استعرض سفير دولة فلسطينبالجزائر لؤي عيسى، في هذا الحوار الذي خص به «الشعب» الوضعية المؤلمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في القدسوغزة، بسبب تصاعد الآلة الصهيونية والحصار الخانق، متأسفا عن الوضع العربي المتردي الذي أثر على القضية الفلسطينية، مؤكدا أن تشكيل حكومة وحدة وطنية تبقى المشكل ويسعون لتوحيد أداة النضال الفلسطيني، منوّها بدور الجزائر ودعمها اللامشروط في دعم القضية، مما زرع الأمل في نفوس الشعب الفلسطيني ليكون أكثر صلابة في مجابهة العدو الصهيوني. الشعب: يعيش الشعب الفلسطيني ظروفا صعبة في ظل سياسة الاحتلال الاسرائيلي وما يجري في دول الجوار، كيف ترون الدعم المادي والدبلوماسي للجزائر في هذه المرحلة؟ سفير دولة فلسطين عيسى لؤي: موقف الجزائر من القضية الفلسطينية مبدئي وثابت عبر الزمن. كل رؤساء الجزائر كانوا على خطاب واحد: «مع فسلطين ظالمة ومظلومة، مع فلسطين في السراء والضراء.» موقف واحد ثابت جدد التأكيد عليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. لا ننسى أن الجزائر تحدّت كل العالم وقالت على لسان الرئيس بوتفليقة في فترة أصبح الوقوف إلى جانب فلسطين تهمة قائلا: «كنا ومازلنا مع فلسطين جاهزين لدفع الثمن»، هذا الكلام تحدٍ وفيه إرادة سياسية اقتصادية، دينية عربية فردية، لكن نعبر عنه بأشكال عملية، حتى يكون شعبنا مستمر في مجابهة العدو من حالة الحصار والتفتيت الذي نعيش فيها. عندما يقول لي الوزير الأول عبد المالك سلال أن فلسطين أصبحت تعيش في جينات وموّرثات الشعب الجزائري، نحن نحكي على شعب واحد وقضية واحدة، تسري في عروق الجزائريين، منهم من يشعر أنه عاجز عن تقديم شيء لها، فهي تشكل قسمة مشتركة لكل قوى الجزائر، صغيرة وكبيرة خاصة بما تملك الجزائر من رصيد نضالي جهادي قدمت فيه ملايين الشهداء، وقدمت مبكرا الربيع العربي فيما يسمى «العشرية السوداء». وما شكلت من حصانة محددة لدى الشعب في هذا الموضوع، بحيث أصبح يفكر في فلسطين بشكل جماعي، نحن نقدره ونقول نحن معا في مركب واحد لتحقيق ما نشاء لأمتنا المفتتة والنائمة التي لا تعرف خوض صراعاتها وتستغل ثرواتها، نحن نملك الكثير ثقافيا واقتصاديا ونملك من الإرادة، لذلك الجزائر تقف خلف فلسطين تساعدها على البقاء معنويا وغير معنويا. كيف هي العلاقات الجزائريةالفلسطينية في المجالات الأخرى اقتصاديا وتجاريا على ضوء مشاركة دولة فلسطين في عديد التظاهرات الاقتصادية بالجزائر، هل هناك اتفاقات؟ إلى حد الآن لا يوجد لدينا حالة عملية من الاتفاقيات، لكن يوجد حوارات وتصورات قدمت ونحن على أبواب انتظار وفود تأتي لمناقشة هذه القضايا بأشكالها المختلفة، لدينا زيارة لدولة رئيس الوزراء مع وفد عالي المستوى قريبا لدينا اللجنة المشتركة العليا من المفروض أن تجتمع لمناقشة كل هذه القضايا. الجزائر قدّمت تسهيلات جمركية واستثناءات لفلسطين في كافة المعارض، لإنجاح المشاركة الفلسطينية وفي معرض السياحة كذلك، كما أن الوزير الأول عبد المالك سلال أعطى تعليمات لشراء كل ما يتبقى من السلع الفلسطينية وألا تعود تلك السلع إلى فلسطين، وبالفعل هذا ما حصل، لأنه