شدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على التدابير المستعجلة للحد من تراجع أسعار البترول وبلوغها درجة من الخطر المهدد مباشرة تمويل التنمية. وأكد رئيس الجمهورية في الندوة الاستثنائية ال 15 التي تجري وقائعها تحت رعايته السامية بفندق الشيراتون وهران، أنه لا بديل عن تقليص الانتاج بالنسبة الكفيلة باحداث استقرار سوق تتحكم فيه قوى المضاربة إلى أبعد الحدود، وليس ل ''الأوبك'' أية مسؤولية عكس الاتهامات الملصقة بها زورا وبهتانا. وبعد أن شرح وضعية السوق اتجاهاتها والعوامل المؤثرة المتداخلة، ناشد الرئيس بوتفليقة اعضاء البلدان المصدرة للنفط ''أوبك''، باختيار هذا الموقف الذي يؤمن المصلحة، ويحفظ استقلالية القرار والوحدة والحرية بلغة واحدة تجاه تحديات الظرف وتقلباته. وخاطب رئيس الجمهورية المشاركين في دورة وهران، بكلام وجيه ينم عن ادارة الجزائر في تأمين مصلحة الأوبك، وإعلائها، وقال في كلمته التي استغرقة عشرين دقيقة ''أرجوكم أن تقرروا، ورجائي أن تنفذوا''. وفي هذا الكلام حرص شديد على ضرورة احترام ما تقرر، وتنفيذه لاعطاء المضاربين الوجه الحقيقي للأوبك وصورتها بعيدا عن التأويلات والمزايدة، بعيدا عن الاعتقاد الخاطئ بأن المنظمة النفطية التي ولدت في ظروف استثنائية بعد تحمل قرار الحسم والفصل.. ولم تبقى مكتوفة الأيدي تجاه من يغرقون السوق بالبترول رغم تشبعه بهذه المادة الحيوية، لكنها ذاهبة الى أبعد ما يتصور في صيانة الموقف الموحد، الذي سبق أن اتخذته في أكثر من مرة. ونجحت في استمالة أطراف أخرى لم تكن عضوة فيها، في قرارات حاسمة انصبت عن تقليص الانتاج، لإعادة التوازن المفقود في السوق المولد لكل أشكال الانهيار والفوضى. والجزائر التي ترأس الأوبك تدعم هذا التوجه وتشجع هذا الخيار المؤمن الوحيد لمصلحة البلدان المنتجة للنفط والمستهلكة له على حد سواء... ولعبت الجزائر الدور الريادي في القرار الذي اتخذته ''الأوبك'' في اجتماعها الأخير يوم 24 أكتوبر الماضي والقاضي بتعديل العرض النفطي من أجل تثبيت استقرار السوق الواقع تحت هزات الأزمة المالية العالمية التي اضرت بالاقتصاديات، وعطلت مسار النمو وخلق الثروة. وعلى غرار قمة الأوبك التي جرت في بلادنا في أوساط السبعينيات لمواجهة الصدمة النفطية الأولى، ترى الجزائر في دورة وهران التي حضرتها أربع دول غير عضوة في الأوبك ممثلة في روسيا وسوريا وأذربيجان وسلطنة عمان، أن هذا الطرح أقوى خيار وواقعية. وذكر به الرئيس بوتفليقة في خطابه الذي بدأه في العاشرة وعشرون دقيقة صباح أمس والسبب أن تقليص الانتاج يعزز الضبط في السوق، ويبعد عنها حالة الانهيار والاضطرابات المضرة بمصالح الجميع، عدا المضاربين الذين يتلاعبون بتوجهات السوق، ويديرونها حسب المنفعة والفائدة. ومثلما حذرت منه أكثر من مرة، وأكدت بالملموس خطورة المضاربة التي تتحمل تبعاتها اضطرابات السوق، تعود للأوبك الى موقفها الراسخ. وتطالب بمزيد من آليات الضبط التي ولدت الفوضى والأزمة المالية، ودفعت بالاسعار الى الانخفاض الى مستوى أدنى لا يمكن قبوله بالمرة، ولا يمكن اغماض الأعين عن خسارة الاسعار البترولية للأوبك أكثر من 50 في المائة من قيمتها في بحر شهرين. وهنا يفرض تقليص الانتاج بنسبة مليوني أو مليونين ونصف برميل يومي، الخيار الأنسب، ينهي حالة الفائض الكبير في السوق المولد لتراجع الأسعار، وما يتبعها من آثار بسلبية على الايرادات الموجهة للتنمية. وبهذا القرار الحاسم الذي يتخذ في دورة وهران، في ظل الرئاسية الجزائرية، تنظر الأوبك أنها سيدة نفسها وصائنة مصلحتها وأنها لا يقبل بالمرة ببقاء السوق تحت لعبة المضاربين، الذين يتمادون في جهود انهيار الأسعار ونزولها الى الأسفل بأسرع ما يتوقع. الجزائر التي تحتضن الدورة الاستثنائية، ودعت منذ أولى بدايات تقلب السوق الى استباق التطورات حريصة على قرار تقليص الانتاج، الذي لم يضمن فقط التوازن والانسجام في الأوبك، ويكرس الثقة بين الأعضاء ال 13 بل يعد المدخل الوحيد لاستقرار الاسعار، وما يتبعها من فوائد على الايرادات والحركة الاقتصادية العالمية. ------------------------------------------------------------------------