الموسيقار مصطفى سحنون: «قلبي يا بلادي لا ينساك أول لحن لي مع فرقة الأفلان» احتفاءً باليوم الوطني للشهيد، احتضن مركز الفنون والثقافة بقصر رياس البحر، أمس الثلاثاء، لقاءً ثقافيا بعنوان «شهداء الفن إبان الثورة التحريرية»، نشّطها الفنانان القديران مصطفى سحنون وعبد الحميد رابية، رفقة الكاتب والسيناريست محفوظ فلوس والمؤلف مراد وزناجي. وتطرق المحاضرون إلى تضحيات الفنانين والمبدعين الجزائريين ودفاعهم عن القضية الوطنية، مستشهدين بأسماء معروفة، وأخرى غلّفها النسيان.. وفي مداخلة عنوانها: «المسرح إبان الثورة، نضال الكلمة الحرة»، استذكر عبد الحميد رابية الشهيد علي معاشي، الذي يرمز لكل الفنانين الجزائريين، والذي اغتيل وعلق بالساحة العمومية بتيارت في 8 جوان 1958، وهو التاريخ الذي اختير كيوم وطني للفنان. كما ذكر المحاضر الشهيد مجيد رضا، هذا الممثل الشاب الذي ولد بالقصبة، وهو الأخ الأصغر للفنان حبيب رضا الذراع الأيمن لمحي الدين بشطارزي، كان شابا في فرقة هذا الأخير سنة 1947، ومع اندلاع الثورة انخرط في صفوف الفدائيين والمسبلين، واكتشفت المخابرات الفرنسية أمره فاضطر للذهاب إلى منطقة الأوراس، ولما وجهت قيادة الثورة نداء لكل الفنانين من أجل تأسيس فرقة جبهة التحرير الوطني، مصطفى كاتب (رئيس الفرقة) طلب البحث عن حطاب عبد المجيد (مجيد رضا) وتم البحث عنه ولكن اكتشف أنه قد استشهد سنة 1960 بالأوراس والسلاح في يده، ولم يتجاوز حينها ال 28 سنة. أما محمد توري، فكان مناضلا في الحركة الوطنية، واعتقلته الإدارة الاستعمارية وسجن ببربروس «سركاجي» ثم أطلق سراحه في أفريل 1959، ولكنه توفي أياما بعد خروجه من السجن متأثرا بالتعذيب الذي تعرض له. وعرّج رابية على عناصر فرقة جبهة التحرير الوطني مثل المطربة والممثلة هجيرة بالي، وهي زوجة عبد الحليم رايس، و»إذا كان مفدي زكريا شاعر الثورة فعبد الحليم رايس مسرحييها» يقول رابية ل»الشعب»، وهو الذي أبدع أعمالا مثل «أبناء القصبة» و»الخالدون».. كما أنها الأخت الكبرى لوهيبة زكال حرم المرحوم العربي زكال. كما تطرق إلى المطرب القبائلي حسيسن (العربي حسن) وهو من مواليد القصبة، شاء القدر أن يدفن بتونس قرب هجيرة بالي متأثرا بمرضه، وعملت جمعية لوني أرزقي أن تعيد رفاته إلى أرض الوطن سنة 2012. ولم ينس رابية شهداء الواجب الوطني أمثال عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي، هذا الأخير قد مرت الذكرى العشرين لاغتياله في ال13 من الشهر الجاري. كما اعتبر أن مؤتمر الصومام الذي خرج بأرضية واستراتيجية على كل الأصعدة، فهو المؤسس للإطار الثقافي والفني الذي دعم الثورة التحريرية، ولعب دورا هاما في التعريف بالقضية إلى جانب فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، أو حتى مختلف الاتحادات مثل الاتحاد العام للعمال الجزائريين والاتحاد العام للطلبة الجزائريين. الكلمة تواصل المسيرة لما تتوقف الرصاصة وقدم الموسيقار مصطفى سحنون مداخلة عنوانها: «موسيقى الثورة، ألحان وحناجر الثورة»، وكان قبل ذلك قد حدّث «الشعب» عن أول أغنية لحّنها في إطار الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني (الذي كان أحد عناصرها)، وعنوانها «قلبي يا بلادي لا ينساك» من كلمات المناضل مصطفى تومي وأداء الفتى الثائر الهادي رجب الذي لم يتجاوز حينها ال13 من العمر. وأضاف سحنون أن الفنانين كانوا يوظفون سلاحهم الخاص وهو الفن في خدمة هدف واحد وهو تحرير الجزائر، وقال: «إن الكلمة تواصل مسيرها في المكان الذي تتوقف فيه الرصاصة». وأشار سحنون في مداخلته إلى أناشيد مثل: «عليك مني سلام» التي لحنها عبد الرحمن عزيز، و»موطني» للرحباني، معتبرا أن انفجار الكلمات أقوى أحيانا من انفجار القنابل، حيث استشهد على كلامه بقصيدة مفدي زكريا «جيش التحرير احنا ماناش فلاقة»، وكذا كلمات محمد بوزيدي «يا أمي ما تخافيش راني ناخذ في الثار» التي لحنها أحمد وهبي وغناها الهادي رجب. وقبل أن يقدم مراد وزناجي كتابه الذي حمل عنوان: «السينما والثورة»، حدّثنا السيناريست محفوظ فلوس، في مداخلته حول مساهمة الفن التشكيلي في الثورة التحريرية، عن ضرورة تمجيد القيم الفنية في الثورة، التي حوت قيما سامية عديدة ولم تكتب سطورها فقط بالعنف والحرب. وأصّر فلوس على ذكر فنانين تشكيليين جزائريين وأجانب، كان أولهم فارس بوخاتم الذي حمل السلاح، وبعد إصابته كلف بالقسم الفني لجهاز الدعاية في جبهة التحرير الوطني. أما الفنانة والكاتبة بن مريم فقد كانت معلمة والتحقت بصفوف الثورة، وبدأت الرسم سنة 1957، وحكم عليها ب20 سنة من الأشغال الشاقة. كما ذكر شريفي عبد الرحمن (واد الزناتي)، وشكري مسلي، وكذا إيسياخم وخدة. ومن الأجانب أشار فلوس إلى الفنان البولوني بوريس تاسيلسكي الذي قدم إلى الجزائر رفقة الرسامة ميرا يماي سنة 1952، وكسرا الصورة التي نقلها الرسامون المستشرقون عن الجزائر، دون أن ينسى بيكاسو ولوحته الشهيرة «بورتريه جميلة بوباشا» الذي حاول فيه إنقاذها من حكم الإعدام بالمقصلة.