كان مشكل، كيف تعود هذه السلع خاصة أسعارها عالية بالقياس للمشاركين الآخرين. حقيقة نطمح أن تكون هناك شراكة جزائرية فلسطينية، لتنفيذ تعليمات الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة في موضوع الشكل الاقتصادي الذي تتبناه الجزائر لنفسها، وألا يقتصر على البترول وهو الشكل الأساسي الذي يعتمد عليه، بما أنعم الله عليها في مجال السياحة، الصيد البحري والزراعة، لدينا خبرات مهمة في هذا المجال نستطيع المشاركة فيها. نأمل أن نستطيع بلورته بشكل ايجابي، بما لا يتناقض مع الحالة القانونية والمخطط الجزائري في هذا المجال، خاصة نعتبر الجزائر امتدادا لفلسطين، نأمل أن يتم إعادة قرار إعفاء البضائع الفلسطينية من كافة الجمارك، وهذا الكلام مهم جدا بالنسبة لنا يساهم في تسويق البضائع الفلسطينية في الجزائر، خاصة قد تكون الجزائر بحاجة إليها، وهذا كلام يساعدنا كثيرا ممكن يقلل من البطالة في حالة كان الطلب على سلع محدودة، ويزيد من الدخل في فلسطين، نحن طموحين ليكون لنا دورا في المشروع الذي قدمه الرئيس لجزائر المستقبل التي تتوفر على إمكانيات هائلة على المستوى الزراعي أو الصيد البحري، أو السياحي أو الصناعي. الحصار زادنا نضالاً ومقاومة الحصار على فلسطين مستمر أمام صمت العالم والقدس الجريحة تتهوّد وغزة تئن تحت الاحتلال؟ ماهي انعكاسات هذا الحصار؟ الحصار الذي نعاني منه ليس جديدا، نحن أصبحنا متأقلمين مع حالة الحصار بكل أنواعه سواء كان حصار من قبل العدو أو القوى الدولية أو الإقليمية، أو حتى نتيجة الفوضى الخلاقة والفتن التي انعكست بمزيد من الحصار بسبب الأوضاع العربية وآلياتها، ومن ثم بعض القضايا الداخلية واستشراس المخطط الصهيوني، ضمن رؤيته أن له الوقت المناسب لتنفيذ مشروعه الاستيراتيجي سواء بتهويد الأرض أو السيطرة على المسجد الأقصى، أو بكسر الإرادة الفلسطينية. لذلك ضمن هذه الحالة يشتد الحصار بأشكاله المختلفة فعلى سبيل المثال، في غزة حيث من المفروض أن يقوم العدو الصهيوني بفتح ست معابر بحكم أنه دولة احتلال، مازالت غزة محتلة جوا وبحرا وبرا والألم فيها عالٍ، وكذا بحكم أن هناك منطقة محرمة تمتد لمسافة 300 متر داخل الأراضي الصغيرة في غزة، وبالتالي ضمن هذه الحالة فالعدو الصهيوني يزيد من حصاره، ويفتح معبرا واحد فقط هو معبر «كرم أبو سالم» لإدخال البضائع. مما يزيد من ألمنا في الحصار هو خلافاتنا الداخلية العربية والفلسطينية والتي في بعض الأحيان يعزو الحصار إلى الانقسام الفلسطيني والحالة العربية، والتشابك على الحدود بين غزة وسيناء. لكن نعتبر أن الحصار المفروض على غزة، هو حصار نتيجة الصراع مع العدو الصهيوني من أجل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وبالتالي العدو يمارس كل ما يستطيع لمحاولة إسقاط هذا المشروع عبر فصل غزة عن الضفة وعبر زيادة الألم والقتل، فخلال فترة صغيرة كان هناك ثلاث مرات عدوان على شعبنا والخسائر كانت فادحة والى الآن لازلنا نعاني، لكن نحن «عايشين» وموجودين ومقاومين وثابتين، أما في القدس فالصراع يأخذ أشكال أخرى باعتبار أنه عاصمة فلسطين، وبالنسبة لنا لن نقبل بأي شكل من الأشكال