تقترح علينا دار "خيال" للنشر باقة من الإصدارات الجديدة في شتى المجالات، من النقد الأدبي، والرواية، والقصة، والشعر، إلى كتب الطب في مختلف التخصصات، والكتب التعليمية والتربوية، دون أن تخلو هذه الباقة من الكتب التي تتطرّق إلى تاريخ الجزائر وثورتها المظفرة. وقد أعلنت "خيال" عن هذه العناوين الجديدة تباعا، شهر ماي المنقضي، ويبدو أنها تراهن عليها لاستمالة القارئ الجزائري، خاصة وأنها ستكون حاضرة في الطبعة المقبلة من معرض الجزائر الدولي للكتاب. بعد كتاب "خطيئة الدفاع عن قايين" للأستاذ أحمد دلباني، عادت إلينا دار "خيال" للنشر بمجموعة من الإصدارات الجديدة، أعلنت عنها تباعا شهر ماي المنقضي، وتنوعت مواضيعها بين البحث العلمي، والإبداع الأدبي، والكتاب التربوي والتاريخي. صفحات مضيئة من تاريخ الجزائر «الشهيد المنسي والقبر المجهول.. شهيد الكشافة الإسلامية الجزائرية القائد حميدة عبد القادر".. هي مسيرة حافلة لشهيد عاش مناضلا ومؤسِسا للكشافة الإسلامية الجزائرية، عبَر مسارا تكوينيا ونضاليا يحتاج توقفا من المختصين للتنقيب أكثر في سيرة ومسار القائد حميدة عبد القادر، ويحتاج وقفة تأمل من أجيال جديدة بحاجة إلى التعرّف أكثر على بطولات رجال صنعوا التاريخ. منجز اشتغل فيه الكاتب رافع تناح على التعريف بالشهيد، جمع شهادات ثمينة حوله ووثائق نادرة وحكايا شفوية صاغها وتفاصيل كثيرة مشوّقة للقراء والبحثة.. كتاب ينشر بالتزامن مع اقتراب إحياء "اليوم الوطني للكشافة"، التي ساهمت في الكفاح خلال ثورة التحرير المباركة، وواصلت تنوير الأجيال وتدريبهم بعد الاستقلال. ومن كتب التاريخ أيضا كتاب "التنظيم الإداري والسياسي للجنة الخماسية بالولاية السادسة"، وفيه يستذكر مبارك خلفة حقبة تاريخية حاسمة، رصد خلالها أحداثا وتابع مواقف مهمة خلال ثورة التحرير الجزائرية. ويستعيد الكاتب سيرة والده المجاهد العابد خلفة (مواليد 1917 بمسيف ولاية المسيلة)، الذي كان مسؤولا باللجنة الخماسية للولاية السادسة التي لعبت دورا محوريا خلال ثورة التحرير ابتداء من أوت 1956، إلى غاية جويلية 1963. ويعرّف هذا الكتاب التاريخي بأدوار رجال ونساء آمنوا بالوطن وانخرطوا في النضال من أجله بشكل أدخلهم التاريخ، بعضهم نال الشهادة وآخرون استكملوا رسالة الشهداء بعد الاستقلال. حضور قوي لكتاب الطب ومن الكتب التي نشرتها الدار، أربع كتب في طب الشرايين، قدمت فيها البروفيسور سعاد بن علال، أستاذة الطب بجامعة البليدة، جزءا هاما من خبرتها البحثية والمهنية، وهي خبرة عميقة من شأنها مساعدة طلبة الطب والأطباء المشتغلين في الميدان، حيث يجدون معطيات ومعارف طبية متطابقة مع أحدث ما وصلت إليه البحوث العالمية في المجالات التي اشتغلت عليها البروفيسور بن علال، موظِّفة استشهادات، صور وآراء، وخبرات ميدانية مختلفة، من شأنها تنوير كل المهتمين ودفعهم نحو آفاق جديدة ناجعة في التشخيص والعلاج. كما كشفت الدار عن نشر ثلاثة إصدارات طبية أخرى، أحدها عن التشريح، والآخر عن أخلاقيات التخدير، وثالث عن طب الأنف والحنجرة. وعن هذه الكتاب قالت "خيال" إن كفاءات طبية كبيرة اشتغلت على منجزات تقارب مواضيع تهم الأطباء المختصين وطلبة الطب، وكل المشتغلين في مجال حساس ودقيق. ويكتشف قراء هذه الأعمال آخر ما توصلت إليه مخابر البحث في مجال طب الأنف والأذن والحنجرة وأيضا أخلاقيات مهنة الطب فيما يرتبط بالتخدير وتداعياته.. أعمال مدعمة بصور وشواهد بحث دقيقة