معاناة ''نسيم'' في الأربعينات من عمره مع المرض لم تتعبه كما أتعبته نظرة الناس والمجتمع القاتلة للمصابين بالسيدا، بحكم العادات والتقاليد والكثير من الطابوهات التي لا تزال تسير العقليات والذهنيات في المجتمع الجزائري.بعد أن تيقن ''نسيم'' بأنه مصاب بالإيدز بعد إجراء اختبارات الفحص الطبي، تأكد أنه مصاب بالفيروس. خبر إصابته بالمرض قلب حياته رأسا على عقب بسبب نفور الأهل والأقرباء منه. في بداية المطاف قاطعه أبناء أعمامه الذين كانت تربطهم به علاقة وطيدة فاقت كل تصور، خاصة وأنه لم يقم أية علاقة صداقة مع أشخاص خارج نطاق العائلة الكبيرة، بل أكثر من ذلك فقد بلغ بهم الأمر إلى دفع والديه وأخواته طرده من البيت لأنه وصمة عار بالنسبة للعائلة جميعا. يقول ''نسيم'' أن نظرة المجتمع للمصاب تجعله يموت في اليوم مرات عديدة، في كل نظرة اشمئزاز وتذمر وتهميش تنسيه هاجس الموت المفاجىء بسبب المرض. وتفوق أيضا بكثير الآلام النفسية والجسدية للإصابة مما فتح الباب على مصرعيه لحزن وتشاؤم دائمين. أما عن سبب إصابته، يقول ''نسيم'' أنه يرجع لسنوات إدمانه على المخدرات مع أصدقاء السوء. حكايته مع المخدرات بدأت بسيجارة عادية لتنتهي بسم قاتل يقول ''نسيم'' أن فشله في نيل شهادة البكالوريا وولوجه عالم البطالين أقحمه في معاشرة شباب همّهم الوحيد نسيان مشاكلهم والهروب منها بالإدمان على المخدرات، فكانت البداية بالنسبة إليه حسب قوله تدخين سجائر الكيف لعله يقضي على اليأس الذي أصابه ليصل به المطاف إلى ولوج عالم السرقة مع رفقاء السوء، والحصول على المزيد من المال لتأمين حاجتهم من المخدرات، فتعداه ذلك إلى إدمان الحقن المخدرة. والغريب في الأمر أن الجميع كان يستخدم إبرة واحدة في تعاطي المخدرات. إنه جنون الشباب يقول ''نسيم'': أمام هذه المتعة لم أكن أحسب حسابا لهذا اليوم. رجاء ''نسيم'' الوحيد أن تتغير نظرة المجتمع تجاههم ويعاملونهم برحمة، لأن مثل هذه المعاملة تساعدهم في تعدي عقبات كثيرة وتحول دون حدوث الإحباط النفسي الملازم للمرض. ------------------------------------------------------------------------