تمتلك الجزائر شبكة طرقات تفوق 114 ألف كلم، جزء كبير منها أنجز مؤخرا غير أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية جعلت من حركة المرور تتعقد من يوم لآخر في ظل الازدياد الرهيب لعدد المركبات حيث بلغت الحظيرة الوطنية حسب إحصائيات مصالح الدرك الوطني 6.1 مليون مركبة منها 3.6 مليون سيارة سياحية. ويستمر هذا الوضع في ظل مواصلة الوتيرة العالية لاستيراد السيارات التي تفوق 300 ألف سيارة كل سداسي. وهو ما سيزيد من حالات الاختناق خاصة على مستوى المدن الكبرى وعلى رأسها العاصمة. وبات الجزائريون يعتبرون الازدحام المروري أكبر هاجس يؤرق حياتهم اليومية، حيث يتسبب في الكثير من المتاعب النفسية والاجتماعية والاقتصادية رغم كل المحاولات للتقليل من التظاهرة إلا إن عدد السيارات فاق كل التوقعات وبات الحصول على مكان للتوقف أغلى من الذهب. يحدث هذا في ظل تواجد شبكات طرق ولائية لا تتجاوز 24 ألف كلم وطرق بلدية 60 ألف كلم بينما الطرق الوطنية لا تجاوز 31 ألف كلم في صورة تؤكد أهمية إنجاز مشاريع أخرى، أو إيجاد سبل جديدة لإخراج المؤسسات والهيئات العمومية والحكومية خارج المدن الكبرى وبناء حظائر لركن السيارات والقيام بعمليات تحسيس باستعمال وسائل النقل الجماعية على غرار الميترو والترامواي. قطع 17 كلم يحتاج لأكثر من ساعة يتطلب الوصول من باب الزوار إلى العاصمة في أوقات الذروة بين الثامنة والعاشرة صباحا أو العكس في الفترة المسائية أكثر من ساعة لقطع مسافة 17 كلم من شدة الازدحام، حتى الطريق الوطني رقم 5 لم يعد يستوعب الكم الهائل من السيارات التي تستعمل الطريق. يخلق هذا الوضع توترا كبيرا لدى السائقين ويجبر الكثير منهم على التجاوز الخطير والبحث عن أي منفذ لربح أمتار إضافية تمكنهم من الوصول إلى مقر عملهم أو الوصول الى مستشفى أو هيئة عمومية ومرفق خدماتي لقضاء مصالحهم. ويفرض هذا الواقع كثرة المخالفات المرورية وحوادث المرور خاصة في المدن الكبرى على غرار العاصمة التي سجلت في الثلاثي الأول من السنة الجارية، حسب مصالح الدرك الوطني 287 حادثا ووهران ب 249 حادث وباتنة 212 وسطيف 189 حادث مرور. وقد سجلت نفس المصالح في الفترة بين جوان وسبتمبر من السنة الجارية 50 ألف مخالفة وجنحة مرورية تم من خلالها سحب 22 ألف رخصة سياقة وهو ما يعكس الواقع الجهنمي لحركة المرور ببلادنا. ويبقى الوضع مرشحا للتدهور أكثر والاعتقاد أن الحل الأمني من خلال رمي كل الثقل على مصالح الدرك والأمن الوطنيين سيزيد من الطين بلة في ظل هشاشة قطاع النقل والمدينة والكثير من القطاعات الوزارية التي عليها أن تنسق فيما بينها لإيجاد الحلول الميدانية والإستراتيجية.