كشف وزير المالية، محمد جلاب، أمس، بالجزائر أن قيمة البرنامج الخماسي 2015-2019 ستبلغ حوالي 22.100 مليار دج ستمول جزئيا من خلال الوسط التجاري، لاسيما عن طريق البنوك والسوق المالية. وأوضح جلاب، خلال جلسة استماع نظمتها لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية لمجلس الأمة، أن الحكومة أبدت موافقتها على تخصيص مبلغ 22.100 مليار دج لمشاريع البرنامج الخماسي الجديد التي لن يقتصر تمويلها على الخزينة العمومية بل يتعداها إلى الوسط التجاري. وأضاف الوزير خلال هذه الجلسة المخصصة لمناقشة تداعيات تراجع أسعار النفط على المالية العامة للبلاد أن الحكومة قررت تبني نموذج جديد للتنمية الاقتصادية يعتمد على نقل البرامج القطاعية تدريجيا من التمويل المهيمن للخزينة العمومية إلى الوسط التجاري. وسيتم اللجوء في هذا الإطار إلى التمويل البنكي والسوق المالية حسب توضيحات جلاب الذي كشف أن الحكومة قررت مؤخرا تمويل كل المشاريع الكبرى للشركات الاقتصادية العمومية عن طريق سندات البورصة. كما أشار الى أن دائرته الوزارية تعكف حاليا على دراسة جملة من التدابير الكفيلة بتنشيط السوق المالية مذكرا أنه سيتم قريبا طرح أسهم ثمان شركات عمومية في بورصة الجزائر. كما تعول الحكومة أيضا على تكثيف الشراكة بين الشركات العمومية والخاصة لتمويل مشاريع البرنامج الخماسي حسب الوزير. وتتضمن السياسة المالية الجديدة من جهة أخرى إعطاء طابع تجاري للخدمات العمومية بشكل تدريجي بدلا من الطابع الاجتماعي الذي يرهق الخزينة العمومية بسبب قيمة الدعم المرتفعة. وصرح قائلا: "يجب أن يدفع المواطن قيمة الخدمات التي يستفيد منها مثل الخدمات الصحية وكراء السكنات الاجتماعية. سنعمل على ذلك بشكل تدريجي". وحول دعم أسعار المواد الأساسية أوضح جلاب أن الحكومة تدرس حاليا سبل وكيفيات عقلنة الدعم بحيث تستفيد منه فقط الفئات الأقل دخلا. واعتبر الوزير أن التوجه الجديد للحكومة يندرج في إطار "ترشيد النفقات العمومية ولا علاقة لذلك بأي سياسة للتقشف" لكن هذا التوجه "ضروري للحفاظ على قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الصدمات لأطول فترة ممكنة". وتواجه الجزائر تراجعا كبيرا في عائداتها المالية، منذ جوان الماضي، بسبب تدهور أسعار النفط لكن المديونية العمومية الضعيفة، وكذا الحجم المرتفع لاحتياطيات الصرف والذي يبلغ حاليا حوالي 178 مليار دولار تسمح "بتسيير أحسن للظرف المالي الراهن"، حسب تصريحات الوزير. ودفع تراجع أسعار النفط إلى اتخاذ عدة إجراءات، من بينها تأجيل إطلاق مشاريع التجهيز "غير الضرورية". كما أعلنت الحكومة عن تجميد عمليات التوظيف في الوظيف العمومي، غير أن جلاب، أكد هذا القرار لا يعني القطاعات الرئيسية مثل الصحة والتربية والتعليم العالي، كما أن القطاعات الأخرى يمكنها الاستفادة من العدد الكبير للمناصب الشاغرة المسجلة في البرامج السابقة. وتسعى الحكومة من جانب آخر، إلى خفض حجم الواردات الذي ارتفع إلى أكثر من 58 مليار دولار في 2014 لاسيما من خلال التدخل مباشرة في تنظيم عمليات التجارة الخارجية بعد أن تتم المصادقة على القانون المتعلق برخص التصدير والاستيراد. غير أن جلاب اعترف بأن التدابير القانونية لا يمكنها لوحدها الوصول إلى النتائج المرجوة لأن التنافسية الاقتصادية محليا هي الكفيل بتغيير الوضع الراهن.