الدعوة لاجتماع عاجل للمجلس الأعلى للطاقة توقع نورالدين آيت الحسين وزير الطاقة الأسبق في عقد التسعينيات من القرن الماضي، أن تنتعش أسعار برميل النفط في عام 2017، لكن ليس بمستويات قياسية، وشرط أن يتحقق في السوق توازن فعلي بين العرض والطلب، مراهنا في الظرف الحالي على قدرة دول منظمة «الأوبيب» على لعب دور يؤثر في تصحيح معادلة الأسعار إذا تم التنسيق الجيد فيما بينها، ورافع عن ضرورة اجتماع المجلس الأعلى للطاقة لخصوصية الوضع الطاقوي الراهن وبروز عديد المؤشرات الجديدة. قام نورالدين آيت الحسين، المستشار الدولي في قضايا الطاقة وزير الطاقة السابق، في محاضرة ألقاها أمام طلبة المدرسة العليا للتجارة بالقليعة، بتشخيص دقيق لحصيلة الصناعة البترولية في الجزائر منذ الاستقلال، مرورا بتأميم المحروقات وكذا الأزمة النفطية في ثمانينيات القرن الماضي، ووقف بعدها على ما أطلق عليه «أزمة 1998»، ثم تطرّق إلى قانون المحروقات والتوجه نحو استغلال الطاقات المتجددة والغاز الصخري وأنهى مداخلته بأزمة أسعار النفط التي تشهدها الأسواق في الظرف الحالي، إلى جانب التحديات التي تواجهها الجزائر، مقترحا سلسلة من الحلول التي يمكن تبنّيها، لكن كل ذلك، بحسبه، لن يثمر في القريب العاجل. وحمل تشريح الوزير السابق، عدة حقائق، من بينها استغلال الجزائر إلى حدّ اليوم ما لا يقل عن ثلثي احتياطاتها النفطية و50 من المائة من احتياطاتها الغازية. ويعتقد آيت الحسين، أن النقاش الجديد يتمحور حول ضرورة إصلاح جميع القطاعات من أجل تحقيق التطور وتكريس العدالة الاجتماعية. ومن بين التحديات التي تطرق إليها، مدى القدرة على التحديد الدقيق لأفضل الثروات المتاحة، والتحكم في الاستهلاك المحلي من خلال كبح التبذير والتهريب. على صعيد الطاقات المتجددة التي يرى الخبير الحالي والوزير السابق أنها تلعب دورا رئيسيا في عملية الإنتاج، فالإنتاج بلغة الأرقام التي قدمها قفز من 100 ميغاواط إلى 1800 ميغاواط في 2014، بنسبة نمو سنوية تناهز 6 من المائة. وتحدث آيت الحسين عن أهمية التوجه نحو الطاقات المتجددة القادرة على تعزيز الاحتياطات الطاقوية المتوفرة مع السير نحو تنويع الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال، وتركيز بحث الكفاءات على الطاقات المتجددة واستحداث مناصب الشغل، مقدرا نسبة البطالة وسط فئة الشباب بما يناهز 25 من المائة. وكون الطاقات المتجددة تفتح فرصا كبيرة لإنشاء مناصب الشغل، لأنه يرتقب أن يتمكن هذا القطاع لوحده في العالم عام 2030 أن يستحدث 20 مليون منصب، بينما يقدر، اليوم، عدد المناصب المستحدثة به ب6.5 ملايين منصب شغل. في الشق المتعلق بثقل الأوبيب في تصحيح معادلة الأسعار، لم يخف الخبير آيت الحسين أن الدول الأكثر إنتاجا داخل منظمة الأوبيب يمكنها تحقيق التوازن. ويرى أنه يجب على جميع دول هذه المنظمة النفطية، أن تلتزم مع بعضها في مسار طويل، والجزائر كذلك بدورها يجب أن تنخرط في كل ما من شأنه أن يدافع عن مصالحها. ومن الفرضيات الفعالة والقابلة للتجسيد ولديها آثار إيجابية، التنسيق والعمل مع الدول المنتجة داخل وخارج الأوبيب لتجنّب خطر الصدمة. وبدا المستشار الدولي في قضايا الطاقة مقتنعا بضرورة السير نحو تقليص الإنتاج، وفي حال توازن العرض والطلب يمكن أن تسجل الأسعار انتعاشا في 2017، لكن في حال عدم تحقق ذلك، فيستحيل تجسيد الهدف المنشود، وربما نحتاج إلى سنة أخرى أو سنتين. علما أن الأسعار مهما عاودت الارتفاع لن تعود لتبلغ مستويات عالية، كالتي شهدتها في العشرية السابقة.