يرى الكاتب والمهتم بأدب الطفل الأستاذ ناصر معماش أن مسيرة التحولات التي شهدتها ثقافة الطفل الجزائري منذ مرحلة ما بعد الثمانينيات من القرن الماضي إلى غاية اليوم، هي المعنية بالنقد والتأمل والحسرة والأسف على ما كان يحدث من خيبات بسبب مشاريع لم تكن يوما ما جادة ولا هادفة ولا لها نظرة استشرافية، كحال ما تناقشه وتسطّره الأمم التي هي اليوم تتحكّم في البرامج الكتابية والمرئية والمسموعة عبر وسائل تواصلية مختلفة، وقال «لا يسعنا المقام البكاء على المنظومة الثقافية السابقة، وأقول منظومة لأستثني المجهودات المبذولة من طرف أشخاص يُعدّون على عدد ولاياتنا، وجمعيات ثقافية ظلت تحلم وتحاول أن تؤسس لمشروع حضاري».. يقول الكاتب ناصر معماش إنه بالمختصر الموجع لم نؤسس كدولة مؤسساتية لثقافة توجّه للطفل الجزائري وتمنحه رخصة قيادة المجتمع بعد اكتمال نضج وعيه الاجتماعي، ولأن ثقافة الطفل أشمل من أنشودة وقصة ومسرحية، فهي نظام إبداعي وسلوك حضاري ومنهاج تربوي وأخلاقي فقد آن الوقت لنعيد ترتيب الموازين ونفتح مجال الحوار الجاد البنّاء لنقي أولادنا من خطر التيه الثقافي، خاصة في ضوء تعدّد وسائل التلقي وسهولة الوصول إليها. ويتحدث الأستاذ ناصر معماش ل»الشعب» عن ما يمكن تقديمه لأدب الطفل ومن هي الفئة التي تتولى مهمة الكتابة له، يقول «أرى أن البلد غني بالأدباء، لكنه فقير في توفير الإمكانيات الضرورية لنشر هذه التجارب الرائدة، وأقصد من تملّكتهم روح الكتابة بصدق ووعي. وأضاف معماش، بأن التطوّر الذي حصل في بنية النص الجزائري الموجه للطفل كفيل بحماية أطفالنا وترشيد أخلاقهم المعرفية والثقافية لو وجدت هذه الأعمال (طبعا بعد انتقاء أحسنها وأقومها) رعاية سامية، بعيدا عن المصالح الضيقة، ولنترك المجال لأهل الدار ليؤثثوا هذه التجارب، على حدّ قوله بكل ما يساعد على نشرها في أوسع نطاق وعبر الوسائل المتاحة، وهذا عمل مؤسسات تدعمها الدولة بكل ما أوتيت من حكمة ومال، لذلك تعجبت أول ما تعجبت من هذا الخلل الذي هيمن على منظومة مخططاتنا لتطوير الطفل ثقافيا وعلميا واجتماعيا. كما اعتبر المتحدث، بأن المادة الأدبية موجودة الآن وبكثرة وجودة، والمهتمون بأدب الطفل وثقافته لهم باع طويل وتجربة عميقة في هذا المجال ثقافيا وأكاديميا، تبقى فقط النية الحسنة في إصلاح ما أفسده الدهر «ورغم ذلك نحاول أن نوجد طريقة مثلى لإعادة الروح لهذا الأدب الذي لم يعد أدب هامش، بل هو مركزي عند الشعوب التي تحترم سلّم بناء الحضارات».