دولة فلسطين دون عاصمتها القدس، ولن نقبل بالمقابل أن تكون دولة من دون غزة، ردا على بعض الأقاويل. الحصار العام الذي له علاقة في كل شيء اقتصادي، صناعي، زراعي، منع انتقال البضائع من غزة إلى الضفة والعكس صحيح، منع إنشاء صناعات فلسطينية نظرا لتوفرنا على إمكانيات هائلة من الخبرة الفلسطينية على كافة المستويات التقنية والزراعية والصناعية، وهم في صراع مع الاحتلال عالٍ الوتيرة ونحن نخوض صراع اقتصادي وبأشكال مختلفة ليكون لدينا آليات أخرى نستطيع الاعتماد عليها، أثناء تشابكنا مع الاحتلال ضمن الانكفاء العربي عن دعم ما يلزم للحال الفلسطيني، فلابد من الاعتماد على الذات لإيجاد آليات محددة صناعية أو زراعية أو تقنية في هذا الموضوع. يجري تهويد القدس في ظل صمت وانشغال الرأي العام العربي والاسلامي، ماذا يجري في الميدان؟ القدس محاصرة والدخول إليها وكأنك داخل إلى دولة أخرى ومسدودة من كافة المنافذ، إضافة إلى الجدار العازل الموجود حولها وداخلها، عملية تهويد تتم بآليتين الأولى بالاستيلاء على المنازل أو هدمها أو بمنع بناء منازل فلسطينية جديدة والاستيلاء على الأراضي بأكبر قدر ممكن، وثانيا عملية الديمغرافية بتهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من القدس إلى خارج الحدود، وإدخال أكبر عدد من الصهاينة داخل حدود المدينة، نستطيع القول أنهم نجحوا من خلال الجدار العازل في إبعاد 150 ألف فلسطيني من القدس وإضافة 2 ألف صهيوني، علاوة على عملية الإبعاد التي تتم عبر مسميات قانونية وغير قانونية، أو عملية سحب الهويات بقيود. ففي داخل القدس فيه معركة على كل المستويات، بين المناهج التعليمية الصهيونية توجد معركة حول العمل أي البطالة وحول مسألة محاولة تسويق المخدرات وإسقاط الشباب، إغلاق بعض المقرات الرسمية كي لا يكون هناك أي رمز من الرموز الفلسطينية داخل المدينة، والمعركة الأساسية هي معركة المسجد الأقصى، لديهم قرار ويسيرون في تطبيقه ضمن الحالة الدولية والعربية في محاولة تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا وأيضا في محاولة هدم قبة الصخرة. يعتقد العدو أن تحتها يوجد هيكل سليمان عليه السلام، وهم يسيرون قدما في هذا الموضوع ضمن عملية الحفر في المسجد الأقصى، وضمن عملية الاقتحامات وغيره من المسائل، لكن الوعي الفلسطيني دائما يأتي للدفاع عن المسجد سواء من غزة أو الضفة أو المناطق الأخرى، إضافة إلى الهبة الفلسطينية التي تقوم في الدفاع عن هذه المناطق ومحاولة أن يكون لديها آلية صراع أساسية. حكومة الوحدة الوطنية صمّام أمان ضد «الفوضى الخلاقة» في ظل هذا الوضع، كيف التحضير لتشكيل حكومة وحدة وطنية؟ هذا الكلام مؤلم جدا، لأنه من المفروض أننا في الثورة الفلسطينية ليس لدينا شيء نسعى إليه إلا تحرير فلسطين، وضمن هذا الموضوع نحن نحمل أمانات الأمة العربية والإسلامية، نحمل على أعناقنا التخصص في مجابهة العدو الصهيوني، وأن لا يكون لدينا تخصص آخر أو نستجيب إلى ما يحاول الآخرون جذبنا إليه من صراعات إقليمية، دولية أو داخلية أو حزبية خاصة ضمن الفوضى الخلاقة ضمن عملية الفتن التي لفتت الانتباه عن القضية