التدخين راحة بال هروبا من الضغط اليومي أم رغبة جامحة! لم يعد غريبا أن نشاهد نساء يدخن أمام الملء بعد أن كان ذلك يقتصر على قلة قليلة منهن، تعّد على أصابع اليد....تحول الأمر مع مرور الزمن الى ظاهرة مألوفة بعد أن اعتدنا على مثل هذه المشاهد داخل السيارات، قاعات الشاي والمطاعم، وهو ما جعل القائمين على الصحة في بلادنا يدقون ناقوس الخطر بشأن الأضرار التي يخلفها التدخين في الجزائر وذلك بتطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العمومية، ومن يعارض القانون يعرّض نفسه إلى دفع غرامة مالية تتراوح بين 2000 و 5000 دينار جزائري. أثار هذا القانون جدلا لدى النساء المدمنات على التدخين، «الشعب» أجرت هذه الدردشة مع بعضهن لمعرفة الأسباب الكامنة وراء التدخين، فكلامهن أصدق تعبير من كل كلمة قد نقولها في الموضوع. أنا مستعدة أن أستغني عن الأكل... إلتقت «الشعب» «ح - س» بقاعة شاي تتواجد بالعاصمة، علمنا منها أنها بدأت مغامرتها مع السيجارة نتيجة احتكاكها بصديقات خضن التجربة وهن في الثانوية، حيث كن يفعلن ذلك خفية عن أعين الناس... واصلت «ح-س» حديثها قائلة: لجأت أنا الأخرى الى التدخين رغبة مني في معرفة سر السيجارة، فتعودت عليها لأجد نفسي أدخن باستمرار ولمدة تفوق العشرين سنة ....فهي تشعرني براحة واطمئنان ...لدرجة أنني لا أتصور نفسي دون أن أحمل سيجارة بين أصابعي . سألناها بشأن القانون الجديد الذي سيحرمها حتما من تحقيق نشوتها باستهلاكها للسجائر فردت قائلة: «ولعي بالتدخين يجعلني مستعدة أن أستغني عن الأكل و لا أستغني عن السيجارة لأنني أدمنت عليها وسني لم يتجاوز الخامسة عشرة سنة، فعلاقتي به وطيدة ولا أستطيع تركها، خاصة وأنني حاولت مرات عديدة ولم أستطع أن أتركه ... حتى كدت أن أصاب بالجنون لأن تأثيرها علي كبير جدا. أما السيدة «ف-ي» البالغة من العمر أربعين سنة فقالت لنا أن مغامراتها مع التدخين بدأت منذ الصغر منذ أن كان سنها لا يتجاوز العاشرة، حيث كان بصرها يتابع تحركات والدها، وهو يخرج من جيبه علبة ويختار منها سيجارة فيضعها بخفة بين شفتيه، ثم يستهلكها، لتجد بعدها الجو مناسبا أثناء انتقالها الى الجامعة حيث ساعدها الجو السائد على التصرف بحرية من خلال احتكاكها ببعض الزميلات اللائي كن يرين في التدخين طريقة لتكوين الشخصية و إثبات الذات. مع كل سيجارة .. تكتب شهادة وفاة من جهتها قالت «ع-ك» أنها نادمة على اليوم الذي تناولت فيه أول سيجارة في حياتها لأنها كانت طريقا معبّدا نحو إصابتها بسرطان الرئة بعد عشرين سنة من التدخين ...وهو ما أكده لها طبيبها المعالج . وبعيون فيها الكثير من الحسرة والألم، أضافت «ع-ك» قائلة: «أرجو أن لا يدفع الصغر بأبنائنا الى طريق كالذي مشيته لأنه مع كل سيجارة، يجدون فيها نشوة إنما يكتبون من خلالها حروف لشهادة وفاتهم . حل يساعد المدمنين ولكن.. كحل للمدمنين على السجائر، الذين يصّرون على تناول هذه السموم القاتلة رغم علمهم بمخاطرها، والأمراض الناجمة عنها كالسرطانات التي تصيب الرئة، المريء، المعدة، بالإضافة إلى سرطان الثدي والرحم الذي يصيب المرأة المدخنة أكثر من سواها، ينصح بتخصيص أماكن خاصة يدخنون فيها سجائرهم، خاصة إذا ما علمنا أنه يصعب تطبيقه على أشخاص أمضوا حياتهم كلها في التدخين ويشعرون دائما برغبة قوية في تزويد أجسادهم بمادة النيكوتين عندما ينخفض معدله لديهم، ولكن يبقى الحل الصائب بالنسبة لهؤلاء أن ينبع من إرادتهم الذاتية حتى يتمكنون من الاقلاع بشكل نهائي عن السجائر، وهذا ممكن جدا لأن الواقع المعاش، كشف لنا أن العديد من الحالات، كانت تفرط في استهلاك السجائر، وتخلصت منها بعزيمتها وإرادتها ... ورغم ما قيل ويقال عن قانون منع التدخين في الأماكن العامة الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا في الجزائر إلا ان تطبيقه بصرامة سيحقق حتما النتائج المرجوة من الخطة التي سطرتها الدولة من أجل مكافحة التدخين في بلادنا ووضع حد للأمراض الناجمة عنها... و شئنا أم أبينا فإن الحل الصائب لهذه المعضلة التي تخلف سنويا أعدادا كبيرة من الوفيات في استبدال هذه الشركات المنتجة للتبغ، لأن هذه الصناعة في حد ذاتها مذمرة للصحة، بأخرى تعوذ بالفائدة والنفع، وهنا مكمن الداء .