تعطي صورة أعمق عن الفحص الكامل وسبل العلاج ومراحله، كما توضح تجارب علمية ميدانية أجرتها نخبة طبية. الأدب.. متواجد دائما وبعد سلسلة كتب نُشرت للدكتور فؤاد حاجي في علم الصيدلة، يفاجئ القرّاء بتجربة شعرية تحت عنوان "ديوان الشعر بين الحلم واليقظة".. نصوص في الحب وجمالياته الكثيرة، تمجد العاطفة الجميلة وتثير الانتباه إلى تفاصيل رائعة داخل العلاقات بين المحبّين، ثم يتجه بالقارئ إلى الوطن فهو حب أيضا من نوع آخر، فتغنى بمحطات تاريخية جزائرية مهمة وبرمزيات ثمينة في حياة كل جزائري. أما "محاضرات في نظريات النقد السياقي"، فهو إصدار نقدي جديد يعالج قضية السياق، التي تعد قضية أساسية وضرورية وحاسمة في مجال النقد واللغة، حيث يسمح لنا بالحديث عن الأشياء بدقّة ووضوح وتفصيل، كما يمكّننا من تحديد ودراسة العلاقات الموجودة بين السلوك الاجتماعي والكلامي في استعمال اللّغة، لذلك فهو يقوم بوظيفة مهمة، تتمثل في خلق التواصل وجعله منسجما. منجز قيم اشتغلت فيه الدكتورة نبيلة أعبش على نخبة من الأسئلة المتعلقة بالنقد وتفرعاته النظرية بما يخدم القارئ المختص وغير المتخصص. وتقترح الدار إصدار "تاواجات دوباجو"، الذي تقول عنه إنه أوّل عمل روائي بالمتغير اللغوي المزابي، كتبته آمال بن عبد الله مُنطلقة من تفاصيل لا يعرفها الجميع، حميميات الأمكنة والأزمنة وخصوصيات مناطق تحتاج إلى التعرف عليها من طرف القراء داخل الجزائر وخارجها. قد يكون هذا المنجز التدشيني بداية للكتابة بالمزابية بما تحمله من دلالات وأفق تخييلية عالية، عن إنسان له خصوصيته الجغرافية والفكرية الملهمة. هذا النص للحكمة والحنكة والملاذات الآمنة عاطفيا وروحيا، سيستوعبه القرّاء ففي الكتاب شق مزابي وشقّ عربي، في محاورة لغوية جميلة. كما نجد مجموعة قصصية عنوانها "فبائل الحكيم (الكليلة الثانية)"، وفي هذا العمل، يلاحظ تنوُّع موضوعاتي اشتغل عليه البروفيسور س.ب حكيم الإسلام، فكتب نصوصا مختلفة برُوح تستَلهم من التراث، ولغة تعيد القارئ إلى أزمنة ابن المقفع وغيره ممن كتبوا عن الحيوان، وعلى ألسنة متنوعة أعمالا مليئة بحكمة ومفارقات وتفاصيل مشوقة ينهل منها القراء على اختلاف توجهاتهم حكما وتصورات حياتية، ومتعة للقراءة، وقد اختار المؤلف عبارة تشرح رؤيته نشرت على ظهر الغلاف: "لا ضرورة لأدب لا يزيدك خبرة، ولا حاجة لقصص لا تهبك عبرة". ودائما في جنس القصة، أعلنت الدار صدور الطبعة الثانية من المجموعة القصصية "تغريدات تواتية.. بعض ما قيل في جلسات الشاي" للدكتور عبد القادر مجبري، واعدة بأن يكون حاضرا في فعاليات معرض الجزائر الدولي للكتاب. ومن الأعمال الأدبية الجديدة نذكر أيضا رواية "الخابية" لجميلة طلباوي، التي تتطرّق إلى معمار القصور الصحراوية، ورواية "شيطان أغسطس" لبوبكر الصديقي، ورواية "ماريريت، حكاية نرويجية" لجمال بوصفصاف. كتب تربوية وتعليمية «يوميات سامي الذكي في المدرسة"، كتاب جديد للأستاذة ناسية أوشيش، التي مزجت في هذا العمل بين موهبتين: الأولى تتمثل في الكتابة للطفل، الثانية الرسم له أيضا. يضاف إليهما تخصصها التربوي والتعليمي، أي أنها تستوعب بشكل كامل حاجيات الطفولة وخصوصيتها النفسية والعلمية. عمل أول في سلسلة تكوين شخصية الطفل التي ستشهد أعمالا لاحقة تدعم مساره التكويني، الذي يتفق الخبراء على حاجته للقصص والصور، وكل ما ينمي خياله ويهذبه بشكل يفتح أمامه مجالا واسعا لاستقبال حكم تربوية واستنتاجات مدرجة في