انتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة بومرداس فارس شلالي طريقة أداء المؤسسات الثقافية الوطنية التي لم تستطع التحرر من التبعية المالية والاعتماد على نفسها في تمويل المشاريع الثقافية والفنية، معتبرا استمرار التمويل العمومي لهذه المؤسسات بإنتاجها الحالي لا يخدم قطاع الثقافة في الجزائر، داعيا إلى ضرورة تحرير كافة المبادرات الاستثمارية في المجال من أجل التأسيس لقاعدة اقتصادية مبنية على الإنتاج الثقافي والفني.. أكد الأستاذ فارس شلالي في حديثه ل«الشعب"، "أن الإشكالية التي يتخبّط فيها القطاع الثقافي في الوقت الراهن ليست اقتصادية بل هي تنظيمية وسياسية بحتة، ففي الوقت الذي تسهر فيه الدولة على تخصيص ميزانية ضخمة للقطاع في إطار سياسة تحسين المردود والمستوى ورد الاعتبار للمنتوج الثقافي والفني الوطني، نسجل نشاطا أقل وإنتاجا لا يرقى إلى التنافسية، وهو ما يستدعي إعادة النظر في الآليات التنظيمية والنصوص التشريعية لتفعيل القطاع وفتح باب الاستثمار الاقتصادي والصناعي أمام أصحاب المؤسسات..". حول كيفية إعادة ربط قطاع الثقافة بمجال الاستثمار وإقناع الاقتصاديين بأهمية المنتوج الثقافي، رد أستاذ الاقتصاد بالقول: "من وجهة نظري كأستاذ باحث، أرى أن تمويل الدولة للمؤسسات الثقافية لابد وأن يعاد النظر فيه حتى تقوم المؤسسة الثقافية بتمويل نفسها بنفسها مع التحكم الجيد في تقنيات التسويق الثقافي، وبهدف تفعيل الاستثمار في هذا المجال لابد من إقرار تشريعات مناسبة للخواص للاستثمار في مجالات تنموية صريحة، وكذلك لابد من التفكير في كيفية تنشيط السياحة الثقافية، وأقصد هنا التراث الثقافي المادي ويشمل المنشآت والمواقع التاريخية والآثار، إضافة إلى التراث الطبيعي الذي يعتبر جزء مهما من الثقافة، لأن المواقع التراثية عادة ما تساهم بشكل كبير في صناعة السياحة في بلد ما..". كما دعا الأستاذ الباحث إلى أهمية وضع التدابير الرامية إلى الحفاظ على المنتوج الثقافي وإبراز قيمته، وجذب انتباه الجمهور إلى هذا المنتوج عن طريق إعلانات مدفوعة في الإعلام المكتوب أو المرئي أو المسموع وحتى الالكتروني، لكن هذا العمل حسب الباحث يتطلّب دراية وقدرات فنية في التقنيات التكنولوجية "الكتابة، الرسم والجرافيك"، مقترحا من خلال هذه الإستراتيجية جعل وسائل الإعلام وتكنولوجيا الإعلام والاتصال في خدمة الفنون والثقافة من أجل بثها على نطاق واسع داخل المجتمع، مع استحداث فروع متخصصة في الصحافة الثقافية على مستوى الجامعات ومراكز التكوين، وتشجيع الصناعة الثقافية والإبداعية في المدارس الرسمية. في الأخير اقترح أستاذ الاقتصاد فارس شلالي إنشاء بنك متخصّص من شأنه أن يسمح بتعزيز رؤوس أموال واستثمار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تنشط في المجال الثقافي، وهذا للمساهمة في تطورها ونموها وزيادة مردودياتها، والعمل على تحسين صورة المنتوج الثقافي لدى الجمهور العريض باعتماد سياسة ثقافية مبنية على حرية تداول الأفكار والأعمال، إقحام فعاليات المجتمع المدني في قلب عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات الثقافية وشفافية العمل الثقافي.