نظمت يومية “الشعب” الصينية من 20 إلى 23 سبتمبر المنقضي ملتقى دوليا عنوانه “حزام واحد طريق واحد” بحضور أكثر من 120 عنوان إعلامي من 60 دولة منها جريدتنا “الشعب” من الجزائر. وكان الغرض من المنتدى الإعلامي مناقشة المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني شى جين بينغ منذ سنتين أثناء زيارته لبلدان آسيا الوسطى. حرص ممثلو مختلف الهيئات الرسمية، المقاطعات، الشركات والجمعيات الصينية التأكيد على البعد الاقتصادي للمبادرة التي ترافع من أجل إقامة شراكة بين مختلف الدول الواقعة على ضفاف طريق الحرير البري والبحري القديم وتقاسم الفوائد بعيدا عن اعتبارات أخرى. وقال وانغ جياروي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، أن مبادرة طريق الحرير لا تريد من ورائها الصين تغيير النظام الدولي، حماية مصالح أقلية أو توسيع نفوذ بل إقامة تعاون مع الدول الواقعة على ضفاف طريق الحرير الذي كان رمز الصداقة منذ آلاف السنين. وأن تجسيد هذا المشروع الذي انشأت من أجله الصين مبكرا البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد لدول بريكس، يمر عبر التشاور مع الدول المعنية والحوار لإزالة العقبات والعراقيل. لم يبتعد ليو يانشان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي عن هذا الطرح وقال عقب استقباله الوفد الإعلامي المشارك في المنتدى، أن هناك من لم يفهم مبادرة طريق الحرير في إشارة إلى بعض الدول المتردّدة منها الهند التي طالب إعلاميوها الحاضرون في بكين بضرورة النقاش الشفّاف حول المشروع. من جهته مدير يومية “الشعب” الصينية يانغ زهانو عاد إلى المشروع قائلا، إنه يسعى لإحياء طريق الحرير وتجديده وفق ما يتطلبه الظرف وتطلع سكان منطقة شاسعة تمتد من آسيا إلى /إفريقيا وأجزاء هامة من المعمورة. وسار ممثلو الوزارات والمقاطعات والشركات في هذا الاتجاه مبرزين أهمية المشروع الذي سيغير مجرى علاقات التعاون بين دول طريق الحرير التي بلغ حجم التعاون الصيني معها 570 مليار دولار حسب نائب وزير التجارة كيان كيمينغ. من جهتهم اهتم ممثلو الوكالات الإعلامية والعناوين الأجنبية بالمبادرة التي تطرحها الصين مطالبين بتغيير النظام الاقتصادي العالمي الذي تجاوزه الزمن ولم يعد يلبي حاجيات الدول الناشئة ويقدم حلولا للأزمات الراهنة ومثال على ذلك دخول مؤسسات برتون وودز في دوامة لم تخرج منها وتحول “الافامي” من مقرض إلى مقترض. جاءت هذه المداخلات أيضا في الو رشات الخمسة المفتوحة للنقاش التي حاولت الإجابة على جملة من الأسئلة تخصّ تحديات المشروع ورهاناته وأي دور للإعلام في إيصال الرسالة إلى سكان المنطقة بعيدا عن المغالطات والتهويل. وتمّ التركيز في النقاش على كيفية إزالة الشكوك لبعض الدول وتحفّظ البعض الآخر ومعارضته تماما المشروع قال الصينيون في ردهم على الجدل إن مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين لم يكن مجرد شعار، لكن مشروعا حيويا ليس لصاحب الفكرة فقط بل لكافة الدول بدليل شروع بكين في تجسيد الطموح بإنشاء البنك الآسيوي لاستثمارات البنية الأساسية وبنك التنمية لدول بريكس. وهي ترحب ترحب بمشاركة الجميع فى فرصة النمو ورغبة أقوى في بناء مجموعة ذات مصير مشترك. وحسب الصينيين، فإن الدول المختلفة قد لا يكون لها نفس الرؤية بالضبط أو نفس الطريق إلى تحقيقه، بسبب اختلاف التاريخ والثقافة ومرحلة التنمية، لكن جدوى المشروع وتجاوبه مع الظرف والتشاور المستمر يشجع الانخراط فيه والسير نحو تعاون متبادل الفائدة وازدهار مشترك. أظهر منتدى التعاون الإعلامي حول “حزام وطريق” مدى استمرار الصين في سياستها الوفية لمبادئ ثورتها التي تعطي الأولوية للحوار جنوب جنوب وتطالب بنظام دولي أكثر عدلا ومساواة. وتتقاطع هذه السياسة مع توجهات الجزائر التي نادت بلا توقف بدمقرطة العلاقات الدولية من خلال إقامة نظام دولي جديد تضمنه الخطاب التاريخي للرئيس الراحل هواري بومدين أمام الجمعية العامة الأممية عام 1974. وكذا خطاب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في قمة الألفية بنو يورك ومداخلاته في الموائد المستديرة وترأسه ورشة إصلاح النظام الدولي خلال الدورة الأممية عام 2000. نادت الصين تحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية، وزيادة تمثيل وصوت الدول النامية، وإعطاء جميع الدول الحق على قدم المساواة في المشاركة في وضع القواعد الدولية. وجدّد الرئيس شي التأكيد من منبر الأممالمتحدة على هذا التوجه قائلا “إن جميع الدول يجب أن تدعم النظام التجاري متعدد الأطراف، وتبني اقتصادا مفتوحا وتتقاسم فوائدها عبر التشاور المتبادل والتعاون المشترك”. ويذهب الصين إلى الأبعد في مطالبة المؤسسات الدولية بتعزيز إصلاح الحوكمة، وعلى وكالات التنمية متعدّدة الأطراف أن تزيد إمداداتها من موارد التنمية. مشروع طريق الحرير جاء بعد الحلم الصيني المعلن عام 2012، غايته النهوض بمستوى معيشة السكان وإخراجهم من حالة الفقر. وبفضل مخططاتها نجحت الصين في إخراج 439 مليون شخص من الفقر المدقع وتحولت إلى ثاني قوة اقتصادية في العالم.