تعرف الجزائر ضعفا كبيرا في مجال النقد الأدبي بسبب الكثير من العوامل التي جعلت الساحة الأدبية والإبداعية بعيدة عن مستوى التطلعات والإمكانيات التي تزخر بها بلادنا. وقد أدى نقص الإنتاج الأدبي والفكري إلى غياب نقاد في المستوى يكشفون ايجابيات وسلبيات الأدب والشعر والقصة والرواية وغيرها من المجالات وعليه فتطور النقد وازدهاره يجب أن يكون تحصيل حاصل لتطور الأدب. وفي ظل هذا الواقع برزت وسائل الإعلام الجزائرية من خلال فتح المجال لمختلف الاصدارات الأدبية وفتح المجال أمام النقد وهو ما خلق شبه تقليد مشجع لمعرفة ما بين سطور ما ينتجه الأدباء والمبدعون، وخلق نقاش فكري يحفز على تقديم الأحسن. ولا ينكر أحد دور السلطة الرابعة في التعريف بمختلف المبدعين الجزائريين والترويج لمنشوراتهم على غرار أحلام مستغانمي، ياسمينة خضرة، واسيني الأعرج، أمين الزاوي، رشيد بوجدرة وغيرهم.. وقد سمح هذا الاهتمام بجلب مهتمين جدد من مختلف الشرائح، وعلقّ رئيس نقابة الناشرين أحمد ماضي على هذه الظاهرة الإعلامية الجديدة بالايجابية، موضحا بأن إقبال الجزائريين على صالونات ومعارض الكتاب وطلبهم لمؤلفات كتاب جزائريين، يؤكد بأن الأدب له قابلية في المجتمع الجزائري. وحتى وإن كان الروائي أمين الزاوي قد حمل وسائل الإعلام بعض المسؤولية في تراجع الإنتاج الادبي والفكري من خلال تشجيع نوع على آخر، إلا أن الأمر ليس مبررا للتوقف عن الإنتاج الأدبي والفكري. وساهم اطلاع رجال الإعلام الناشطين في المجال الثقافي من تكوين أنفسهم من خلال تغطياتهم للأدب والرواية والشعر، ومنه تكوين ثقافة لابأس بها مكنتهم من إخضاع الكثير من الانتاجات الأدبية للتمحيص والتحليل والتفسير وتبيين الايجابيات والسلبيات، وهذا في ظل غياب نقاد في بلادنا ملمين بمختلف الاجناس الادبية. ويبقى النهوض بالنقد الأدبي من مهمة النقاد المثقفين والناشطين في الساحة الأدبية من خلال النضال وكثرة الإنتاج والجرأة للوصول إلى الحقيقة وتنوير الرأي العام، لأن التحجج بالإقصاء والتهميش والتعتيم الإعلامي ليس مبررا للوضعية التي نعيشها، وتبقى السلطة الرابعة نموذجا ولو بتحفظ لكل من يريد الحرية؟