مرت أمس الذكرى ال40 لاغتيال الشهيد «محمد بودية» هذا المثقف الجزائري الذي جمع بين العلم والنضال ما مكنه من تخليد اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الجزائر وتاريخ القضية الفلسطينية بسبب مواقفه وشجاعته التي جعلت «الموساد» الإسرائيلي يتواطأ مع أجهزة مخابرات غربية لاغتياله في العاصمة الفرنسية باريس بطريقة همجية في 26 جوان 1973 عن طريق وضع قنبلة بسيارته في المقاطعة الخامسة جعلته أشلاء. كشف الأستاذ والباحث التاريخي محمد عباس أن محمد بودية تمكن من زرع الرعب في المستعمر الفرنسي أثناء الثورة التحريرية من خلال قيامه بالعديد من الأعمال الفدائية داخل فرنسا، حيث وبعد هجرته لفرنسا في 1954 استطاع البروز كفنان مسرحي بفضل موهبته وثقافته الواسعة التي اكتسبها بالجزائر من خلال التكوين الذي تلقاه في المعهد الوطني للفنون الدرامية، وكذا مروره على الكشافة الإسلامية التي رضع منها الوطنية والجرأة. وعمل الشهيد الذي ولد في 1932 بسوسطارة بالعاصمة حسب نفس المصدر في منتدى «المجاهد» بالتعاون مع مشعل الشهيد في باريس مع الراحل كاتب ياسين، لينخرط في صفوف فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا ليرتقي الى مسؤول بها في جنوبفرنسا ويقوم بأول عملية فدائية ضد منشآت نفطية فرنسية قرب مرسيليا وهو ما كلفه الاعتقال في سبتمبر 1958 ليتمكن من الفرار في 1961 بمساعدة شبكة فرنسية مساندة للثورة الجزائرية. والتحق محمد بودية بتونس ليواصل نضاله ضد المستعمر، ليعاود بعد الاستقلال النشاط الثقافي من خلال إشرافه على المسرح الوطني الجزائري، وتأسيسه رفقة سارج ميشال «الجزائر هذا المساء»، كما كان مشرفا على جريدة نوفمبر الثقافية. وتأثر الشهيد محمد بودية بانقلاب 19 جوان 1965 ورفضه رفضا قاطعا بحكم قربه من الرئيس الراحل أحمد بن بلة، وشكل رفقة مجموعة من زملائه منظمة القوى الشعبية ليهرب بعدها في أكتوبر 1965 نحو تونس ومنها العودة الى فرنسا لمواصلة النضال، غير أن هزيمة العرب في حرب 1967 ونكسة أيلول الأسود في 1970 جعلته يوجه كفاحه نحو القضية الفلسطينية حيث كان مقربا من جورج حبش رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسيطن، وشارك في عمليات فدائية ضد الصهاينة بايطاليا وهولندا، وحادثة ميونيخ الشهيرة ضد الوفد الإسرائيلي المشارك في الألعاب الأولمبية، لتقرر مصالح ''الموساد'' تصفيته وهو ما حدث في جوان 1973. وقال رفيقه حسين زهوان أن الشهيد محمد بودية كان ملتزما بالمبادئ وروى بأنه تمكن من إرسال مبعوثين عنه تمكنوا من زيارتهم بعد اعتقالهم بعد انقلاب جوان 1965 في الصحراء في صورة تؤكد دهاؤه الكبير وشجاعته حيث رفض الهروب من فرنسا بسبب تهديدات الموساد ليتم اغتياله بطريقة بشعة. وأثنى السفير الفلسطينيبالجزائر على دعم الجزائر للقضية الفلسطينية من خلال نضال الشهيد محمد بودية الذي يعتبر دوره رائدا مثل شيغيفارا في مساندة حركات التحرر، مؤكدا بأن فلسطين لن تنسى فضل كل من دعمها وساندها.