سجّلت الساحة الاقتصادية قبل أيام تنظيم معرض الانتاج الجزائري، في مشهد يعكس مؤشرات يمكن البناء عليها لمسار إرساء بنية اقتصادية خارج المحروقات يمكنها أن تدفع بالمؤسسة الجزائرية بكافة أصنافها الوطنية البحتة والمختلطة الى مستوى النجاعة في الاداء، ممّا يؤهّلها لكسب رهان المنافسة إقليميا ودوليا. غير أنّ هذا المعرض بقدر ما عرف مشاركة مقبولة من الفاعلين الاقتصاديين المحليين، بقدر ما أثار حفيظة بعضهم بسبب تحول المعرض المصنّف احترافي مخصص للصناعيين والمنتجين إلى مساحة للبيع والتسويق، حتى بدت التظاهرة كانها سوق للاستهلاك أكثر من أي شيء آخر. وبين ابتهاج من حوّل المعرض الى سوق، وبين من عبّر عن امتعاضه، يطرح السؤال مرة أخرى عن المتسبّب في ذلك وإلى متى يستمر الخلط في المفاهيم، ومن المستفيد من ذلك؟ لم تتوقّف الدولة التي جنّدت الموارد وسطّرت الأهداف بوضوح عن التأكيد في كل مناسبة على ضرورة تصحيح صورة الساحة الاقتصادية الجزائرية من مجرد سوق استهلاكية، إلى ساحة استثمارية بالمفهوم الصحيح للكلمة. ويكون أحد المنطلقات لذلك باحترام معايير ومقاييس التظاهرات الاقتصادية بالتمييز بين مناسبة للتسويق ومناسبة للتعريف بالقدرات الانتاجية والاستثمارية، ومن ثمّة وضع المتعاملين في رحاب فضاء يضمن لهم فرصا حقيقية لإبرام شراكات ذات وزن اقتصادي يرتكز على القيمة المضافة، وكفيلة بأن تؤسّس لاقتصاد يضمن توازن الميزان التجاري ويعوض بحجم معتبر ما تفقده الجزائر من موارد بفعل تقلبات الأسواق خاصة تلك المتعلقة بالمحروقات. ولعل ما يتطلّبه الموقف بالنظر لقوة الرهانات وثقل التحديات، أن يتم العمل بالمعايير السليمة في مثل هذه التظاهرات، وبالتالي التوصل إلى تنظيم مواعيد واضحة المعالم ودقيقة الأهداف، وبالتالي التمييز بين المعرض والسوق حتى يجد كل طرف غايته، وتتحقّق المقاصد الكبرى من خلال وضع المتعامل الصناعي والمنتج وكذا المؤسسة الاقتصادية في ظل مناخ جذاب وشفاف يسمح بتشكيل رؤية صحيحة للمشهد الاستثماري في بلادنا، وهو المشهد الذي يحمل مؤشرات جديرة بالتوقف عندها لما تعكسه من فرص أكيدة للنجاح، خاصة إذا ما عرفت الجهة المكلّفة كيف تجمع الامكانيات وربطها بالفرص الواعدة التي تحرص الدولة على توفير المناخ الملائم لها.