أجمع أساتذة القانون الدولي الذين شاركوا أمس الأربعاء في ندوة صحفية "الشعب" بمشاركة السفير السوداني على عدم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في تناول قضية الرئيس السوداني عمر حسن البشير لأن السودان ليس عضوا في المحكمة ولأن هذه الأخيرة لا تتناول إلا القضايا التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.. * * وهو ما لا يتوفر في قضية دارفور التي هي مجرد أزمة. وأكد الأساتذة أن مذكرة الاعتقال التي أصدرها المدعي العام للمحكمة لويس أوكامبو في الرابع من مارس الجاري لها أهداف سياسية وليست قانونية بدليل أن هذه المحكمة تتعامل بازدواجية وانتقائية، حيث تتغاضى عن ملاحقة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في غوانتانامو وأبو غريب في العراق وفي غزة وفي لبنان. * وفي تدخله جدد السفير السوداني السيد أحمد حامد تمسك بلاده بموقفها الرافض للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية لأنها ليست عضوا فيها، وبالتالي فإنها لا تعترف بها وبقراراتها، مؤكدا أن حل قضية إقليم دارفور بدأ سياسيا ولن يحل إلا سياسيا. * ومن بين النقاط التي تطرق إليها علاوة العايب، أستاذ القانون الدولي في جامعة الجزائر مسألة الاختصاص، حيث قال إن المحكمة الجنائية الدولية لها اختصاص تكميلي بمعنى أن دورها يكون مكملا للمحاكم الوطنية ولا يكون تدخلها إلا في حالات محددة منها أن تكون الدولة غير قادرة على محاكمة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الداخلية أو أنها لا ترغب في محاكمتهم أصلا. وهناك ثلاث قضايا مطروحة حاليا على المحكمة الجنائية ولكن بإرادة أصحابها وهي: الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا. أما قضية السودان يؤكد الأستاذ فهي القضية الوحيدة التي أحالها مجلس الأمن الدولي على المحكمة الجنائية بمقتدى الفصل السابع. * وتطرق الأستاذ علاوة أيضا إلى علاقة المحكمة الجنائية الدولية "مستقلة" مع الأممالمتحدة، وقال في هذا الصدد إن الجزائر من بين الدول التي عارضت منذ البداية على الدور الممنوح لمجلس الأمن. وختم أستاذ القانون الدولي بجامعة الجزائر تدخله بالقول إن السلام أفضل من تطبيق عدالة المحكمة الجنائية التي تمارس الانتقائية كان يجدر بهذه المحكمة أن تعطي أوامرها بالقبض على المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين بسبب سجلهم الأسود في مجال الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية والإبادة التي ارتكبوها ويرتكبوها في الوطن العربي. * ومن جانبها أستاذة القانون الدولي بجامعة الجزائر ساحلي مايا، انتقدت في تدخلها أمام ندوة "الشعب" التي حملت عنوان "المحكمة الجنائية الدولية ..وسيادة الدول"، الانتقائية التي تمارسها المحكمة الجنائية الدولية وقالت إن هناك علامات استفهام كبيرة تطرح حول مذكرة اعتقال الرئيس السوداني وخاصة أن المدعي العام لويس أوكامبو انتهك نصوص المحكمة ووجه تهما دون دلائل ودون تنقله إلى إقليم دارفور. وتحدثت الأستاذة أيضا عن الحصانة الممنوحة لرؤساء الدول واعتبرت أنها سابقة خطيرة في القانون الدولي أن يلاحق رئيس جمهورية وهو ما يزال يمارس مهامه، موضحة أن المحكمة الجنائية للأسف لا تستهدف سوى الدول الضعيفة وخاصة الإفريقية منها متسائلة: هل يمكن تسميتها محكمة جنائية افريقية"؟ * الأستاذة ساحلي مايا أكدت أن هذه المحكمة تنتهك سيادة الدول وطالبت بأن تقوم الدول المستهدفة باتباع ما أسمتها "دبلوماسية القوة" في التعامل مع هذه المحكمة. وانتقدت الأستاذة، وهي خبيرة لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة غياب التضامن العربي والإفريقي وطالبت بضرورة تفعيل المحاكم االوطنية والإقليمية مثل المحكمة الإفريقية والمحكمة العربية، كما ألحت على ضرورة التكوين في مجال القانون الدولي ودعت إلى التدقيق في المصطلحات التي نستعملها .. * وعن المخرج القانوني لقضية الرئيس السوداني، ترى الأستاذة ساحلي مايا أنه يمكن استدعاء جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل طلب استشارة قانونية في شرعية مذكرة اعتقال الرئيس السوداني، وتساءلت أيضا عن المانع الذي لا يجعل الدول العربية والإفريقية تنسحب من المحكمة الجنائية الدولية كنوع من الإجراء العملي. * وبدوره الأستاذ رزاق بارة، متخصص في مجال حقوق الإنسان اقترح في تدخله أن يرفع السودان دعوى ضد الدول التي كانت قد وافقت على إحالة قضية البشير على المحكمة الجنائية الدولية وهي ليست عضوا في هذه المحكمة ومن بينها الولاياتالمتحدة، كما اقترح أن تتقدم الدول العربية والإفريقية بمقترحات إلى المؤتمر الدولي المقرر عقده قريبا لمراجعة المحكمة الجنائية تدعو إلى تصحيح ما جاء به المدعي العام للمحكمة بخصوص الرئيس البشير. * أما كريم خلفان، أستاذ القانون الدولي بجامعة تيزي وزو فقد رأى القضية السودانية بمنظور آخر، حيث قال في تدخله إن العيب في الدول العربية والإفريقية لأنها غائبة ولا تساهم في تحقيق وتطوير العدالة الدولية وتساءل: هل هناك محاكم عربية يمكنها محاكمة الرؤساء؟ * *