اعتبر الخبيرالدولي في المناجمنت الاستراتيجي عبد الرحمان مبتول، أن الهدف الاستراتيجي للجزائر يتمثل في القيام بإصلاحات على مستوى الاقتصاد الجزئي والمؤسسات كونه أمر ضروري كما أضاف من أجل رد الاعتبار للمؤسسة مولدة الثروة والتي ترتكز على المعرفة مما يساعدها على التكيف مع عولمة الاقتصاد منه بالأساس الفضاء الاورومتوسطي الذي يعتبر فضاءها الطبيعي وكذا التحولات الداخلية التي تتطلب إرساء اقتصاد السوق التنافسي بمقاصد اجتماعية لا تنفصل عن دولة القانون والديمقراطية الاجتماعية. وبعد أن ذكّر بأن الاقتصاد الكلي يعرف استقرارا نسبيا أشار إلى أن التحدي الأكبر يكمن في التفكير حول الطرق والأساليب الضرورية لإعطاء ديناميكية للنسيج الإنتاجي من خلال المؤسسات العمومية والخاصة التي يجب أن ترتكز على اقتصاد المعرفة وحوكمة أفضل في إطار العولمة من أجل بلوغ نسبة النمو المسطرة من طرف الحكومة والمقدرة بنسبة7 %، علما أن الجزائر ترتبط باتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي منذ سنة 2005 والذي تنص أحكامه بأن يفكك النظام الجمركي كلية وتطمح للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية نهاية السنة المقبلة 2015 بكل ما يترتب عن ذلك من تبعات اقتصادية ومالية. وفي تحليله لأحكام مشروع قانون المالية الذي من المقرر أن تتم المصادقة عليه الأربعاء القادم، رجع الخبير مبتول إلى بيان مجلس الوزراء المنعقد في 26 أوت الماضي الذي يفيد أن قانون المالية موضوع النقاش يتضمن التركيز على تشجيع الاستثمار وترقية الإنتاج الوطني وكذا تبسيط الإجراءات الضريبية. ويركز في تقديره للأمر على التوازنات الاقتصادية الكلية الحاسمة في إنجاز نسبة نمو مستدامة وإلى النهاية. في هذا الإطار يشير إلى أن ميزانية التسيير في هذا المشروع تقدّر بمبلغ 4.969 مليار دينار يتضمن بالخصوص فتح حوالي 48 ألف منصب مالي لفائدة عدة قطاعات أي بزيادة تقدر ب5,4% مقارنة بميزانية سنة 2014. وترتفع ميزانية التجهيز إلى 3908 مليار دينار بارتفاع نسبته إلى حوالي 43% لنفس المقارنة وتشمل بالأخص تمويل برنامج جار بأكثر من 1600 مليار دينار وتسجيل برنامج جديد بأكثر من 1100 مليار دينار لقطاعات السكن، الصحة، التربية، التعليم العالي، الري، الطاقة والتكوين المهني، بالإضافة إلى 700 مليار مقررة للنشاط الاقتصادي للدولة. ويؤكد مبتول برؤية الخبير أن نمو ميزانية التجهيز كما يسجل هو مؤشر إيجابي شرط أن يتم تطهير هذا العنوان للتأكد من مدى استفادة المحاور المنشئة للقيمة المضافة المستدامة، ليوضح أن أشغال المنشآت القاعدية التي جندت 70 ٪ من المصاريف العمومية بين سنة 2000 إلى 2013 لا تعد في الأصل سوى وسيلة، بينما المؤسسة هي التي تنشئ الثروة الدائمة. فعلى أساس سعر برميل البترول ب37 دولارا فإن مداخيل الميزانية تقدر ب 4648 مليار دينار ومصاريف الميزانية ب 8784 مليار دينار، أي هناك 51,90 مليار دينار (على أساس احتساب 1 دولار يقابله 79 دينارا) يتم تمويلها من طرف صندوق ضبط الواردات. وحسب المديرية العامة للخزينة بوزارة المالية فإن صندوق ضبط الواردات عرف نموا مضطردا من حيث الموارد من 2011 إلى 2013، فقد كان يقدر