تنتظر الساحة السياسية الدورة الخريفية للبرلمان والدخول الاجتماعي من أجل التحرك وإعادة التموقع بعد حالة من الركود الذي ميز الأحزاب التي حاول الكثير منها المناورة بملف صحة الرئيس بدل الاهتمام ببرامجها لكن سرعان ما انكشف أمرها، واختفت عن الأنظار، ولم نسجل أي حدث أو مبادرة سوى ردود الأفعال حول بعض القضايا الإقليمية أو الدولية. فضل حزب جبهة التحرير الوطني استباق الأحداث من خلال الفصل في قضية مناصب المجلس الشعبي الوطني بعد اجتماع 17 أوت، والدعوة لدورة اللجنة المركزية قبل نهاية الشهر الجاري لتجاوز مرحلة الفراغ والشك والتوصل الى مرشح إجماع ينقذ ما تبقى من ماء وجه الحزب الذي عاش ل7 أشهر دون أمين عام واختيار خليفة عبد العزيز بلخادم الذي تشير كل التوقعات الى عودته من الباب الواسع في الوقت الذي عاد تداول اسم عمار سعداني بقوة الذي تمكن في فترة ترأسه المجلس الشعبي الوطني من كسب العديد من مناضلي الحزب العتيد وهم مناضلون لا يمانعون عودته لقيادة اكبر حزب في البلاد. رفع الحزب العتيد من وتيرة نشاطه في ظل الرهانات التي تنتظر الساحة السياسية وخاصة الرئاسيات التي سيكون ل«الأفلان» دورا كبيرا في ترجيح كفة الموازين بالنظر للقواعد الشعبية وامتلاكه لعدد منتخبين لابأس به وفاء لمختلف المواعيد الانتخابية في ظل فشل الأحزاب الجديدة في تكوين وعاء يزاحم القوى السياسية التقليدية. ويظهر أن خريف التجمع الوطني الديمقراطي لن يكون على أحسن ما يرام في ظل تحرك الجناح الذي عارض الأمين العام السابق أحمد أويحيي ومحاولته الضغط للعودة بقوة الى المناصب القيادية قبل انعقاد المؤتمر الوطني الاستثنائي شهر ديسمبر المقبل وهي فترة حساسة بالنظر لقربها من موعد الرئاسيات ومرور عام على استقالة السيد أحمد أويحيي من أمانة الحزب. وتترقب أحزاب التيار الإسلامي بحذر تطور الأحداث في مصر، تونس وما تعيشه التيارات الإسلامية التي نزلت أسهمها في بورصة السياسية وباتت تتخوف من عقد الندوات الصحفية والتصريحات لتتفادى أية تأويلات قد تعود عليها بالسلب في ظل الحصار الإعلامي والحرب النفسية التي تخوضها كبرى التيارات السياسية عليها وبالتالي فهي تسعى جاهدة لتجنب الوقوع في مشاكل قد ترهن مصيرها نهائيا. وستذهب الأحزاب الصغيرة ضحية التحولات المتسارعة لمختلف القطاعات وهو ما سيؤجل بروزها وحجزها لمكانة ضمن الكبار وستكتفي دون شك بتأييد بعض الشخصيات المرشحة لرئاسيات 2014 وانتقاد عمل السلطات. ما عدا قانون المالية الذي سيبرمج رسميا في الدور الخريفية يبقى قانون السمعي البصري وقانون الاستثمار، ومشاريع القوانين الأخرى المتواجدة على طاولة الحكومة لم يفصل في أمرها بعد لمنح الوقود اللازم للأحزاب السياسية المتواجدة تحت قبة البرلمان. وبين العمل المناسباتي والصراعات الداخلية الحزبية تبقى الساحة السياسية في الجزائر تعاني من الركود والعمل المناسباتي في انتظار المرحلة التي تسبق الرئاسيات .