الخيول الأصيلة تشعرني بالفخر والاعتزاز اشتهرت نصيرة بنت عوامري عبد القادر بالفروسية وركوب الخيل منذ نعومة أظافرها، هوسها بممارسة هذه الهواية جعلها تنافس أبرز الفرسان ببلدية عين البنيان بعين الدفلى، بعد تغلّبها على الذّهنيات السّائدة في المنطقة التي تقصي المرأة من المشاركة في مهرجانات الفروسية المنظمة سنويا، والفضل في ذلك يعود إلى والدها الذي كان يهتم بالخيول وجمعية الخيالة بالولاية بتهيئة كل الظروف المواتية لصقل موهبتها وتطوير مهارتها.
وفي هذا الصدد، قالت نصيرة عوامري ل «الشعب»، أنّ شغفها بركوب الخيل بدأ في سن السّادسة حين كان والدها يعلمها كيفية التّعامل مع الحصان والتقرب منه ثم امتطائه والتدرب على بعض الحركات والتمارين. ولازالت نصيرة تتذكّر تلك التدريبات التي كانت تقوم بها على المرتفعات الفاصلة بين مليانة التاريخ والحضارة وسلسلة الجبال المتاخمة لولاية تيبازة، لتعلن عن بروز فارسة تبرّكت بمياه حمام ريغة دون أن تدرك أنّها ستنافس في يوم ما أفضل الفرسان في ميدان الفانتازيا التي تشبّث بها الأجداد. تقول نصيرة عوامري بملمح الفارسة الواثقة من نفسها، وهي تحاورنا من أعلى سرج فرسها الذي لقبته ب «ميمون»، وعن سرّ امتطائها لهذا النوع من الخيول هو تجاوبها الكبير معه، وهذا لم يأت سدى بل للعناية الفائقة التي تمنحها له باستمرار، وذلك لسنوات طويلة وأضحى يتجلى ذلك في الألفة والتفاهم والتناغم الكبير بينهما. وأكثر من ذلك فهي تمضي أغلب فترات اليوم إلى جانبه، تتفقّد حالته أثناء الليل في الإسطبل إلى درجة أنه أصبح يتبين خطواتها دون أن يراها كما تقول وهي قمة الروحانية لا يمكن لأحد تصوّرها. وعن سرّ اختيارها لهذا النوع من الفرس كون أن إخوتها الأربعة يمتلكون أحصنة متشابهة، أشارت محدثتنا أنّ اللون البني الغامق لحصانها «ميمون»، الذي يزيّنه الشعر الطويل والبقعة البيضاء التي تغطّي رأسه أضاف له الكثير، والأهم من كل هذا أنه من الخيول العربية الأصيلة التي تشعرها بالفخر والاعتزاز لأنّه يذكّرها بانتفاضة ريغة سنة 1901 بمنطقة تزي أوشير ببلدية عين التركي، والتي قادها الشيخ الحداد وهو يمتطي هذا النوع من الخيول، ومازالت الفارسة نصيرة تأخذ منه معاني البطولة والتضحية التي عرف بها البطل، الذي نفته القوات الفرنسية إلى جزيرة كاليدونيا رفقة أصدقائه. اطلاع نصيرة عوامري على المسيرة النضالية للشيخ الحداد زادها قوة وإصرارا على ركوب الخيل، مغيرة بذلك قواعد اللعبة حيث جعل أهل المنطقة الفروسية حكرا على الرجل دون المرأة، فأطلقت بذلك العنان لنفسها لإبراز مهارتها وأنها قادرة على الابداع في العروض الخاصة بالخيل، وذلك من خلال مشاركتها في المهرجانات التي تنظّم سنويا في إطار إحياء تراث المنطقة الضارب في عمق التاريخ. ولعل ما حفّزها في مسيرتها المتميّزة في عالم الفروسية تجربة والدها في جمعية الفروسية التي تضم 152 فارسا بالولاية. وتعتبر نصيرة عوامري واحدة من النّساء اللّواتي تحدّين واقعهن وتقاليد المنطقة التي يعشن فيها، واستطعن أن يثبتن وجودهن بقوة ناعمة مكّنتهن من الولوج إلى قلوب الناس بكل سلاسة ما منحهن قبولا وترحيبا أينما حللن رغم أنه بالأمس فقط كانت أمثالهن محرومات ومرفوضات في عالم الفروسية.