حدد وزير الفلاحة بناء منظومة للأمن الغذائي كهدف استراتيجي حيوي يفتح آفاقا عريضة أمام البنية الاقتصادية بحيث يكون قطاعه بمثابة القاطرة التي تمهد الطريق لإقامة أسس اقتصاد خارج المحروقات. ولذلك كان من الطبيعي وضع العقار الفلاحي في صدارة أولويات مسار تشخيص واقع استغلال الأراضي الزراعية ومدى انخراطها في ديناميكية الاستثمار الفلاحي الذي يرتقب أن يعرف نموا بفضل تفعيل نظام الامتياز وإنعاش الاستصلاح. وبالفعل يقدم نظام الامتياز كل الضمانات للفلاحين للاطمئنان على مركزهم القانوني تجاه العقار، من ثمة الانخراط في العمل الإنتاجي بمعايير اقتصادية تؤهل للمنافسة في أسواق إقليمية ودولية بدءا بالمساهمة في تقليص الاستيراد في بعض المواد الأساسية كالحبوب وبعض المواد التي تدخل في الصناعة الغذائية. ويرتقب أن يمر القطاع الذي يتصدر المشهد الاقتصادي المحلي خاصة بفعل ارتفاع أسعار المواد الزراعية بالرغم من الموارد الهائلة التي لم تتوقف الدولة عن ضخها من خلال مختلف آليات الدعم، إلى سرعة متقدمة إقحام كافة قدراته في العملية الاستثمارية، التي أصبحت مفتوحة أيضا أمام متعاملين أجانب يهتمون بالاستثمار بالشراكة وفقا للقاعدة 49/51. لقد حان الوقت لان تتحول المستثمرة من مجرد مساحة للزراعة التقليدية إلى مؤسسة اقتصادية تقوم على قواعد سليمة للإنتاج، تكون لأصحابها قناعة راسخة بان خيار الاستثمار ومواكبة التطور التقني في مختلف جوانب الدعم والمرافقة، مسلك حيوي يوفر المناعة لقطاع سيواجه في المديين المتوسط والبعيد منافسة خارجية صعبة. وفي هذا الإطار فان مراقبة العقار الزراعي من حيث قوة الاستغلال، وحمايته من الإهمال والاعتداءات المختلفة، تحمل دلالات إذا ما التزمت الجهات المكلفة بأداء المهمة بالسرعة والدقة اللازمتين في شفافية لا تقبل الجدل، وكسر أي نزعة احتكار أو تلاعب قد يحاول بعض الانتهازيين تكريسها تحت شعارات براقة. ولا يعني هذا مطاردة من استحوذوا على العقار المصنف فلاحي بامتياز خارج اطر الشرعية بعد أن أصبحت الحالات أمرا واقعا، وإنما التأكد من مدى تغيير الطابع الأصلي والوظيفي للعقارات المعنية أو إهمالها، ومن ثمة تفعيل إجراءات تصحيح الموقف لما في الموضوع من ارتباط مباشر بالأمن الغذائي الذي يتعلق بمصير أجيال بكاملها قبل أي شيء آخر وهو ما يبدو أن وزير الفلاحة يسعى إلى إبرازه ليتحمل كل طرف مسؤوليته.