا وأصيب آخرون. وأفادت مصادر طبية في المستشفى الإماراتي غرب رفح، بأن 16 فلسطينيا استشهدوا وأصيب عشرات آخرون خلال ليلة عنيفة من القصف على وسط مدينة رفح وغربها. وأضافت المصادر ذاتها أن عددا من الشهداء ارتقوا في قصف استهدف مجددا خيام النازحين في منطقة البركسات بحي تل السلطان شمال غربي رفح. ومساء الأحد، استشهد 45 فلسطينيا وأصيب العشرات، أغلبهم أطفال ونساء، في قصف صهيوني استهدف خيام نازحين في المنطقة ذاتها، رغم أنها كانت ضمن المناطق التي زعم جيش الاحتلال أنها آمنة ويمكن النزوح إليها. وأكد شهود عيان أن القصف المدفعي الصهيوني استهدف مآذن عدة مساجد في حيي السعودي وتل السلطان، كما استهدف مبنى المستشفى الإندونيسي في تل السلطان، ما أدى إلى محاصرة طواقم طبية ومرضى داخل عيادة الحي والمستشفى. فرار إلى المجهول وغداة محرقة تل السلطان، بدأت مئات العائلات النزوح من المناطق الغربية لمدينة رفح، والتي لم يطلب الاحتلال من سكانها الإخلاء، كما هو الحال في مناطق شرق ووسط المدينة. فيما أجبر القصف العنيف المتواصل عائلات عدة على النزوح حفاة من منازلهم في ساعات الليل. وفي السياق، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أمس الثلاثاء إن نحو مليون شخص نزحوا من رفح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وقالت: "حدث هذا مع عدم وجود مكان آمن للذهاب إليه وسط القصف ونقص الغذاء والماء وأكوام النفايات والظروف المعيشية غير المناسبة". وأضافت "يوما بعد يوم، يصبح تقديم المساعدة والحماية شبه مستحيل". وأبدت دول عدة مخاوف من أي عملية عسكرية برية صهيونية في رفح، وحذرت من التداعيات الإنسانية التي تتمخض عنها. خروج مستشفيات رفح عن الخدمة من ناحية ثانية، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، أمس، خروج جميع مستشفيات مدينة رفح عن الخدمة، باستثناء مستشفى تل السلطان المختص بالولادة، جراء هجمات الجيش الصهيوني المتواصلة. وأشارت الوزارة في بيان إلى "توسيع توغل الجيش الصهيوني الهمجي في محافظة رفح، واستهدافه المتعمد للعديد من المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية بالمحافظة والتي ألحقت بها أضرار بالغة، واستشهاد عدد من الطواقم الصحية العاملة فيها، وصعوبة وصول المواطنين إليها". وأكدت أن ذلك "أدى بداية إلى خروج مستشفى أبو يوسف النجار، وعيادة أبو الوليد المركزية، ومستشفى رفح الميداني2، ومستشفى الكويت التخصصي والمستشفى الميداني الإندونيسي وعيادة تل السلطان عن الخدمة". الوزارة أكدت أنه "لم يتبق سوى مستشفى تل السلطان للولادة يصارع من أجل البقاء والاستمرار في تقديم الخدمة للمرضى في محافظة رفح". اجتماع طارئ لمجلس الأمن وفي إطار الجهود المبذولة دوليا من أجل وقف العدوان الصهيوني على الفلسطينيين، عقد مجلس الأمن الدولي، أمس الثلاثاء، بطلب من الجزائر جلسة مشاورات مغلقة طارئة، بحث خلالها تطورات الأوضاع في مدينة رفح، خاصة بعد إقدام المحتل الدموي على حرق النازحين في مخيماتهم. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أدان الهجوم الصهيوني على مخيم النازحين في مدينة رفح، ودعا إلى إنهاء "الرعب" في قطاع غزة. وأشار إلى عدم وجود مكان آمن في غزة، قائلاً: "هذا الرعب يجب أن ينتهي". وأثارت المجزرة انتقادات إقليمية ودولية حادة للاحتلال، مع اتهامه بتحدي قرارات الشرعية الدولية، ودعوات لفرض عقوبات والضغط عليه لإنهاء الإبادة الجماعية ووقف الهجوم البري المتواصل على رفح منذ 6 ماي الجاري.