القصص، ما يطور من شخصيته المبدعة التي سيكون لها دور لاحقا ضمن المجتمع العلمي. من جهتها، وظفت الأستاذة ليليا فايدي خبرتها التربوية في كتاب "دليل من أجل إنتاج كتابي ناجح.. منهجية الوضعية الإدماجية للحصول على العلامة الكاملة"، وهو عمل مفيد وضروري لكل التلاميذ المقبلين على شهادة التعليم المتوسط، تقول دار النشر، مضيفة: "وقد اتكأت في منجزها على فهمها العميق لحاجيات التلميذ البيداغوجية والمعرفية، من أجل الوصول إلى نتائج ممتازة. وقد يكون هذا العمل بداية مشروع شبه مدرسي يعزز المكتبة ويرفع مقدرات التلاميذ على تحقيق نتائج مبهرة، تكون نقطة انطلاق واستعداد للنجاح في محطات تعليمية قادمة لا يمكن التفوق فيها دون مهارات وخبرات قاعدية يكتسبها المتعلمون مبكرا". ومن الكتب التربوية والتعليمية أيضا كتاب "المسؤولية التحصيلية كمنبئ بالعجز المتعلم". ويمتاز الموضوع الذي قاربه الدكتور بوسعيد بحوص بالراهنية، ففي السياق الحالي يواجه التعليم في البلدان "المتخلفة" جملة تساؤلات حول سبل الدفع به نحو التقدم، باعتباره وسيلة وحيدة لبناء جيل جديد قادر على تحريك العجلة الحضارية. ويضيف الناشر بأن مصطلح "العجز المتعلم" يحتاج مزيدا من المقاربة والتنبه إلى الأسباب النفسية العميقة التي تجعل التلاميذ يفشلون رغم جهود المربين. هل تكون سلسلة من الأخطاء الاجتماعية وراء ذلك؟ عموما، هو "كتاب يشكل استثناءً في ظل ندرة الدراسات التي تحيط الموضوع"، يقول الناشر. ونضيف هنا، على تقديم الناشر، بأن هذا الكتاب يحمل نفس عنوان مذكرة الدكتوراه التي أنجزها بوسعيد بحوص، قبل سنتين، في تخصص علم النفس المدرسي بجامعة ورقلة. كما نذكر كتابيْ "السراج في التعبير الكتابي"، وهما عملان وظفت فيهما الأستاذة شهرزاد قدوج خبرتها لتقرّب أكثر مادة التعبير الكتابي من التلاميذ، وتسهل مهمتهم ومهمة المعلمين بشكل يضمن تعليما معمقا يجهز التلاميذ لمراحل مقبلة، خاصة وأن نجاح التلميذ في التعبير الكتابي، مقدمة لتفوّقه في أكثر من مادة. اهتمام بالقضايا الراهنة.. ومن الإصدارات الجديدة أيضا كتاب "التنمية المحلية، واقع وآمال"، للدكتور محمد أديب حميدي، وهو خبير في التنمية، انطلاقا من اختصاصه المهني باعتباره إطارا في قطاع السكن والعمران، واختصاصه العلمي في السياسات العامة والحكومات المقارنة. وفي هذا الكتاب الأول في "سلسلة السبيل"، التي ستكون في أجزاء حسب دار النشر، قارب حميدي سؤال التنمية في الجزائر ما قبل 1999، ثم في المرحلة التالية وما شهدته من تحولات، واشتغل على التنمية في برامج الأحزاب السياسية وكيف تمّ التعاطي معها، وقد أخذ ولاية بسكرة نموذجا للدراسة. ووصفت الدار الكتاب بأنه منجز ثمين وظف فيه الباحث أدوات وشواهد تهم كل المشتغلين على التنمية على اختلاف أشكالها وسبلها. ونذكر أيضا كتاب "الصدمة النفسية والقيادة الآمنة"، للدكتورة خيرة زنودة. وترى المؤلفة أن السائق المتعرض لصدمة نفسية جراء حادث مرور، يتعرض لنفس الأعراض التي راودته أول مرة حين العودة إلى مكان الحادث، وتشير بعض الدراسات، إلى أن الصدمات النفسية لا تكتفي بزرع نفسها في اللاوعي والذاكرة فقط، بل تمتد لتخزين نفسها في أجسامنا؛ لذلك ليس من المستغرب أن نجد أحد أكثر طرق العلاج التقليدية كالعلاج السلوكي المعرفي تهتم بأمر كهذا، حيث تنص تلك الطريقة على أن المحفزات الفيزيائية للجسم كاللمس على سبيل المثال من الممكن أن تتسبب في إظهار الأعراض المتعلقة بتلك الصدمات.