في 2011 ب 4842 مليار دينار وفي 2012 ب 5381 مليار دينار وبلغ سنة 2013 قيمة 5653 مليار دينار. ويقدر بلوغه وفقا لقانون المالية التقديري لسنة 2014 قيمة 7226,4 مليار دينار أي ما يعادل نسبة 39,7% من الناتج الداخلي الخام مما يسمح بتموين الواردات لمدة ثلاث سنوات. غير أنه حسب التقرير الأخير لبنك الجزائر يضيف عبد الرحمان مبتول يتبين فإنه بالرغم من ارتفاع احتياطات الصرف بحوالي مليار دولار (لتصل إجمالا 194.961 مليار دولار إلى نهاية مارس مقابل 194.012 مليار دولار إلى نهاية ديسمبر 2013)، فإن مستوى صندوق ضبط الواردات تراجع من 5.238,80 مليار دينار إلى نهاية ديسمبر 2013 إلى 4.773,51 مليار دينار إلى نهاية مارس 2014. ويثير الخبير مبتول كلفة التأخر في إنجاز عدد من المشاريع التي تتطلب في سنة 2015 تخصيص قروض التجهيز لتمويل برنامج التجهيز الجاري بمبلغ 1.600 مليار دينار إلى جانب برنامج جديد بمبلغ 1.100 مليار دينار موجهة للقطاعات المشار إليها أعلاه يتقدمها السكن. رفع مستويات الإنتاج والإنتاجية التي تصنف ضمن الأضعف في منطقة البحر المتوسط وحدد مشروع قانون المالية للسنة القادمة جملة من الأهداف الأساسية مثل إنجاز نسبة نمو سنوية ب3% (نسبة 4,2 % خارج المحروقات). غير أن قراءة متعمقة ومقارنة للأرقام تثير تساؤلات تستدعي تعميق المقاربة الاقتصادية واتخاذ التدابير اللازمة في ضوء تقلبات أسعار المحروقات، يتساءل مبتول مضيفا بلغة استفهامية في حالة تراجع موارد المحروقات علما أن شركة سوناطراك صدرت حوالي 63 مليار دولار في 2013، متوقعا إذا استمر هذا الاتجاه سوف يتحمل صندوق ضبط الواردات الضغط على الميزانية في آفاق سنة 2020. وأشار في جانب آخر إلى انعكاسات إلغاء المادة 87 مكرر الأمر الذي يكون له تأثير على الخزينة العمومية محذرا من عدم التحكم في إنشاء مناصب العمل القائمة على الريع، ومن أجل تفادي وقوع الخزينة العمومية تحت تأثيرات سلبية يدعو مبتول إلى الحرص على الرفع من مستويات الإنتاج والإنتاجية التي تصنف ضمن الأضعف في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ولهذا يشير إلى ضرورة مكافحة البيروقراطية في العمق وملاءمة النظام المصرفي وتحسين المنظومة التعليمية، فالحل بنظره يكمن في السهر على تشجيع المؤسسة العمومية والخاصة المحلية أو الدولية ذات القيمة المضافة. وفي سياق رؤيته للمسألة يطرح أهمية اللجوء إلى تدقيق أفضل لمنظومة الدعم التي ينبغي السيطرة عليها من أجل منع تحويلها عن غايتها الأصلية بالنظر للتهريب والتبذير. ومن أجل ترقية الإنتاج الوطني يتضمن قانون المالية محل النقاش إعفاءات ضريبية هامة لأجل خمس سنوات للاستثمارات في الهضاب العليا والجنوب وللشباب المستفيدين من قروض تشغيل الشباب، محذرا فيما يخص إعلان محافظ بنك الجزائر بتاريخ 17 أوت الماضي عن عودة القروض الاستهلاكية في السداسي الثاني من 2015 بعد تأسيس مركزية المخاطر من الخطر الذي يشكله الاقتصاد الموازي الذي يتحكم في 40 ٪ من الكتلة النقدية و65 ٪ من فروع إنتاج المواد الأساسية، مبديا تخوفات من أن تؤول الفائدة المرجوة لصالح الاستيراد، مما يتطلب بلا شك تأطير العملية وتدقيق جوانبها كافة.