سلوكات تمس بأصالة المجتمع الجزائري وسمعته بين الدول كشفت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس في لقاء جمعها مع «الشعب»في مقر الهلال الأحمر الجزائري بشارع محمد الخامس، عن عقد جلسة عمل بين مختلف القطاعات الوزارية المعنية من أجل القضاء على ظاهرة التسول الدخيلة على المجتمع الجزائري المتشبع بالقيم الإسلامية. وتأتي هذه الخطوة حسب سعيدة بن حبيلس، لحفظ كرامة المواطن الجزائري عن ذل السؤال والحاجة خاصة وأن ظاهرة التسول أصبحت مرتبطة بشبكات منظمة للدعارة والاتجار بالمخدرات، ما يعني أن استمرارها وتزايدها خطر حقيقي على تماسك كيان المجتمع واستقراره. وذكرت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري أن الاجتماع التقييمي الذي سيعقد قريبا سيتكون وزارة الشؤون الدينية والأوقاف فيه شريكها الأول لما للإمام من دور مهم في المجتمع الجزائري، بالإضافة إلى وزارة التضامن والأسرة وقضايا المرأة، وزارة الصحة، وزارة الداخلية، الأمن الوطني، الدرك الوطني والكشافة الإسلامية، وقالت سعيدة بن حبيلس إن هذا الاجتماع سيدرس الوضع العام لظاهرة التسول والأسباب التي تقف وراء انتشارها. وسينقسم فريق العمل المتكون من مختلف ممثلي الوزارات المعنية إلى فوجين، الأول يقوم بدراسة ميدانية للظاهرة للتعرف على الأسباب التي تدفع المتسولين لمد أياديهم في الشارع أين نراهم في كل مكان و من مختلف الفئات العمرية، ويتكفل الفوج بتوزيع استمارات ستمكن الهلال الأحمر الوطني مستقبلا من إحصاء عددهم وكذا معرفة الأسباب التي دفعتهم إلى استجداء المواطنين في الشارع ما يعطيهم فرص أكبر للقضاء على الظاهرة من خلال معالجة المشكل من جذوره، أما الفوج الثاني فانطلاقا من المعطيات التي يقدمها الأول سيضع الاقتراحات المناسبة لاستئصالها. وأكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري في هذا الصدد أن الإرادة السياسية موجودة ومعلنة من طرف السيد رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة أين تم تخصيص ميزانية لتجسيدها ميدانيا، خاصة وأن المشرع الجزائري يجرم التسول ويعاقب كل شخص يتخذ من هذه الممارسة مهنة لربح المال ويدين أي شخص يستغل الأطفال في التسول، ما يعني أن النصوص القانونية الردعية متوفرة ما يجب فقط هو التحرك بخطى ثابتة ومدروسة من أجل تخليص المجتمع من هذه الظاهرة السلبية التي تعكس صورة مشوهة عن الجزائر، لذلك فمسعى الهلال الأحمر اليوم هو مكمل لمجهودات الدولة. وما تجدر الإشارة إليه حسب ما أفادتنا به سعيدة بن حبيلس أن هذه المبادرة الإنسانية جاءت كاستمرارية لما يقوم به الهلال الأحمر منذ 1956، الذي حرص إبان الثورة التحريرية والاستقلال على الوقوف إلى جانب المواطن في كل لحظة كان فيها بحاجة إلى مساعدة ومساندة، لذلك يحاول أن يكون قوة اقتراح لتحسين الأوضاع الإنسانية في مختلف القضايا التي تهم المواطن. وفي السياق ذاته أشادت سعيدة بن حبيلس بالدور الذي يلعبه المواطن في القضاء على ظاهرة التسول التي تمس بكرامته وأصالته النابعة من الدين الإسلامي الذي يحث على العطاء وحفظ النفس من أي سوء، خاصة وأنه يدعو في آياته الكريمة وأحاديثه الشريفة على العمل والبذل والعطاء، ولعل وعي المواطن بما تمثله ظاهرة التسول من سلوك سلبي يضر بالمجتمع هو أكبر رهان يعول عليه الهلال الأحمر الوطني. ولا ننسى أيضا كما جاء على لسان سعيدة بن حبيلس، الدور الذي يلعبه المجتمع المدني باعتباره الأقرب إلى مختلف شرائح المجتمع، والأعلم بخباياه لاتصاله المباشر مع المواطن، وكذا الإعلام في زرع الوعي وسط المواطنين، مستنكرة بشدة ما تقوم به بعض الوسائل في جعل ظاهرة التسول سلعة تسوق إعلاميا من أجل ربح أكبر قدر من المشاهدين غير مبالين بكرامة المواطن، ضاربين عرض الحائط ما يوصي به ديننا الحنيف وتقاليدنا التي تحث على الستر كما ورد في الحديث الشريف أن اليد اليسرى لا تعلم ما تصدقت به اليد اليمنى وهذا حسبها خير دليل على أن التجارة بآلام الناس وأحزانهم عمل لا إنساني وفي تحليلها لظاهرة التسول قالت سعيدة بن حبيلس أنها مرتبطة بالأشخاص بدون مأوى الذين يكتسحون الشوارع ويرفضون الحلول التي تقدمها الدولة لهم لأنهم اقتنعوا أن الأموال التي يدرها عليهم التسول أكثر بكثير من تلك التي توفرها المراكز لهم، وتذكرت سعيدة بن حبيلس حادثة وقعت لها في هذا الشأن، أين رفضت المرأة وفضلت الشارع على العودة عندما عرضت عليها رئيسة الهلال الأحمر الوطني المساعدة بإعادتها إلى ولايتها الأصلية وتوفير عمل ومأوى لها، بعدما وجدتها تتسول مع طفليها في إحدى شوارع العاصمة.