استعرض الدكتور ڤشي الخير عميد كلية الحقوق بجامعة سطيف لدى تنشيطه ندوة فكرية حول موضوع »الجرائم الإسرائيلية في غزة في ميزان القانون الجنائي الدولي« الخيارات والحلول القانونية المطروحة وفي مقدمتها الحل القضائي الذي يمكن أن يتم بطريقتين اما اللجوء الى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، فيما تتمثل الحلول الأخرى التي وصفها بالقانونية منها الدفاع الشرعي الجماعي والاعمال الانتقامية غير المسلحة واقحام هيئة الأممالمتحدة من خلال احراج مجلس الأمن. عرج الدكتور قشي خلال مداخلة مستفيضة على الجوانب القانونية للعدوان الهمجي الذي استهدف غزة مؤخرا، ولدى عرضه الحلول أوضح بأنه يوجد حل قضائي وآخر قانوني، وفي سياق تطرقه الى تفاصيل الحل الأول أوضح بأنه يتم عن طريق محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. وافاد ضيف جريدة »الشعب« في المحاضرة التي تميزت بحضور الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم والعضو البارز عبد الرحمان بلعياط الى جانب ضيوف من فلسطين نقلوا شهادات حية، بأن امكانية اللجوء الى محكمة العدل الدولية مقتصرة فقط على الدول التي تقبل الاختصاص، وتأسف عميد كلية الحقوق بجامعة سطيف لعدم قبول الكثير من الدول العربية وقال في هذا الشأن »في كثير من الحالات لا نقدر آثار بعض التصرفات على مستقبل الدول العربية رغم تأكدها من انها تخدمها ولا تضر بها«، ومن بين السلبيات المنجرة من هذا المؤقف السلبي من الاختصاص تطرق الدكتور ڤشي الى إخراج جريمة العدوان من دائرة اختصاص المحكمة بعينها نظرا لعدم اتفاق حول تعريف لهذا النوع من الجريمة ولان الدول العربية اختارت عدم قبول نظام الشرط الاختياري وبالتالي لن تتمكن من المشاركة في بلورة التعريف مع العلم أن مصر البلد العربي الوحيد الذي وافق عليه في نقطة واحدة فقط تتعلق بقناة السويس واستنادا الى المحاضر فإنه يوجد منفذ للجوء الى المحكمة الدولية يتوقف على الارادة السياسية للدول العربية الموقعة على اتفاقية جريمة الابادة الدولية منها مصر والبحرين والاردن والمملكة السعودية وليبيا وتونس فيما تحفظت كل من الجزائر والمغرب واليمن على المادة التاسعة التي تعطي اختصاص تطبيق معاهدة منع الابادة لمحكمة العدل الدولية، وبإمكان الدول الموقعة محاكمة اسرائيل بتهمة انتهاكها للاتفاقية على اعتبار انها وقعت عليها. واذا كانت هذه الخيارات المطروحة في الحل القضائي لدى اللجوء الى محكمة العدل الدولية فإن الأمر مختلف بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية المختصة في الفصل في الجرائم بأنواعها الثلاث ويتعلق الأمر بالجريمة ضد الانسانية وجريمة الابادة وجريمة العدوان، لأن اللجوء اليها يتوقف على توفر عدة شروط، فاللجوء اليها لا بد أن يتم من دولة طرف ولان الدول العربية ليست كذلك فإن هذا الباب مغلق وكذلك الامكانية الثانية غير ممكنة لأنها تتم عن طريق مجلس الأمن وللولايات المتحدةالأمريكية حق النقض. ورغم ذلك يوجد امكانية للجوء الى المحكمة الجنائية الدولية والمتمثلة في تحريك المدعي العام للاجراءات من تلقاء نفسه ويمكن للدولة الطرف ان تطلب منه فتح تحقيق أي السلطة الفلسطينية في هذه الحالة وبإمكان المنظمات الدولية حكومية وغير حكومية القيام بذلك الا أن السلطة التقديرية تبقى في يد المدعي العام. وفي هذا السياق اكد بأن تزامن العدوان على غزة مع تحريك دعوى قضائية ضد الرئيس السوداني قد يشكل عامل ضغط ذلك انه لا يمكن مقارنة المجازر المرتكبة في غزة والتي لم يحرك من أجلها اي ساكن بما وقع في السودان الامر الذي حمل الدول التي بادرت الى تحريك قضية ضده الى تهيئة الأمور لامتصاص الغضب. وفي سياق سرده للمنافذ والحلول الممكنة، تطرق ذات الاستاذ الى منفذ آخر قال بأنه لا يقل اهمية ويتعلق الامر بالقضاء الداخلي، ولان القانون الدولي جعل