غيّب الموت مرة أخرى كاتبا وأديبا ومبدعا وإعلاميا لامعا في فضاء الصحافة الثقافية، بلقاسم بن عبد الله، ذلك الأديب الحشوم الخلوق، والراعي للإبداعات من خلال النادي الأدبي الذي كان يشرف عليه الفقيد. في الصحافة المكتوبة وعلى صفحات جريدة «الجمهورية» عبر عشرية من العطاء الإبداعي قدم الراحل خلالها للجزائر أجيالا من الكتاب الذين تزخر بهم وعبر مساهماته الدائمة في النقد والتوجيه والبناء الفني والحضور الدائم عبر الملتقيات داخل وخارج الوطن. رحل الفقيد عن عمر ناهز 68 سنة وهو يستعد لإعداد كتابه الجديد «مؤانسة»، يتضمن حوارات لكاتبات أديبات وتسجيل بعض مواقفهن، لكن الأجل أراد له غير ذلك، ليترك هذا المجهود الأدبي بين أحضان الأحبة لطباعته وإخراجه إلى النور. عرفت الفقيد بلقاسم بن عبد الله من خلال حضوره قلما وصحفيا في مداخلات وندوات كانت تقام في الملتقيات الأدبية والفكرية. ومن منا لا يذكر تواجده على أعداد ركن النادي الأدبي الذي كان يشرف عليه على صفحات جريدة الجمهورية بالغرب الجزائري. كانت الأقلام الشابة آنذاك تنشر أعمالها الإبداعية وهو يتابعها ليصقل الموهبة ويوجهها من خلال حرصه الدائم على سمو رسالة الأديب الحقة بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين. كان آخر لقاء جمعنا وحاولنا استرجاع ماضي الأمس القريب ونحن ننتقل من محطة إلى أخرى. وتذكرنا كل الأسماء التي نشرت أعمالها على صفحات الجرائد التي شغل بها الفقيد على غرار الراحل الناقد بختي بن عودة الشاعر سعيد هادف الشاعر عبد الله الهامل الشاعرة خيرة بلقصير فاطمة الأجمل والناقد بن يمينة كريم والأديب رامي الحاج والقائمة طويلة ومعذرة للأسماء التي لم تحضرني في هذا المقام الجلي. عمل الكاتب بلقاسم إلى جانب انشغاله بالصحافة على مدار 9 سنوات بوكالة الأنباء الجزائرية وكذلك اشتغل بجريدة الجمهورية مدة عشر سنوات أيضا لينتقل بعدها إلى إذاعة تلمسان الجهوية ليكون مساهما في بعثها عبر برامج كان يعدها هناك وهذا في سنة 1992 وقد كان عضوا باتحاد الكتاب الجزائريين بمجلسه الوطني وعضوا في جمعية الجاحظية. أصدر الفقيد مجموعة من المؤلفات وأخرى عبارة عن مخطوطات، منها كتاب حول الشاعر مفدي زكريا في طبعتيه والذي ترجم إلى الفرنسية وكتاب حول الأدب والثورة وحرقة الكتابة، إلى جانب بصمات وتوقيعات سنة 2008 ومرافعات ومتابعات سنة 2012 وأوراق صحفي محترف. انتقل الفقيد إلى جوار ربه وهو يصارع مرضا مفاجئا وتعرضه لوعكة بعد عملية جراحية أجراها منذ أسبوعين ألمّ به صدفة دون سابق وعد، ليلتحق بالرفيق الأعلى في غرة رمضان الكريم. ووري الثرى أمس بعد صلاة الظهر بمقبرة تلمسان.