من جهة أخرى، قال عبد القادر بن دعماش في افتتاحية العدد الثاني من «رسالة الملحون الجزائري»، الصادر بمناسبة هذا المهرجان، إن «الشعر الملحون تجرد من القواعد اللغوية» التي تميز أساسا الشعر العربي. وتطرق بن دعماش في افتتاحيته الموسومة ب»الملحون: إبداع أدبي في تحرك»، إلى ظهور هذا النوع من الإبداع في الفرن ال16، وإلى مختلف فروعه وألوانه، من الحوزي والمغربي في تلمسان، إلى العروبي بالجزائر العاصمة، البليدة ومستغانم، إلى المحجوز في قسنطينة، فالبدوي في الجنوب والريف. كما تحدث بن دعماش، مدير المجلة، عن «الشاعر الفقيه والمجاهد سيدي لخضر بن خلوف»، الذي أنتج «عددا هائلا من القصائد ذات الأوزان المختلفة المبتدعة بواسطة خبرته الطويلة وعلومه الثرية وقريحته الفريدة». وتوالت الجهود في هذا المجال بعده، ما أضفى إلى أساليب هي: «المبيت»، «مكسور الجماح»، «سوسي المزلوق»، و»المشتب». من جهته، أشار رئيس تحرير المجلة محمد داود، في كلمة العدد، إلى كون تسمية الشعر الملحون بالشعر الشعبي تارة، والعامي تارة أخرى، نعت لا علاقة له بمضمون هذا الصنف من الأدب. وتطرقت الكلمة إلى مجموعة من التعاريف لمفاهيم «الشعبي»، «العامة» و»الفلكلور». ليخلص داود إلى الدعوة إلى وجوب تسجيل الأدب الشعبي بمختلف تخصصاته وخصائصه في لغاته الأصلية، حتى «ننصفه ونجعله مهيئا للعب دور نشر الوعي الشعبي والتعبير عنه والحرص على الموازنة بينه وبين الأدب الرسمي»، وإن كنا نتساءل هنا، إذا ما كان المقابل الصحيح لتعبير الأدب الشعبي هو «الأدب الرسمي»؟ وأتبع داود كلمته بموضوع آخر هو دراسة عن قصة مزغران لسيدي لخضر بن خلوف، كمثال عن الملحمة في الشعر الملحون الجزائري، والتي وصلت إلينا في قصيدة مطلعها «يا فارس من ثمْ جيت اليوم ... غزوة مزغران معلومة». واعتبرها صاحب المقال وثيقة تدوين تاريخي فريدة من نوعها، مزجت بين السيرة والملحمة في حفظ أحداث المعركة الشهيرة التي وقعت أحداثها في 26 أوت 1558 ضد الغزاة الإسبان. أما الدكتور فرعون حمو، فاعتبر في دراسته «أبو مدين شعيب والأخضر بن خلوف.. عالم رمزي خالص»، بأن استثمار الذاكرة الشفوية الشعبية رهان استراتيجي، كما يرى الباحث في شخصيتي «بومدين» و»بن خلوف» شخصيتين «رمزيتين ملحميتين بطوليتين، تلامسان تخوم الأساطير في القصص الشعبية المغاربية وفي المخيال الديني والذاكرة الجماعية الجزائرية». ولم يخلُ مقال خالد ياسين شعلال من الإشارة إلى هذا البعد الديني و»التواصل الروحي» في شعر بن خلوف.