قال الكاتب الجزائري محمد مولسهول، الشهير فنيا بياسمينة خضرة، إن اختيار شخصية العقيد القذافي لتكون محور كتابه الصادر مؤخرا عن دار «جوليار» تحت عنوان: «الليلة الأخيرة للرايس»، جاء بالدرجة الأولى بناءً على شخصية الراحل المتفرّدة، وهو ما يبحث عنه كلّ كاتب وروائي. وعن عدم ترشيحه لأي من الجوائز الأدبية قال خضرة، إن جائزته الحقيقية هي الجمهور الذي لم يتخلّ عن رواياته «رغم الإقصاء ومحاولات التشويه». «اللّيلة الأخيرة للرّايس La dernière nuit du Raïs» هو عنوان الرواية الأخيرة لياسمينة خضرة، التي صدرت منذ قرابة الشهر عن منشورات جوليار، في 216 صفحة من القطع المتوسط. هو ذا العمل الأدبي الذي ارتأى الروائي الجزائري ذي الصيت العالمي أن يطبع به الدخول الأدبي، ويبدو أنه نجح في ذلك بالنظر إلى تواجد روايته ضمن قائمة الخمسين كتابا الأكثر مبيعا في فرنسا، في انتظار معرض الجزائر الدولي للكتاب الذي بات على الأبواب. وعن هذه الرواية، قال ياسمينة خضرة في آخر حوار له لمجلة «نفحة» الإلكترونية: «كتابي عبارة عن رواية، هو ليس بحثا ولا بيوغرافيا ولا تحقيقا صحافيًا، وشخصية القذافي بدت لي شخصية تستحقّ أن تكون في قلب مشروع أدبي، فهو صورة روائية من الدّرجة الأولى». وكان الروائي قد صرّح قبل ذلك للصحافة الفرنسية أنه اختار هذه الشخصية لأنها «فرضت نفسها في المشهد العربي، وهوية يعرفها ويتابعها منذ سن السادسة عشرة». وعن المصدر الذي استقى منه معلوماته، خلال كتابته لهذه الرواية، يقول: «محمد مولسهول»: «لعلني أدين بالجزء الأكبر من الحقائق التي تعرّضت إليها في كتابي إلى شهادات من رفاق سلاح قدامى للكولونيل، تعرّفت عليهم في موسكو مطلع الثّمانينيات». أما عن تأخر صدور الرواية نسبيا، مقارنة مع الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية منذ 2011، قال خضرة إنه لا يوجد توقيت محدود للتّفكير في رواية، فالإلهام لكتابة رواية يأتي متى شاء، ويفرض علينا أن نتهيّأ له، أن نستعدّ له كما ينبغي، وإن جاء الإلهام في لحظة فجائية وعابرة، سيكون من الصّعب الإمساك به.. «أنا شخص أهتمّ بما يحصل في العالم. في هذا العالم الذي تتقاذفه الشّائعات والأخبار المضلّلة، فكلّ شيء يحدث فيه بشكل متسارع، بحيث لا يسمح لنا بالتّمعّن والتّفكير بهدوء في الأشياء التي تمرّ أمام أعيننا، ولا نستطيع تحديد رأي لنا فيها، وبالتالي، لا نستطيع تحديد منطق لنا إزاء الرّاهن»، يقول خضرة. وعن إمكانية أن يتطرق ياسمينة خضرة لشخصية جزائرية ما في رواياته القادمة، أجاب: «أنا روائي، والخيال هو أرضي. أنا أتّجه حيث يسير بي خيالي. أستطيع أن أُقارب كلّ الموضوعات، وأخرج منها منتصرًا. لقد نجحت في إقناع الملايين من القراء، عبر العالم، بقلمي، وليس بارتداء قناع أو بالتلوّن»، ليردف قائلا: إنه يميل أكثر لشخصيات فترة ما قبل الاستقلال: «فرحات عباس، مصالي الحاج، عبّان رمضان والعربي بن مهيدي.. هؤلاء هم الأبطال، أبطالي، ولن أوفيهم حقّهم لو كتبت عنهم»، يقول خضرة. وعن غياب روايته الأخيرة عن الترشيحات للجوائز الأدبية الكبرى، رغم وجودها ضمن الأعمال الأكثر مبيعا، علّق ياسمينة خضرة بالقول إن رواياته لم تدخل منذ سنوات قوائم ترشيحات الجوائز الأدبية، الكبرى منها والصّغرى، «ولكن هذا لا يمنعني من مواصلة الكتابة والاستمرار في الحلم. جائزتي هي الجمهور، الذي لم يتخلّ عن رواياتي، رغم الإقصاء، ومحاولات التّشويه من طرف البعض، تجاه شخص لم يقرؤوا له، ولم يعرفوه عن قرب. في بعض الأوساط، تصير الموهبة عذابًا، والنّجاح يتحوّل إلى هرطقة» حسب خضرة. وعن مستقبل المنطقة العربية، عبّر محمد مولسهول عن تفاؤله، وخصّ بالذكر الأشقاء في تونس، الذين «يمنحون كلّ الأسباب لنكون متفائلين، فنضالهم يعتبر نضالا مثاليا»، يقول الروائي الجزائري، مضيفا في ذات السياق: «يكفي أن نستيقظ وننتبه لحرياتنا، لقوّتنا ولتطلعاتنا، لنسيطر على أوهامنا القديمة. دعوتي للجميع هو أن نتوحّد حول قناعة مشتركة، وحول مشروع مجتمع مقنع، حينها فقط ستعجز أي قوة مستبدّة على بسط يدها».