الفلسطينية، التي اعتبرتها الجزائر تاريخيا أنها لب الصراع وأن الابتعاد عنها سيسقط الأمة كلها في مشاكل الداخلية، للأسف أننا لأسباب مختلفة وانعكاسات خارجية مختلفة وقعنا في» جريمة الانقسام الفلسطيني»، التي نعتبرها تشكل حالة عار فلسطيني أمام أمتنا العربية والإسلامية. حاولنا الكثير لردء الصدع، والوصول إلى آليات تعيد الأمور إلى نصابها بعيدا عن أي مفاهيم حزبية أو فصائلية وعلى الأرضية الديمقراطية والانتخابية وإتاحة الفرصة في هذا المجال، لكن للأسف بالرغم مما جرى من اتفاقيات في مكة، القاهرة وصنعاء والكثير من العواصم، إضافة إلى ما تم التوقيع عليه فكلما وصلنا إلى نقطة نعود إلى البداية تحت حجج واهية لا تقنع المواطن العربي أو المسلم حولها، لأن الذي يقتنع أن معركتنا من أجل إزالة الاحتلال، وأنه لا يجب أن تشغل الفلسطيني شيئا إلا كيف يستطيع أن يقاوم بعيدا عن مفاهيم هنا وهناك. ما عرض في الفترة الأخيرة من قضايا مختلفة في المجلس المركزي الفلسطيني، الذي أخذ قرارات حاسمة في مجابهة العدو الصهيوني، حقيقة تنفيذها يستدعي بالدرجة الأولى وجود وحدة وطنية فلسطينية لأن ثمنها سيكون عالٍ، خاصة ضمن الوضع العربي المهترئ، لم نستطع تطبيقها حاولنا كثيرا أن يكون هناك عناوين أساسية منها حكومة وحدة وطنية، يشارك فيها كل الفصائل الوطنية الفلسطينية من أجل دخول هذه المعركة المصيرية مع الاحتلال، ويتم تجاوز فيها الكثير من المسائل النسبية حول قصة نصيب كل فصيل، خاصة أن حكومة الوحدة الوطنية مطلوب منها إجراء انتخابات لاسيما وأن الجو الفلسطيني يقبل أي حكومة تأتي و لا يوجد مانع لديه، إن قاد المركب الفلسطيني حماس، أو فتح أو أي فصيل آخر. الآن المشكل هو في توحيد أداة النضال الفلسطيني، سواء برامجيا لا يجوز أن يكون هناك تعدد سلطات تؤدي إلى إسقاط المشروع برمته لدينا أزمة حقيقة، إلى الآن لم نستطع التجاوب لها أو تشكيل حكومة وحدة وطنية بالرغم من الزيارات المكوكية بين القاهرةوالدوحة، أيضا دعونا المجلس الوطني الفلسطيني من أجل انتخاب قيادة جديدة لمنظمة التحرير تفّعل آلياتها وظروفها، نريد عقدها في فلسطين ولو عقدناها خارج فلسطين، نشك أن الكثير من الدول ترفض تحمل هذا العبء أيضا في ما يخص عقد المجلس الوطني على أراضيها. لذلك لا يوجد جديد في موضوع الوحدة الوطنية، يوجد تصور أن تقوم هذه الوحدة بإجراء انتخابات وعقد مجلس وطني، أيضا المسألة متوقفة على أرضية تجاوب حركة حماس على هذا الموضوع، فيه وفد من المفروض أن يتوجه إلى الدوحة، كلنا نأمل أن نستطيع الخروج من هذه المتاهة بعيدا عن الحسابات الفصائلية الضيقة لأنه شيء مخزي أن نقول نحن مختلفين، يجب أن نفكر في كيفية تحرير فلسطين وهو الأجدى في الوقت الراهن. لكن الشيء المفرح هو شعبنا الفلسطيني العظيم، الذي تجاوز كل الفصائل ونزل على الأرض بهبة جماهيرية ومقاومة لا يفرق فيها بين فصيل وآخر، وإنما هبة الشعب الفلسطيني في مجابهة العدو، أول من شبّهها بأنها أداة واحدة هو الزعيم الراحل هواري بومدين لما قال للشباب الجزائري حين كانوا مختلفين ببعض الانتماءات الإيديولوجية: «لا أريدكم أن تكونوا يمنيين أو يساريين أريدكم أن تكونوا فلسطينيين»، فأعطى الفلسطينية حالة كاملة في المجابهة، هي حالة إيديولوجية وجسم مقاوم للاحتلال بغض النظر عن تبايناته الداخلية. إلى أي مدى تأثرت القضية الفلسطينية بما يسمى «الربيع العربي»؟ لا أدري ما أقول، بكل أمانة وإخلاص القلب مدمى والعقل مشتّت وبعض الأحيان لا يصدق الإنسان ماذا يرى من هذا الانحدار الفكري والعمل الإيديولوجي، وتوظيف طاقات أمتنا وأحزابها وأفكارها في قضايا عبثية تقتل نفس أفكار الحزب، وتشتتها كما أنها تقتل نفس القطر وتسقط كل صراعاتنا الأساسية، وتختلط القضايا فيما بعضها البعض إلى درجة أنك في النهاية لا تعرف من هو الصديق، مع أنك تاريخيا تعرف من هو العدو. تستغرب إلى أن قيادتنا بكل أنواعها كيف ترضى أن تدخل في صراعات عبثية، أو تكون جزء من تحالفات مع أناس لا يمكن أن يكونوا مع عزة الأمة، وديننا وكرامة شعوبنا، أنت لا تصدقي ما جرى، ترين كيف تقتل الناس وكيف تتحالف وتفكك تحالفاتها على مستوانا وعلى المستوى الخارجي، وكيف تتحالف مع قوى أخرى، سايكس بيكو يتكرر فالدول التي قسمتنا هي نفسها من ترعانا اليوم، في عملية استقطاب يمني ويساري، لكن سيؤدي بالنتيجة إلى تقسيم وإسقاط قضايانا المركزية والأساسية إلى درجة أن المواطن العربي والمسلم لا يعرف ماذا يريد وأين يذهب. ترى الاحتياجات الأوروبية للعقول العربية، آخر اتفاق تم بين تركيا والأوروبيين هو أنه من حق أوروبا أن تختار من تشاء، ليس معقول أن نقاتل بعضنا ونذهب للعلاج عند عدونا، هذا ما جعل العدو الصهيوني يقول أنه ليس صحيحا ما يقال أن فلسطين هي مشكلة الشرق الأوسط وأن حلها سوف يحل المشكلة ويكون هناك سلام واستقرار في المنطقة، وحسب العدو أن الفلسطينيين إرهابيين يحاولون إنهاء دولة إسرائيل، إذا قذفنا العدو بحجر نصبح إرهابيين. مقابلة رياضية تاريخية بالتأكيد سيكون هناك تأثر كبير للقضية الفلسطينية، لكنها لن تغيب عن الوعي، عندما تحرك الحالة الفلسطينية تحرك الأصل في الموضوع، لما نزل 80 ألف جزائري وهتفوا لفلسطين الشهداء في ملعب كرة القدم، لاحظي ردود الأفعال التي حصلت في منطقته الأولى في كل المنطقة العربية كيف زعماء العرب والجماهير والأحزاب الذين تذكروا ماذا يعملون، والساحة الثانية هي إعطاء لحالة الإحباط والوضع الفلسطيني الصعب الذي يتقاتلون فيه لوحدهم، هذا الأمل من الدعم لبلد عربي وهو الجزائر و نأمل أن تظل مرفوعة الرأس ، موحدة بجيشها وقيادتها ومعادلاتها. ارتفعت معنويات الفلسطيني وأصبحت أكثر صلابة بموقف الشعب الجزائري، وأصبح عندنا اسم جديد لبناتنا اسمه «الجزائر» وأعلام الجزائر ترفرف في كل مكان، تعطي لنا دعما وحالة من حالات المحبة ورفع الأمل، لدينا إرادتنا وإيماننا بحتمية النصر وعدالة قضيتنا، الذي علمتنا إياه قيادتنا من أبو عمار إلى أبو جهاد لأبو الهول، لأبو إياد، وتتركنا لا نخشى شيئا لذلك نسمات مثل هذه يعطينا القوة، نحن متأسفين جدا للحالة العربية والشتات والبعد عن القضايا العربية. في النهاية لا حل بدون فلسطين كما قال الراحل هواري بومدين: «فلسطين الاسمنت التي توحد أطراف الأمة أو الديناميت التي تفجرها»، العرب لم يصدقوا هذا الكلام