يعول على المجلس الوطني للمنافسة الذي استأنف النشاط في انتظار أن يتعزز بمقر لائق يعكس ثقله ليمسك بخيوط السوق بما يفرض إعادة الاعتبار للشفافية في المعاملات وترقية المنافسة النزيهة بين المؤسسات الاقتصادية والمتعاملين التجاريين.ويراهن رئيس المجلس زيتوني عمارة الذي نزل ضيفا على التحرير بجريدة الشعب أمس على أسلوب التوعية والتحسيس تجاه الأطراف المعنية من أجل ضمان انخراط الجميع في مسار المنافسة النزيهة فيكون المستهلك شخصا أو مؤسسة الحكم الوحيد من حيث الجودة والأسعار. ونفى الضيف أن يكون المجلس تحت وصاية أي قطاع هيكلي آخر إنما هو هيئة تابعة للدولة مما يحررها من أي ضغوط أو تأثيرات محتملة قد يحاول من تزعجهم قاعدة المنافسة الشفافة ممارستها بأشكال مختلفة. والمنافسة ليست مشكلة أو عيبا لدى المؤسسات والمتعاملين الاحترافيين بل هي محفز لضمان التواجد في السوق وباستمرار من خلال الحرص على التحسين المستمر للجودة والمطابقة مع المعايير الفنية للمنتجات والمواد الفلاحية. ولا يلعب المجلس دور المتفرج أو الحامل لجملة من الأخلاقيات وإنما في مرحلة قادمة وبعد إرساء دعائم المنافسة وتبليغ كافة الشركاء بالمتطلبات التي ترتكز عليها المنافسة الاقتصادية والتجارية يمر إلى تنفيذ مستلزمات المهمة وذلك باستهداف كل من يمارس التعسف والاحتكار أو يهدد استقرار السوق. وتحتاج مصداقية السوق ومن ثمة مصداقية المجلس إلى وجود مؤسسات ومتعاملين ومستهلكين على درجة عالية من الاحترافية والتمسك بقواعد الشفافية وتحفيز المنافسة ضمن الحفاظ على مصلحة مشتركة تخدم الجميع. وهنا تكمن مسؤولية المؤسسة المنتجة التي بقدر ما تلتزم بالقانون والمعايير وتقبل لعبة المنافسة بقدر ما تضمن تواجدها في السوق وديمومتها لارتباطها مباشرة بالزبون أو المستهلك. ومن أبرز المهام التي يقوم بها المجلس في هذا الصدد التدخل لمنع أي تحايل أو تلاعب أو غش من أي متعامل منتج يخشى منافسة غيره ومن ثمة حماية السوق لتلعب دورها الحاسم فتفرض على كل من تأخر أو تقاعس أو سقط في الخمول بفعل الاحتكار والهيمنة للنهوض مجددا وتدارك أموره قبل أن يزاح خاصة في ظل التوجه إلى المنافسة العالمية المفتوحة بعد انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية والتفكيك النهائي للرسوم الجمركية في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والتي تطرح مواعيد مستقبلية لا تعطي فرصة أخرى للمؤسسات المترددة أو المتعودة على مناخ الاحتكار والغش والتحايل. وبالموازاة مع هذا المسار الذي كان بالإمكان أن ينطلق من قبل وللأسف أضاع وقتا كثيرا فيما انتشرت أعمال مخالفة لقواعد المنافسة وحان وقت اجتثاثها بالتوعية في مرحلة أولى ولكن بالزجر في مرحلة قادمة، فإن للمستهلكين أيضا مسؤولية كبرى في إشاعة ثقافة استهلاكية تغذي روح المنافسة وذلك من خلال توسيع منظومة الجمعيات التي تنشط باسم حماية المستهلكين وهي ممثلة في المجلس الوطني للمنافسة. وقد يكون من المفيد والفعال أن يتم الذهاب إلى تأسيس جمعيات للمستهلكين حسب فروع المواد والنشاطات من أجل التوصل إلى درجة متقدمة في التحكم في المعايير والسيطرة عل دواليب السوق مثل إحداث جمعيات للدفاع عن مستهلكي المواد الغذائية وأخرى للحوم وأخرى للكهرومنزلي ومثيلتها للخدمات المختلفة حتى تتم تغطية كامل السوق. ويعد التخصص أمرا جوهريا في هذا الظرف الذي لا يمكن أن يتطور نحو الشفافية دون توسيع المجال أمام التعبير والتنظيم ضمن مجتمع مدني احترافي ومتخصص مما يضاعف من حذر وحرص المؤسسات المنتجة لما تعرف أنها أمام جمعيات مستهلكين متخصصة في الموضوع.