أخذت مسائل الأمن والسلم في القارة الإفريقية حيّزا معتبرا من نقاشات رؤساء دول وحكومات البلدان الإفريقية المجتمعين في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية، لحساب القمة العادية 23 للاتحاد الإفريقي، التي شهدت مشاركة أولى لكل من مصر وغينيا بيساو في القمة ممثلتين في رئيسيهما المنتخبين، المصري عبد الفتاح السيسي والغيني بيساو خوزي ماريو فاز، وذلك بعد الأحداث التي شهدها بلداهما والتي علقت بسببها عضويتهما في الاتحاد. وكما كان منتظرا، تطرق الزعماء الأفارقة إلى مسإلة إنشاء قوة جهوية تتشكل من دول بحيرة التشاد وهي الكاميرون، التشاد، نيجيريا والنيجر بهدف تجنيب نيجيريا أي سيناريو محتمل للتدخل الأجنبي فيها، وكذا العمل على القضاء على ظاهرة الإرهاب الذي تمثله أساسا حركة "بوكو حرام" المتطرفة التي أصبحت تشكل تهديدا على نيجيريا وكل منطقة غرب إفريقيا. ودائما وفي إطار مساعي القارة لتعزيز السلم والأمن بها، اطلع الزعماء الأفارقة على التقدم المحقق في هذا الصدد، عبر أعلى هيئة تعنى بالأمن والسلم القاري وهي مجلس الأمن والسلم. وكانت مسألة إنشاء ميكانيزم للإنذار المبكر بالأزمات والقوات الإفريقية الاحتياطية، التي ستكون عملية نهاية العام 2015، من أهم القضايا التي تم مناقشتها. وفي إطار الجهود الإفريقية، المطالبة بعدالة أكثر في الهيئة الأممية بين الدول الأعضاء المشكلة لها، ناقش الزعماء الأفارقة مسألة إصلاح هذه الهيئة، خاصة مجلس الأمن، التي تزال العضوية الدائمة فيه تقتصر على خمس دول وذلك على مدار 70 سنة من إنشاء الأممالمتحدة، التي لم تعد تنظيماتها وقوانينها تتمشى مع المستجدات والتطورات المتسارعة ولاتزال تتجاهل القوى الصاعدة اقتصاديا وعسكريا. الأمين العام الأممي، بان كي مون، ضيف القمة 23 العادية للاتحاد الإفريقي، أكد دعمه لهذا الأخير في مساعيه الرامية لتحقيق أهداف التنمية وكذا تلك الرامية إلى تحقيق الأمن والسلم القاري، داعيا إلى تنسيق أكثر للجهود بين الهيئة الأممية والاتحاد الإفريقي من أجل حلول سلمية لكل النزاعات التي تعصف بقارة تتطلع إلى تنمية مستدامة وتعزيز أمنها الغذائي الذي سيأتي استكمالا لمسارات التحرر الوطني. وفي سياق ذي صلة بالتسوية السلمية للنزاعات، ناقشت قمة الاتحاد الإفريقي التي اختتمت، أمس الجمعة، في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو، تحت شعار: "الزراعة والأمن الغذائي"، الأوضاع في جمهورية إفريقيا الوسطى، قدمت قبلها الرئيسة الانتقالية، كاترين سامبا بانزا، أمام نظرائها الأفارقة عرضا مفصلا عن الأوضاع في بلادها التي يربطها موعد مع انتخابات رئاسية مطلع العام 2015 تنهي المرحلة الانتقالية التي مر منها 6 أشهر دون أن تتحسن الأوضاع بالشكل المطلوب. وقد طالب الرئيس التشادي، إدريس ديبي، الذي ترأس جلسة مناقشة الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى، بإطلاق حوار بيني في البلاد، تشارك فيه جميع الأطراف، تمهيدا لمصالحة وطنية شاملة. يبدو أن هذه القمة ستكون قمة عودة إفريقيا إلى الأخذ بزمام المبادرة من خلال التكفل بمشاكلها دون تدخل أجنبي، سيما بعد تدخل فرنسا في كل من مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، وما مسألة مناقشة مسألة إنشاء قوة إفريقية تتشكل من دول بحيرة التشاد لتجنيب نيجيريا شبح تدخل أجنبي محتمل ومواجهة التهديدات الإرهابية في نيجيريا، تؤكد أن هناك موجة وعي تكتسح القارة تدعو إلى التزام أكبر بالهوية الإفريقية والتضامن في حلّ مشاكل القارة السمراء وتخفيف آلامها إفريقيا.