مضت عشرون عاما على مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية بعد توقيع اتفاق «أوسلو» ولم يتمكن خلالها الفلسطينيون من الحصول على حقوقهم المشروعة في تقرير مصيرهم وإنهاء الاحتلال بأراضيهم، وقد أدرك الفلسطينيون وعلى رأسهم القيادة أن لا جدوى ترجى من مفاوضات عقيمة فتقدمت السلطة الفلسطينية بمشروع إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس أمام مجلس الأمن الدولي، وقد تعرف القضية منعطفا حاسما مع دخول العام الجديد. لاقت النظرة الفلسطينية الجديدة دعما عربيا قويا توج بإعلان مشروع قرار فلسطيني عربي قدم يوم 17 ديسمبر إلى مجلس الأمن بعد أن باءت كل المحاولات بالفشل في وقف الجرائم الصهيونية البشعة بحق أبناء فلسطين. وقد صرح الرئيس محمود عباس أمام وزراء خارجية العرب الشهر الماضي في القاهرة بأن الوضع القائم حاليا في فلسطين لا يطاق وغير قابل للاستمرار، ولم يبق سوى تدويل القضية لاسيما وأن دولا أوروبية تعارض بشدة سياسة الاستيطان الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وكان أمل الفلسطينيين أن يصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يشكل مرجعية لعملية السلام مضمونه قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية رافضين دولة فلسطينية دون القدس والضفة الغربية وغزة. إلا أن حليفة اسرائيل أمريكا تعارض في مجلس الأمن كل المبادرات الفلسطينية المطالبة بالحقوق المغتصبة والمهضومة باستعمالها حق الفيتو الذي يعتبر خنجر في خاصرة العرب، فقد اعتبرت واشنطن الخطوة الفلسطينية العربية أحادية الجانب وأن أي حل بين اسرائيل وفلسطين يجب أن يكون عن طريق المفاوضات المتوقفة منذ مارس الماضي وهو الموقف الاسرائيلي المتشدد، حيث اعتبرت مطالبة فلسطين بانهاء الاحتلال عن أراضيها بمثابة إعلان حرب على إسرائيل وهددت بالمقابل بحل السلطة الفلسطينية وهي واثقة من دعم أمريكا ولو لم تكن كذلك لما تجرأت بالدوس على القرارات والأعراف الدولية، وبالفعل فقد أعلنت الخارجية الأمريكية أول أمس الاثنين أن الولاياتالمتحدة لن تدعم المشروع الفلسطيني الخاص بإقامة الدولة الفلسطينية وأنها تستعمل حق الفيتو كما أن إسرائيل تنتظر من مجلس الأمن الدولي رفض مشروع القرار وإن لم يرفض فهي عازمة على رفضه كما صرح بذلك قادتها في تحد منهم للمجتمع الدولي. اعتراف أممي بدولة فلسطين عرفت سنة 2014 أيضا اعترافات كثيرة من قبل مختلف البرلمانات الأوروبية بدءا بالسويد ثم مجلس العموم البريطاني ثم مجلس النواب الإسباني ثم نواب إيرلندا وفرنسا. وقد أعترف بدولة فلسطين إلى غاية اليوم 135 بلدا باستثناء أوروبا الغربية، وكرد فعل على ذلك أقرت اسرائيل يهودية الدولة كي تتوج انتهاكاتها لأن أهداف ومضمون (يهودية الدولة) تجاوز كل أشكال الاحتلال عبر التاريخ إلى إعلان حرب وجود على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية، وقد اعتبر محمود عباس خلال زيارته الأخيرة للجزائر إجراءات اسرائيل بالقدس والأراضي المحتلة ومن يدعمونها هي انتهاك صريح للقانون الدولي وأن المقدسات خط أحمر وأن محاولتها تحويل الصراع السياسي إلى صراع ديني من شأنه أن يفتح أبواب الجحيم. وقد اعتقلت اسرائيل خلال سنة 2014 أكثر من ستة آلاف شخص من مختلف المحافظاتالفلسطينية حسب ما كشفت عنه هيئة شؤون الأسرى والمحررين، حيث قال مدير دائرة الإحصاء بها « عبد الناصر فروانة» أن الاعتقالات شكلت ظاهرة يومية وطالت كافة فئات المجتمع الفلسطيني دون استثناء مضيفا أن اعتقالات هذا العام ارتفعت بنسبة 56 ٪ عن العام الماضي وزادت بنسبة 83٪ عن عام 2011. وعرفت سنة 2014 على مستوى الداخل الفلسطيني قفزة معتبرة بخصوص المصالحة الوطنية، حيث انبثقت عنها حكومة وفاق وطني في جوان الماضي برئاسة رامي الحمد لله بعد سبع سنوات من الإنقسام.