الاختصاص لهذه الجرائم عالمي وكل محاكم الدول مخولة للنظر في هذه الجرائم كما أن اتفاقية جنيف فرضت تجريم ومحاربة مقترفي الجرائم ضد الإنسانية والابادة، لكنه اشار الى أنه ورغم ان القانون واضح الا أنه واقعيا لا يمكن للقاظي قبول قضية من هذا النوع الا اذا كان القانون الداخلي يسمح بذلك وهو امر ممكن في بعض الدول الأوروبية. وعلاوة على الحل القضائي، تطرق الدكتور ڤشي الى حلول اخرى صنفها في خانة القانونية، فأثناء العدوان الهمجي كان بالإمكان اللجوء الى حل الدفاع الشرعي الجماعي وفق ما تنص عليه المادة 51 من اتفاقية الدفاع المشترك التي تخول الدول العربية حق استعماله ورغم انها لم تطبق الا أنها منفذ ولو وجدت ارادة سياسية عربية اضاف يقول رجل القانون لاستخدم هذا الحل القانوني. كما كان بالإمكان ولا يزال اللجوء الى حل آخر يتعلق بأعمال الانتقام غير المسلحة وهو حل قانوني منها قطع العلاقات الدبلوماسية استنادا الى نصوص قانونية لا سيما وان الاتفاقيات المبرمة مع اسرائيل اصبحت باطلة نظرا لتعارضها مع الاتفاقيات الدولية. والى جانب ذلك كان يمكن استغلال الجمعية العامة للامم المتحدة من خلال احراج مجلس الامن بمشاريع قرارات كانت ستصطدم بحاجز »الفيتو« الا أنها تحرجه. وخلص الدكتور ڤشي الى طرح اشكالية جوهرية هل الازمة في القانون الدولي؟ هل هي نهايته أم أن الخلل في موقع آخر؟. وبالاعتماد على القانون أكد منشط الندوة ان مصر غير مجبرة على احترام الاتفاقيات التي وقعتها مع اسرائيل لان هذه الاخيرة ورغم انسحابها من غزة والضفة الغربية في سنة 2005 وتأكيدها بانها غير مسؤولة عن المنطقتين الا أنها لم تقر بأنهما مستقلتين وابقائها على المراقبة والسيطرة الذي يتجلى في تدخلها في كيفية أداء السلطة الفلسطينية الخاضع للرقابة والتحكم في سجل سكانها وفي المطارات والتنقلات من الضفة الغربية الى غزة، وحتى النظام الجبائي وجمع القمامات تتحكم فيه وهو دليل على أن الاقليم محتل وان الانسحاب لم يؤثر على الجانب القانوني، وأكثر من ذلك ارتكاب اسرائيل لجرائم محرمة دوليا يفرض على مصر اغاثة الشعب الفلسطيني وتقديم المساعدة له بدل منعها عنه لان القوانين الدولية تتنافى والتزاماتها مع اسرائيل الخاصة بالمعابر باطلة قانونا. ويمكن تصنيف الجرائم المرتكبة خلال العدوان الهمجي الاسرائيلي على غزة في خانة جرائم الابادة التي تحرمها المادة السادسة من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية مع العلم ان اسرائيل طرف فيها ويعرف هذا النوع من الجريمة بهلاك جماعة كلي أو جزئي عن طريق القتل العمد والحاق اضرار جسيمة بالجسم والعقل كما انها تصنف في خانة جريمة ضد الانسانية الغرض منها المساس بالمدنيين مع العمد والعلم بها ووفق المادة السابعة من نفس النظام فانها جريمة حرب في الممارسات ال 26 المذكور اغلبها مارستها اسرائيل في عدوانها الاخير على غزة، كما انها ايضا جريمة عدوان الذي لم يدخل بعد في اختصاص المحكمة الدولية. للإشارة فان المتدخل تطرق خلال مداخلته الى محاور جوهرية يتعلق الاول بتحديد الوضع القانوني وتسليط الضوء عليه لانه ليس امرا مفروغا منه مثلما يعتقد البعض. أما الثاني فيخص تحديد الوضع القانوني لقطاع غزة هل هو اقليم محتل أم مستقل أو يخضع لنظام خاص أما المحور الثالث يخص تكييف المجارز التي وقعت لتقديم المناهج القانونية التي يمكن اعتماد بالاضافة الى التطرق الى مسألة المعابر وقد اقر بان العدوان على غزة طرح أزمة قانونية في العمق، هل نعيش موت ونهاية القانون الدولي المفهوم السائد على اعتبار أن العدوان مس في العمق الكثير من فروع القانون الدولي منها القانون الدولي الجنائي وقانون المنازعات المسلحة وقانون حقوق الانسان ، مشيرا الى أن رجل القانون وبعد المتابعة المتأنية التي تزامنت والاحداث دخل مرحلة ما بعد العدوان التي يطرح خلالها دور القانون.