قال د.محمد طيبي، إن نهضة الجزائر كقوة رائدة بين الأمم، تبنى بالنخب والكفاءات وقادة الرأي والفكر، واعتبر أن البلاد تعيش مخاضات حقيقيا لن تخرج منه إلا بالتجديد الهادئ والبناء واتخاذ القرارات السديدة. أكد طيبي، أن النقاش حول المستقبل الذي نريده لبلادنا، لن يكتسب معناه الحقيقي إلا من خلال طرح الأسئلة الجوهرية الصحيحة التي تفضي إلى أجوبة واقعية، مفيدا أن الطريق إلى ذلك يمر عبر التفرقة بين من يملك البرهان ومن يصنع وهما. ورأى المتحدث، من منبر منتدى "الشعب"، أن الفئة الأولى المشكلة من نخب علمية "لها القدرة والحجة والمشروعية"، وحدها القادرة على التساؤل عما نريد أن نفعل للجزائر؟ وماهي الجزائر التي نريد؟، والمؤهلة كذلك لوضع التصورات العميقة والإجابات المؤسسة على الحقيقة. وأوضح المختص في علم الاجتماع السياسي، أنه "لا مكان للعامة والدهماء" في هذه المعادلة، لأن النخبة المثقفة وحملة الفكر البنّاء المتأصل بعراقة تاريخ الدولة ورمزيتها، وحدهم من يستطيعون صياغة محتوى المرحلة المقبلة من مسار تطور البلاد. وفضل محمد طيبي، مفهوم التجديد على التغيير، لأنّ الأول لا يقصى ما سبق من إنجازات وإخفاقات، وإنما يكملها برؤية جديدة يفترض أن تراعي تاريخ وهوية الدولة ووطنيتها. وأشار أن فكرة التغيير السائدة حاليا أنتجت لغوا فكريا ناجما عن التهافت على إعطاء الدولة "صبغة إيديولوجية وليست وطنية". ونادى طيبي، إلى ما أسماه "التسامح الثقافي"، قاصدا تقبل الاختلاف في الرؤى والأفكار مادامت لا تمس بالمقومات الأساسية، معتبرا "خصوبة الفكر عند الناس" دليلا على تجسيد ذلك التسامح، والمعنى هنا تجميع كافة الآراء والطروحات والتعاطي معها دون إقصاء. وتابع، أن "خلق الفضاءات التوافقية، ووجود النخب يقي البلاد من استيراد المفاهيم والنظم المؤسساتية، ويقيها التقليد بطريقة عمياء" ويقصد تضارب الاجتهادات في مفاهيم الديمقراطية، والمذاهب الاقتصادية من بلد إلى آخر. ويؤمن الدكتور طيبي، أن الجزائر في غنًى عن استيراد الأفكار من الخارج، لأنها تملك نخبا وطاقاتٍ شبانية وكل مقاومات بناء دولة رائدة بين الأمم، لكن "غياب قادة الرأي والفكر عن الميدان قتل العقل السياسي والممارسة السياسية". وحذر المتحدث، من مخاطر من يريدون ربط الجزائر بمرجعيات فرانكو - لاتينية، محرّفة لتاريخ الحركة الوطنية، متوقعا انقراض تيار الدولة الوطنية خلال 10 سنوات على الأكثر، إذا لم يتم إحداث تجديد للروح والقيم، مما سيحلّ محله حملة نماذج لها عقول لن تبقي على بيان نوفمبر كمرجعية. كما نبّه طيبي، من تداعيات "تسلّق المال الفاسد دواليب الدولة، لأنه سيهدّمها"، مشيرا إلى "أننا بحاجة إلى المال الاقتصادي والنخب المبدعة، وإلى الشجاعة والقدرة على اتخاذ قرارات سديدة تحمي بها الدولة رمزيتها وتظل محكومة بأخلاق السياسة".