لكن العدو ظل يسمع هذه المقولة سنوات ويعمل عليها، وبالفعل تمكن من تفتيت الأمة العربية، التي اهتمت بالقضايا البسيطة فتفجّرنا على سني وشيعي، إخوان مسلمين، علويين، حوثيين، أكراد ودروز، و داعش، الغرب انتهى من المشرق والآن يتجه نحو المغرب العربي، ونحن نحذّر الحركة الدائرية التي تزحف نحو المغرب العربي يجب أن نكون حذرين وواعين، لأنهم استوفوا قضاياهم بقرار وقف إطلاق النار في سوريا، لسنا أصحاب قرار التفاصيل الكبرى لهم أما التفاصيل الصغيرة لنا. لذلك نحن متأثرون ومتألمون، لكن نبقى صامدين نقاتل العدو الصهيوني بما نملك من إمكانيات وأوضاع محددة، ونظل نذكر الأمة العربية بمعركتها الأساسية، لعلى وعسى تصل هذا الصرخات والمعارك والآليات الجديدة للصراع، إلى إسماع أنظمتنا وأحزابنا للعودة إلى نقطة الصراع الأساسي وهو تحرير فلسطين. يلاحظ تراجع في مسار المطالب بتطبيق قرارات الشرعية الدولية (القرار 242)، لماذا وكيف يمكن إنعاش هذا الملف؟ ^نحن نؤمن أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ونؤمن أن الدنيا مصالح، ولا يوجد صداقات لكن للأسف أمتنا كل يوم تفقد رقم أوراق القوة ولا تتقن إدارة لعبة المصالح، بما تملك من قضايا بالعكس أصبح نقمة عليها مثل قصة البترول، بأدائنا السيئ، مثلما جرى لنا سنة 1973، لذلك نرى أنه يجب معرفة فرض قضايا ضمن مجموعة من مقومات القوة التي لم تعد الدبابات والطائرات، وإنما معرفة كيفية استخدامها، أو استعمال الأوراق الأخرى، نحن كفلسطينيين نحاول أن نخوض آلياتنا بإبداعاتنا الجديدة. العدو الصهيوني عمل على اختراق الأمة العربية، ونحن استطعنا القيام باختراق في أصدقاء العدو الصهيوني، و استخدام لعبة القانون الدولي الذي وجد لخدمة مصالح محددة، نحاول تجميع أوراقنا بشكل جيد كي نستطيع الولوج إلى داخل مركز القرار لمنع التلاعب، نحاول إتقان دخول معركتنا في المحافل الدولية، المكان الذي تذهبين إليه يجب أن تعرفي قوانينه وظروفه، نحن نتابع ونعرف كيف نسير يمكن أن نتابع العدو على المستوى الفردي، أو على مستوى الجماعات. في الأممالمتحدة لدينا أكثر من آلية، مؤخرا في مجلس حقوق الإنسان تحصلنا على أربع قرارات لصالح فلسطين، وبصمة الجزائر كانت فيها بحضور وفد ضخم، الذي قبل مغادرته أخذ مجموعة من الوثائق والإحصائيات وراحوا مقاتلين من أجل قضية فلسطين، لدينا معركة في مجلس الأمن والجمعية العامة تخوضها اتجاهات. هنا تأتي المبادرة الفرنسية التي تحاول أن تتقدم أو تنفلت قليلا من النفوذ الأمريكي، والمشروع الفرنسي الآن الذي هو الدعوة إلى مؤتمر دولي على أساس أن يشكل دعم دولي أكبر من رباعية دولية وتجتمع وتأخذ قرارات لوحدها ومن ثمة تدعو الطرف الفلسطيني والإسرائيلي، هذه محاولة فرنسية محمودة لو أننا نرى أن الضغط الأمريكي أكبر عليها. هناك بعض المحللين يقولون أن الانتفاضة أوقفت الكثير من محاولات الاحتلال لفرض التقسيم الزماني والمكاني لمدينة القدسالمحتلة، ما تعليقكم؟ أولا هذه ليست انتفاضة بل هبّة شعبية الانتفاضة، هي حال من حالات الصراع الشمولي عملية اشتباك مع الاحتلال مثلما حصل في الانتفاضة الأولى أو الثانية، نحن حريصون أن لا تكون انتفاضة، لأننا غير قادرين على تمويلها، في ظل الوضع العربي السيئ والخلاف الفلسطيني لذلك نحن نسميها هبة، بمعنى في الوقت الذي نقوم باشتباك نكون حريصين على أن يأخذ الطرف الفلسطيني دوره من مدارس وزارات، مصانع، مزارع كي يمكن تغطية قضايانا، نفكر في توفير الذخيرة والإمكانيات وفي نفس الوقت اشتباك مع العدو وهي إبداعية، الجديد في الصراع يأتي من فلسطين، من يدفع التزاماته بشكل دوري هي الجزائر والسعودية فقط. سنلجأ للقرارات الأساسية التي يتلقفها الشعب الفلسطيني، الذي تحرك على أرضية وضعها أبو مازن وهو لا يوجد تسوية، والمسجد الأقصى في خطر، لذلك نزل الشعب على الأرض في هبة واحدة وقام بالاشتباك مع العدو في مدن يافة، الخليل، غزة، نابلس، تل أبيب والقدس، فقدم آلية غير قادر العدو الصهيوني عليها. كانت هناك حالة جديدة لإرباك العدو الصهيوني، للتعبير عن وجودهم وقضيتهم. لكن للأسف الحالة العربية والدولية تضعف الحالة الفلسطينية قليلا من حيث أن العدو ما زال يمشي قدما في تهويده ومصادرة الأراضي وقمع الفلسطينيين وإتباع قاعدة أن الذي لم يتحقق بالعنف يتحقق بمزيد من العنف. لا أحد يقتلعنا من أرضنا نؤمن بحتمية النصر والدفاع عن الأمة النائمة والصاحية، فلسطين ليست للبيع ولسنا ورقة في يد دولة دون أخرى، نحن ندافع عن مشروع ديننا وأمتنا العربية ومشروع الأمن القومي العربي الذي سقط، لكن ما يجري على الأرض من قبل معظم الناس مخالف لهذه المسألة. 7 ألاف أسير في السجون الإسرائيلية تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية من أكبر القضايا الإنسانية والسياسية والقانونية في العصر الحديث، إلى أين وصلت المساعي والمفاوضات في هذا الشأن ؟ وكم عدد المعتقلين؟ للأسف، لا توجد مفاوضات ضمن الهيمنة الصهيونية الدولية والحالة العربية، أصبحنا متروكين للعدو الصهيوني يصدر ما يشاء من القوانين والقضايا المختلفة، مؤخرا أعدموا جريحا، لهذه الدرجة وصلت المهانة وإطلاق اليد الإسرائيلية في التعاطي معنا و محاكمة الأطفال، الأسرى يعانون من خلال تعذيبهم لأخذ منهم اعترافات وممنوع زيارتهم ومعالجتهم، العالم كله صامت وكأننا لا نعيش في القرن الواحد والعشرين ولا ننتمي إلى العرق البشري، الفلسطينيين، متروكين إلا عندما يحتاجونهم ليكونوا ورقة في صراعاتهم الإقليمية، لكن نحن لا ننسى أمتنا وديننا ندافع عن كل الناس من المحيط إلى الخليج. عدد الذين اعتقلوا حوالي ثلث الشعب الفلسطيني، لكن الموجودين في السجون في حدود 7 آلاف أسير منهم أطفال ونساء، الأطفال في زيادة وأوضاعهم صعبة، الأسرى لديهم أسر، كيف يمكن تلبية احتياجاتهم و18 ألف جريح، أين سيتم معالجتهم، وأحد الأسباب الأساسية لإيقافنا للمفاوضات هم الأسرى، لأن فيه اتفاق والتزامات دولية وتحديدا أمريكية لإطلاق سراح حوالي 30 أسيرا موجودين في سجون الاحتلال منذ أكثر من 25 سنة، لما رفض الإسرائيليون إطلاق سراحهم اعتبره الرئيس أبو مازن خللا للاتفاقية والالتزامات فأوقف المفاوضات، والآن أحد الشروط الأساسية في المفاوضات هي إطلاق سراح هذه الدفعة حوالي 30 أو 26 أسير معظمهم من العرب ومن فلسطين 1948.