ظاهرة الاعتداء على المرأة خارج البيت ليست من نسج الخيال، و إنما هي حقيقة وواقع يندى له الجبين ...فلا عجب إذن من سماع أخبار تتحدث عن رجل ضرب امراة غريبة عنه في الشارع فقدت على اثرها احدى عينيها، وآخر تسبب لأخرى عاهة مستديمة وثالث كسر لإحداهن أضراسها والقائمة طويلة حسب شهادات نساء ل «الشعب». استراتيجية الدولة ساهمت في تقليص الآفة لعل ما سجله المرصد الوطني لحقوق المرأة بشأن العنف الذي تتعرض له الجزائرية في الشارع أدل على ذلك، حيث كشفت رئيسته السيدة شائعة جعفري ل «الشعب» أن الهيئة التي تشرف عليها سجلت 1960 حالة اعتداء في الشارع عبر الوطن سنة 2014، مؤكدة في سياق حديثها بأن النساء أصبحن أكثر وعيا بحقوقهن، ما جعلهن يرفعن شكاوي أمام المحاكم على خلاف ما كان عليه الأمر سابقا. واستطردت قائلة: «بصفة عامة يحدث العنف في الأماكن العمومية ومرتكبوه هم غالبا من أبناء الحي أو رجال غبرباء عن الضحية، غير أنّه بالنسبة للحالات الأخرى، فإن دوافع الإعتداء تتصدرها المشاكل العائلية ب 4113، يليها سوء التفاهم مع الأزواج، الإخوة ورجال غرباء عنهن ب 2406، والمضايقات الجنسية ب 210 حالة». وقالت السيدة جعفري إن الأرقام المرتبطة بالعنف ضد المرأة في الجزائر قد تراجعت بفعل عمليات التحسيس، مسجلة 6985 حالة عام 2014، بدل 5 آلاف سنة 2013. ويعود الفضل على حدّ قول رئيسة المرصد الوطني لحقوق المرأة إلى الاستيراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة في الجزائر والآليات الفعالة التي وضعتها الدولة للتصدي لها، مشيرة إلى أن بعض المنظمات غير الحكومية تقدم أرقاما غير صحيحة عن ظاهرة العنف بتضخيم الأرقام. وتمييع هذه الظاهرة التي استفحلت بقوة في بلدانهم، حيث تتعرض امرأة من مجموع خمس نساء و يوميا للعنف المؤدي للوفاة في أمريكا ...مضيفة ان الأرقام في دول الاتحاد الأوروبي تثير الهلع وبلغ العدد في آسيا 31 مليون امرأة تعرضت للعنف مقابل 14 مليون في افريقيا. وأثنت السيدة جعفري على المادة المعدلة في قانون العقوبات، فبعد أن كان منحصرا على العنف بين الأزواج، توسّع اطاره الى العنف المرتكب في الشارع بما فيه التحرش الجنسي والاعتداء اللفظي ضد المرأة في الشارع. الأسرة ...المسؤولة الأولى من جهتها أكدت الأخصائية النفسانية في شبكة وسيلة المهتمة بشؤون المرأة السيدة «سهيلة لفقي» ل «الشعب» أنها ساهمت في نجدة للعديد من النساء اللائي تعرضن للعنف سواء الزوجي أو الاجتماعي أو العنف خارج البيت وذلك من خلال خلايا الإصغاء التي تقدم حلولا لهن. الجو العائلي والعلاقة السائدة داخل الأسرة كما أشارت إليه سهيلة لفقي لهما دورا هاما وتأثيرا فعالا في سلوكات الابناء، خاصة وان الواقع المعيشي يكشف لنا ان تفضيل الذكور على الاناث يعمّق ويعقد الاشكالية اكثر، وان مثل هذه الذهنيات السلبية خاصة في بعض المناطق من الوطن تشجع على اهانة البنت وممارسة العنف ضدها حتى وإن كان ذلك خارج البيت وأكّدت سهيلة لفقي في سياق حديثها انه طالما ان العقلية التي تربى عليها الذكر تنحصر في انصياع الانثى وخضوعها التام لأوامره، وعند خروج هذا الأخير إلى الشارع يصطدم بالواقع ويلجأ الى ممارسة العنف على المرأة و الفتاة حتى و لو كانت غريبة عنه .... ويبقى ديننا الحنيف أحسن رادع للظاهرة، وأن العمل بتعاليمه يحول دون بروز مثل هذه الآفات الخطيرة التي تهدّد استقرار المجتمع وتنسف قيمه.