يتوفر قطاع الفلاحة على كافة عوامل تحقيق حصيلة ناجحة هذا الموسم ليعزّز مساهمته في النمو الاقتصادي، علما أنه أنجز السنة الماضية نسبة نمو بلغت 13 % مقابل 3 ، 10 % سنة من قبل. ومن أجل تعزيز هذه الديناميكية في قطاع يؤسّس لمرحلة ما بعد المحروقات تضاعف التركيز على دفع الاستثمار الزراعي في الولايات الجنوبية، حيث كل المؤشرات تؤكد إمكانية تحقيق الإقلاع لمحور الصناعات الغذائية من خصوبة للأراضي وشساعتها ووفرة المياه إلى جانب رصد أغلفة مالية معتبرة.وفي هذا الإطار، تمّ تجنيد ما يعادل 50 مليار دينار لفائدة 5 ولايات من الجنوب من أجل تنمية محاور نشاطات اقتصادية زراعية بامتياز مثل الاستصلاح الذي يمكن أن يغطي مليون هكتار وتربية المواشي والأبقار وتنمية الواحات على مدى السنتين القادمتين. وبهذا لن تبقى مناطق الجنوب مجرد مصدر للمحروقات بقدر ما هي البديل الاستراتيجي القائم على خيار مصيري يعني الأمة قاطبة. وتمّ الإعلان عن هذا البرنامج في اجتماع عقد مؤخرا بمدينة غرداية أطّرته وزارتا الداخلية والفلاحة ضمن التوجه العملي للدولة في توظيف كافة المؤهلات الاقتصادية الطبيعية والمادية للبلاد، بالموازاة مع إطلاق سياسة جديدة للتصنيع على غرار الشراكة لإنتاج الجرارات الحديثة بقسنطينة وآلات الحصاد القوية بسيدي بلعباس. وبالاستناد للمعطيات المتداولة بهذا الخصوص، فإنّ مناطق الجنوب المعطاءة التي تشغل حوالي مليون شخص بمختلف الأشكال على مساحة صالحة للزراعة تقدر بحوالي 400 ألف هكتار تساهم بقيمة مضافة لا يستهان بها، فقد حقّقت ما نسبته 3 ، 18 % في مجموع القيمة الإجمالية للنتاج الفلاحي على المستوى الوطني خلال سنة 2012 ومن المتوقع رفع النسبة إلى 30 %، وعلى سبيل المثال حققت ولاية بسكرة لوحدها إنتاج ما قيمته 124 مليار دينار من المواد الفلاحية. ويراهن على رفع تحدي تحقيق مستوى متقدم في إنتاج الحبوب باعتبارها مادة استراتيجية مصيرية بالنسبة للاقتصاد من حيث خطورة التبعية للأسواق الخارجية، وارتفاع فاتورة الاستيراد التي تراجعت في السنوات القليلة الماضية بفضل الزيادة في حجم الإنتاج وجودته جراء الدعم الكبير الذي سخرته الدولة لهذا الصنف من المواد الفلاحية الحيوية، التي حقق للبلدان المصدرة موارد تناهز ما تحققه المحروقات وأكثر من حيث التأثير الاستراتيجي. وتصنّف الجزائر ضمن البلدان الأكثر استيرادا للحبوب، بحجم حاجيات يقدّر ب 80 مليون طن سنويا. وعلى هذا المسار الذي يؤسس للأمن الغذائي في المديين المتوسط والبعيد، ويستدعي انخراط كافة المتدخلين في الديناميكية الفلاحية وإدماجها في مسار التنمية الصناعية تفيد التوقعات انتظار إنتاج محاصيل تصل إلى أكثر من 50 مليون قنطار من الحبوب بمختلف أنواعها هذا الموسم مقابل 46 مليون قنطار في الموسم الماضي على مساحة إجمالية تقدّر ب 3 ، 3 ملايين هكتار، منها 163 ألف هكتار مخصصة حصريا لنتاج البذور وتحسينها في وقت يتعزّز فيه جانب العتاد الخاص بعمليات الحصاد بتجنيد 9500 آلة حصاد ويرتفع عددها هذا الموسم بفضل زيادة وتيرة إنتاج عتاد الحصاد. وتعدّ عقود النجاعة في هذا المجال تجربة متقدمة لكنها تتطلب تسجيل وقفة للتقييم واستخلاص النتائج من أجل تدعيم التجربة وتعميمها، مع الحرص على ترشيد برامج التمويل الفلاحي والتحكم في آليات الدعم المالي التي لا ينبغي أن يتسرّب إليها أيّ شكل من أشكال الفساد.