حظيت أولى جلسات الحوار الوطني الليبي، الذي احتضنته مدينة غدامس، جنوب غرب ليبيا، برعاية من الأممالمتحدة، الأثنين الماضي، بترحيب دولي وتجاوب من قبل الفرقاء السياسيين الليبيين، رغم رفضه من قبل الجماعات المسلحة وإصرارها على الحل العسكري للأزمة. فقد أعلن رئيس بعثة الأممالمتحدة لدى ليبيا «برناردينو ليون»، أن «الجولة الأولى من الحوار بين الفرقاء الليبيين في مدينة غدامس جرت في أجواء بناءة وإيجابية وأن المجتمعين اتفقوا على بدء العملية السياسية ومناقشة كل القضايا». وبحسب المسؤول الأممي، فقد أجمع أعضاء من مجلس النواب الليبي المنتخب من قبل الشعب و12 آخرون من النواب المقاطعين لجلسات المجلس المؤيدين للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بكافة أرجاء البلاد. وفي هذا الصدد، رحب الاتحاد الأوروبي بانطلاق الحوار بين الأطراف الليبية وأكد تشجيعه لجميع الأطراف على تبنّي موقف بناء يؤدي إلى إرساء حوار سياسي شامل. بدوره أكد الاتحاد الإفريقي دعمه لجهود الحوار الوطني ودعم العملية الديمقراطية واحترام الإعلان الدستوري لليبيا. من جهتها رحبت «رابطة علماء ليبيا» بجولة الحوار الوطني وبما صدر من توافق وحسن نوايا من أبناء هذا الوطن لدعوة وقف إطلاق النار وشد أيديهم للمضي قدما في هذا الحوار. ويعقد مجلس النواب الليبي الجديد، منذ الرابع من أوت الماضي، جلساته في مدينة طبرق، شرق طرابلس، وهو ما اعتبره المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته، خرقا للإعلان الدستوري المؤقت الذي يلزم مجلس النواب بتسلم السلطة في طرابلس وعقد جلساته في مدينة بنغازي (شرق). وبحسب مجلس النواب المنتخب، فإن انعقاد جلساته في طبرق جاءت بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في كل من طرابلسوبنغازي. ويعترف المجتمع الدولي بالبرلمان الجديد المنبثق عن انتخابات 25 جوان الماضي. وتشهد ليبيا حالة انقسام سياسي مع وجود حكومتين برئاسة عبدالله الثني وعمر الحاسي ومجلسين تشريعيين هما مجلس النواب المنتخب والمؤتمر الوطني العام الذي قرر في نهاية أوت الماضي استئناف نشاطه، رغم انتهاء ولايته وتكليف عمر الحاسي بتشكيل حكومة إنقاذ. مباحثات في غدامس عقب العيد وتأتي أولى جولات الحوار الوطني الليبي، بالتزامن مع المبادرة التي أطلقتها الجزائر مؤخرا والتي تدعو الفرقاء الليبيين إلى الجلوس إلى طاولة الحوار خلال شهر أكتوبر الجاري بالجزائر العاصمة، في إطار الاجتماع الرابع لدول الجوار حول ليبيا. ويتمثل موقف الجزائر في هذه المبادرة، في رفض كل تدخل أجنبي في ليبيا وتشجيع الحوار الشامل الذي يسمح بالتوصل إلى حل سياسي يسمح بعودة الاستقرار والسلم إلى ليبيا. هذا وأجمع الفرقاء السياسيون الليبيون خلال الجولة الأولى من الحوار الوطني، على ضرورة وقف أعمال العنف في البلاد والعمل من أجل إخراج ليبيا من هذا النفق المظلم. واتفق المجتمعون في غدامس على دعوة كل الأطراف إلى وقف فوري لإطلاق النار والشروع في حوار جامع شامل دون إقصاء أو تهميش ووضع برنامج عملي وفاعل لتخفيف الأزمة الإنسانية على أبناء الشعب، خاصة من هم في حاجة للعلاج من الجرحى والمهجرين. ومن القرر أن يتم عقد جلسات مباحثات بين الأطراف المتنازعة في غدامس عقب عيد الأضحى المبارك. المسلّحون يصرّون على الحل العسكري ورغم اتفاق الأطراف السياسة الليبية على حلّ خلافاتهم من أجل المضي قدما بالبلاد نحو الاستقرار، أعلنت الجماعات المسلحة في ليبيا رفضها للحوار الوطني، باعتبار أنه لم يُبْنَ على أسس شرعية صحيحة، داعية إلى التمسك بالحل العسكري. وعارضت الجماعة المسلحة، التي تطلق على نفسها اسم «فجر ليبيا» - والتي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ 23 أوت الماضي - الحوار بين نواب مؤيدين ومعارضين في البرلمان الليبي المنتخب (الذي تعترض عليه أساسا) وأعلنت تمسكها بالحل العسكري.