في غياب اضطراري لرئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما بسبب وفاة الزعيم نيلسون مانديلا، والرئيس السوداني عمر البشير، الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف دولية، إضافة إلى رؤساء دول إفريقية أخرى تم تجميد عضويتها منظمة الاتحاد الأفريقي بسبب وقوع انقلابات سياسية وعسكرية فيها، مثل مصر ومدغشقر وإفريقيا الوسطى وغينيا بيساو، انطلقت أمس قمة فرنسا - إفريقيا للأمن والسلم بقصر الإليزيه بحضور 37 رئيس دولة وحكومة من القارة السمراء. القمة التي ينتظر منها إعطاء نفس جديد للعلاقات الفرنسية الإفريقية بعد تراجعها بشكل كبير في السنوات الأخيرة لصالح قوى اقتصادية أخرى مثل الصين والولايات المتحدة، تبحث عدة محاور أبرزها ملف الأمن والسلام في القارة السمراء وآلية دفع جديدة للاستثمارات والشراكة الاقتصادية بين فرنسا وإفريقيا، فضلا عن مشاكل المناخ والبيئة. الأجواء التي رافقت جلسة الافتتاح تؤكد بكل وضوح أن باريس تتمسك دائما بمقاربة توفير الأمن والسلام في القارة الإفريقية كشرط أساسي لدفع التنمية وإطلاق مشاريع اقتصادية مشتركة جديدة بين فرنسا والدول الإفريقية التي تشهد نموا يتجاوز 5 بالمئة، فتبني مجلس الأمن الدولي قرارا تحت الفصل السابع يتيح لباريس التدخل عسكريا في جمهورية إفريقيا الوسطى عشية انطلاق أشغال القمة الذي تزامن مع إعلان باريس عن بداية العمليات العسكرية في هذا البلد الذي يشهد حالة من الفوضى وأعمال العنف منذ الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزي في مارس الماضي على يد تحالف المتمردين «سيليكا». يأتي ذلك مناقضا تماما لتصريحات هيغو سعاده المكلف بتنظيم القمة، حيث أكد أن فرنسا تعلمت كثيرا من حرب مالي ومما يحدث في جمهورية إفريقيا الوسطى ومن كل الأحداث التي عرفتها منطقة الساحل مؤخرا، مشيرا أن الأفارقة يريدون اليوم حل مشاكلهم السياسية والأمنية بأنفسهم دون تدخل أية جهة أجنبية. وعبر عن التزام باريس بتشجيع كل مبادرة تسير في هذا الاتجاه وتقديم الدعم التقني واللوجستي اللازمين من أجل خلق قوة عسكرية إفريقية قادرة على التدخل لإنهاء الصراعات المسلحة وفرض الأمن في كافة بلدان القارة. وكانت ندوة عمل سبقت انطلاق القمة انكبت على دراسة صيغ جديدة لتجسيد الشراكة بين الطرفين، وقد تعهد خلالها الرئيس فرانسوا هولاند في خطاب طغى عليه الجانب الاقتصادي، بمضاعفة المبادلات التجارية بين فرنسا وإفريقيا خلال السنوات الخمس المقبلة. وقال «لقد دقت ساعة إفريقيا، ينبغي على الشركات الفرنسية أن لا تتردد في الاستثمار في هذه القارة. بل عليها القيام بذلك لأنها قارة تشهد ديناميكية اقتصادية قوية وهي تعتبر قارة المستقبل». كما التزم من أجل استقطاب المستثمرين الأفارقة بتسهيل منح التأشيرات للمستثمرين والفنانين والطلبة الذين يريدون المجيء إلى فرنسا، مشيرا إلى ارتفاع نسبة التأشيرات الممنوحة للمستثمرين الأفارقة خلال الأشهر المنقضية من سنة 2013 ب13 بالمئة وأكد أنها مرجحة للارتفاع أكثر مستقبلا.