تعيش سواحل تلمسان الممتدة، على مسافة 74كلم، مشاكل حقيقية جراء الاستيلاء على العقار بطرق احتيالية من طرف بارونات العقار من المسؤولين الذين استغلوا مناصبهم للحصول على مساحات يقدر ثمنها بالملايير بالدينار الرمزي.رغم أن الساحل التلمساني محمي بقرار رئاسي سنة 1998 الذي اتخذت بموجبه تلمسان نموذجا لمشروع حمايته، إلا أن ذلك لم يكبح الاستثمار بالمناطق السياحية بشواطئ الولاية الخلابة، فشهادة حيازة وشاهدين تكفي لنهب العقار والمافيا تقضي على غابتي هنين وشايب راسو، حيث قضت مافيا العقار على العشرات من الهكتارات القريبة من الساحل. وكشفت إحدى السيدات المقيمة بسيدي بلعباس أن مافيا العقار قد إستولت على مساحة تابعة لها وهي تملك عقودها الرسمية ورغم تقديمها للعقود، إلا أنها تفاجأت بأشخاص تمكنوا من سلبها أرضها باستعمال شهادة الحيازة، حيث ما تزال لحد الآن في نزاع قضائي لاسترجاع أملاكها لإلغاء شهادة الحيازة. من جهة أخرى، قام بارونات العقار بالاستيلاء على عشرات الهكتارات من الأراضي المعنية بالتوسع السياحي وإقامة مشاريع سياحية بمنطقة شايب راسو بمنطقة مرسى بن مهيدي السياحية وحتى الغابة التي يمنع القانون حرقها وإتلافها، حيث أصبحت تعمل ليلا وتقطع الأشجار دون تحرك لمصالح الغابات ولا سلطات البلدية التي باركت العملية من خلال منحهم شهادة الحيازة. وبسوق الثلاثة تمكنت مافيا العقار من السيطرة على شاطئ بيدر الخلاب ما حال دون تجسيد مشاريع التنمية السياحية المقامة هناك، وحتى السلطات لم تتدخل لمنع هذا العمل اللاشرعي، بل صادقت عليه البلدية عبر منحها شهادة الحيازة للمعتدين وحتى إعانات في إطار دعم السكن الريفي ورخص للبناء، ما أدى إلى بروز صراعات مابين البارونات وأصحاب الأراضي الأصليين، حيث وصلت إلى غاية أروقة محكمة الغزوات. وبهنين، قام أحد نواب المجلس الوطني بالاستيلاء على عشرات الهكتارات فاتحا الشهية لباقي البارونات الذين أبادوا غابة أولاد يوسف الواقعة على بعد كلم شرق هنين أين سجلت مصالح الغابات 74 تدخلا لكنه ظل حبرا على ورق، وما زالت العملية مستمرة باستعمال شهادة الحيازة التي أصبحت تحل محل العقود الرسمية، إذ يكفي حضور شاهدين لتحويل ملكية الأرض وإقامة بناية عليها. تحقيق قضائي للحد من الاعتداء أمام كثرة المراسلات والشكاوى من قبل الجمعيات وممثلو المجتمع المدني لم يجد والي الولاية من بد إلا الأمر بتوقيف العمل بشهادة الحيازة وفتح تحقيق في قضية الاستيلاء على الأراضي المحمية بقرار رئاسي لإقامة مشاريع للتوسع السياحي، حيث تم تنصيب لجنة ولائية مختصة للوقوف على التجاوزات المسجلة بكل من بلديات سوق الثلاثة ومرسى بن مهيدي وهنين. ووضعت اللجنة المنصبة يدها على حقيقة التجاوزات وبتواطؤ من قبل رؤساء البلديات، الأمر الذي إستوجب إحالتهم على التحقيق القضائي لكن لحد الساعة لم يتم متابعة أي منهم بأي جرم، بل أن رئيسا بلديتي سوق الثلاثة وهنين ترشحا لعدة ثانية وظفرا برئاسة البلديتين، في حين أن التحقيق القضائي لم يأت بنتيجة ولم يصل إلى متابعة، لأن الذين يقفون وراء الملف من ذوي النفوذ الذين لا يطبق عليهم القانون، في حين أن توقيف سريان العمل بشهادة الحيازة حرم المئات من العائلات في 53 بلدية من تلمسان من حق الحصول على سكن ريفي. مشاريع سياحية متوقفة وعائلات متناحرة أمام المحاكم تسبب مشكل الاستيلاء على العقار بالمناطق المخصصة للتوسع السياحي بسواحل تلمسان إلى حرمان الولاية من عدة مشاريع سياحية هامة تمكنها من التحول إلى منطقة توفر المداخيل واليد العاملة وعلى رأسها مشروع القرية السياحية العملاقة التي وقع وزير السياحة على انطلاقتها سنة 2006 والتي كانت ستقام بشاطئ أولاد بن عايد، إلا أنها لم تعرف الانطلاقة بعد بسبب تقلص مساحتها التي اجتاحتها المافيا قبل أن تلتهم كافة المشروع ليختفي ولم يبقى له أثر. من جهة أخرى، وعوض أن تتم السلطات القضائية بمتابعة البارونات ومافيا العقار فتحت بابا واسعا للتناحر ما بين المالكين الأصليين للأرض بعقودهم الرسمية وزبائن البارونات الذين يملكون شهادة الحيازة، في حين لم يتم مساءلة الأميار ولو لمعرفة سبب هذا الإجراء اللاشرعي. يهاجمون موقع بابا جاني بهنين كشفت مصالح أمنية أن قرار والي ولاية تلمسان بإعادة العمل بشهادة الحيازة خلال الأسبوع الماضي قد أعاد قضية نهب العقار إلى البداية ورغم تحويل إمضاء شهادة الحيازة إلى رؤساء الدوائر عوض رؤساء البلديات، إلا أن بارونات العقار بهنين انطلقوا في إبادة غابة بابا جاني الشهيرة، بعدما قضوا على غابة أولاد يوسف وغابة تافسوت بهنين. وفتحت مصالح الدرك الوطني بهنين تحقيقا معمقا للوصول إلى الأطراف التي تقف وراء عملية نهب العقار الغابي، كما يتم التحقيق مع الرئيس السابق لبلدية السواني من طرف وكيل الجمهورية لدى محكمة الغزوات الذي أمر فرقة الدرك الوطني لبلدية باب العسة بالتحقيق في عملية نهب العقارات المحمية في إطار حماية المناطق الحدودية. وفي المقابل أشارت مصادر إدارية أن إعادة شهادة الحيازة من جديد من قبل والي الولاية وضع شروطا دقيقة للحصول عليها على غرار المصادقة عليها من قبل كافة القطاعات (الفلاحة، الغابات، الري، الأمن...) قبل الحصول عليها وهو ما سيقف عقبة أمام بارونات المخدرات.